نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    كيف اشتعلت نار الحرب "الكامنة" في الفاشر؟    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    حسن الذي عرّف كويلو بمصر    ليلى علوى توشك على الانتهاء من "المستريحة" وتواصل "جوازة توكسيك"    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الدوري الخيار الامثل    عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفارقات التى شهدها السودان لا يصدقها العقل
نشر في حريات يوم 22 - 04 - 2013


[[email protected]]
متسول اعطيته ما يساوى مرتبى لثلاثة سنوات فقذفه فى وجهى غاضبا..
وزير سلموه مرتبه 140جنيها عام 64 قال مسكين شعب حياكل كيف..
ضحيت بخروف باربعة جنيه قديم فى عام 68وبالف جنيه جديد (مليون قديم) فى ..2012
حلقة -1-
التغيير والتطور سنة الحياة ولكن ما شهده السودان من تحول فى خمسة و ستين عاما لايقبله منطق ويفترض الا يصدقه عقل ولكنه حدث فى السودان
فالتحول الذى شهده السودان فى مختلف مناحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية انما هو نتاج مباشر لاخفاق الحكم الوطنى ولعل ما دفعنى لتناول هذا الموضوع الذى اعتبره دراميا بل ميلودراما كوميدية بكل المقاييس طالما انه مضحك ومبكى فى وقت واحد فلقد دفعنى له اننى كنت استعيد مشوار حياتى وقد يلغت من العمر 74 عاما تسعة سنوات منها لم اكن المس فيها ماحولى حيث كنت طفلا ثم صبيا ولكن يالها من مفارقات لايقبل المنطق ان يشهدها انسان فى مسيرة عمره القصيرة.
حقيقة وجدت نفسى وانا استدعى رحلتى مع هذه الفترة فكنت فى قمة الا ندهاش وانا اسال نفسى هل هناك منطق ان يشهد انسان خلال هذه المرحلة العمرية خلال 65 عاما فقط ان يشهد هذا التحول والتغييرفى المجتمع السودانى والتى لا يقبل المنطق ان يعاصرها انسان فى مشوار حياته الذى يعتبر قصيرا قياسا بالفترة الزمنية التى يفترض ان تشهد تحولات بهذا الحجم والذى لا يزال يحمل الكثير من الاضافات والمفاجأت ان مد الله فى العمر لسرعة الايقاع التى تتصاعد فيه هذه الاحداث والمفارقات الغريبة
انه تغيير لو اخضعناه للمنطق والعلم ولتجارب الشعوب يفترض الا يحدث فى فترة زمنية قصيرة كهذه وبهذه المفارقات الغريبة حيث انها تحتاج لقرنين من الزمان على الاقل ليشهد البلد هذا الحجم من المتغيرات مما يعنى انه بحكم ايقاع الحياة لا يجوز لاى مواطن سودانى ان يعايش هذه المتغيرات تجربة حياتيىة خلال عمره القصير والذى مهما طال لن يزيد عن القرن الواحد والذين عاصروا وشهدوا الحال فى السودان بما يزيد عنى ربع قرن كانوا فيها اسبق لا ادرى كيف يكون حالهم وقد شارفوا المائة عام- بعد طول عمر ياذن الله – ولا زالوا يعيشون هذه المتعيرات التى تندفع بسرعة تفوق الصواريخ كيف حالهم مع هذه التناقضات التى عايشوها فى هذا البلد الذى يستحق ان نتوجه على راس الارقام القياسية عالميا.خاصة وانهم قدعايشوا مالم أعايشه لفارق العمر وهم اسبق بربغ قرن. .
هذه التحولات الحياتية الغريبة وبالرغم مما تمليه الطبيعة والزمن المتحرك ومضاعفة سرعته بحكم الطقرات العلمية الا ان ان هذه المتغريات فى الجزء الاكبر منها نتاج اخطاء تراكمية صاحبت فترة الحكم الوطنى حيث انها شكلت خطا احمر بين ما اورثه الاستعمار الانجليزى للسودان رغم سوءاته وبين الخط الفااصل بينه وبين الحكم الوطنى بعد ان تحرر الوطن من الاستعمار ولا اقول هذا تجنيا على الحكم الوطنى وانما بحثا عن تفسير لهذه الظاهرة الغريبة التى شهدت مفارقات لا يقبلها العقل.
ولكنها الحقيقة فالانجليز اسسوا لقاعدة اقتصادية منضبطة تحكم التوافق بين امكانات البلد وقدراته الاقتصادية بان اسست نظاما اقتصاديا يواذن بين الامكانات والاحتياجات بحيث لايختل الميزان بينهما وكان لهذا بالطيع اثره المباشر لما عايشه السودان من استقرار لقيمة عملته المحلية بالنسبة للعمنلة الاجنبية وكان على راس هذه السياسة المتواذنة ان توجه الامكانات والقدرات الاقتصادية المحدودة على ضرورات الحيا ة حتى تتوفر بعدالة لكل فئات الشعب ولو ان الحكم الوطنى حرص على هذه القاعدة وهى من صميم مقومات العدالة حتى ان الامثال التى كان يطلقها اجدادنا تعبر عن هذه المقومات بالفطرة عندما يقولوا (اكل قدر قروشك) لو انهم حرصوا على النظام الذى خلفه الانجليز لما اصاب هذه العلاقة هذه الشروخ فى عهد الحكم الوطنى الامر الذى ادى لاختلال الميزان ولما كان نتاجه هذا الخلل ان يؤدى لفوارق كبيرة فى المستويات المعيشية وأن يؤدى لهذا التحول والتناقضات الغريبة وهذا التدنى بل الانهيار الشامل فى قيمة الجنيه السودانى الذى اصبح السبب فى صياغة طبقيا ولما عرف السودان هذه الفوارق الطبقية التى اصبحت واحدة من اهم اسباب عدم استقراره ومهددا لوحته لما تسبب فيه من فوارق حياتية بين مواطنيه بين طبقة قلةوفى منطقة واحدة من مناطقه تعيش حياتا مترفة مقابل المعاناة من الجوع والمرض للغالبية العظمى من شعب السودان مما صعد من الاحساس المبرروتفجير العنف والحروب فى اكثر من منطقة بسبب الاحساس بالغبن والظلم والتى اصبحت نتائجه ومخاطره اليوم اكبر خطر يتهدد استقرارالسودان ووحدته.
ولعلنى اعودلهذا الامر بمزيد من التفصيل بغرض معرفة الاسباب فى حلقات قادمة حيث اننى ارى انه لابد من الاهتمام اولا بتسليط الضوء على هذه المفارقات والتى احسب ان ابناءنا اليوم لايعلمون عنها شيئا وربما لا يصدقوها ولكنى اقول لهم صدقوها وان كانت لا تصدق.
لهذا اقصر الحلقات الاولى من هذه السلسة لتوضيح هذه المفارقات الغريبة والقفزات التى شهدها السودان فى هذه الفترة القصيرة والتى حسبها اصحاب المصالح انها انجاز وقفزة حياتية متتطورة بينما هى فى الواقع كتبت واقعا جديدا ومدمرا لطبقة ادنى تضم الاغلبية العطمى من شعب السودان لمختلف مناطقه وافرزت قلة مميزة استاثرت بحياة الترف والكماليات مع حرمان الشعب من الضروريات تمثلت فى فئة الحكام مقابل شعب غالبيته يعانى من الفقر ومن ابسط الخدمات الضرورية وبصفة خاصة فى المناطق المهمشة حيث اصبح الفارق كبيرا بينها وبين المركز الذى كان من اخطر نتائجه ان الغالبية العظمى من المواطنين هجرت مناطقهاو استوطنت الخرطوم بجثا عن موطئ قدم فيها تبحث عن اللحاق بالركب بماهو مشروع وغير مشروع فبعضهم اجبرته المعاناة فيها ليحترف التسول ا او دفعته للجريمة وللممارسات غير المشروعة والاتجار فى المحظورات التى املتها عليهم ظزوف الحياة التى اصبحت قاسية بكل المقاييس وان انتقلت قلة منهم لطبقة المميزين ليشهد السودان انماطا من السلوكيات وجرائم لم يالفها السودان عبر التاريخ قبل الاخلال بالتواذن الاقتصادى والاجتاماعى الذى خلفه الانجليزبعد ان انهار الحاجز الاخلاقى الذى كان يميز الشعب السودانى حتى اصبح الاغتصاب للاطفال من الجنسين مالوفا القتل لاتفه الاسباب حتى اصبح ارتكابه جريمة عادية لا تلفت النظر كما انتشرالنهب الوسيلة الاسهل للقمة العيش بل لاول مرة نشهد قتل الابن لابيه ولامه والاخ لاخيه تعبيرا عن حالة نفسيىة اصابت مجتمعا عرف عبر التاريخ انه مسالما حتى اصابته حالة انفلات لا تخلوا من روح الانتقام من مجتمع لم يعد مستوعبا لابنائه خاصة تحت ظل انتشار المخدرات هربا من الواقع مما جعل من هذه الوقائع خبرا مالوفا يوميا لا يثير الانتباه كما كان يحدث فى الماضى ولازلت اذكر جريمة القتل التى اشتهرت بقضية بكار فما ان تداعى خبر هذه الجريمة ظلت محل
جدل وسط المجتع السودانى لما يزيد عن سنة وكذلك اختفاءواحدة من الانسات التى وجدت مقتولة فكان صدى تلك الجرائم ولغرابتها على المجتمع السودانى محل دراسة وتحليل لسنوات لكن انظروا الحال الان فلقد اصبحت هذه الجرائم تجارة رابحة للاعلام حتى اصبح لها صحف متخصصة ولم تعد تشغل الراى العام حيث اصبحت امرا عاديا يتوق المواطن لمعرفة ضحاياه كل صباح..
كل هذا يرجع لخلل اقتصادى يسأل عنه الحكم الوطنى والذى سببه تردى الجنيه السودانى الذى تسببت فيه سياسات الحكم الوطنى لترغم المواطن ليصبح الجنيه السودانى الذى تمثل استقرار قيمته نعومة حياته وليصبح فى حالة حرب مع الدولار وهو لا يملك مقوماتها وكلما حققته ان انتهت لصالح هذه القلة المنعمة على حساب شعب راح ضحية فى مواجهة معركة غير متكافئة فى مواجهةالعملة الصعبة فتحت حكم الانجليز وحنى مغادرتهم لم يشهد السودان هذه الحرب بسبب سياسة التواذن بين مصادره المحدودة واحتياجاته الضرورية لهذ بقى الجنية السودانى قويا قيمته اكبر من الجنيه الاسترلينى بفارق قؤشين ونصف كما تصل قيمته الثلاثة دولار وكان ذلك بسبب الضوابط التى وضعها الانجليزفى مواذنة العائد للسودان من صادراته بالعملة الصعبة وقصر الاستيراد فى حدود المتاح من العملة الصعبة للاحتياجات الضرورية فى حدود المتوفر من الدولار بغرض توفيرها لكل اهل السودان لهذا ظل الجنيه مختفظا بقيمته ولم تكن مصادر الدولة من الدولار توجه لغير السلع الضرورية والمواد الخام للصناعة المحلية وفق مواذنة يتحكم فيها بنك السودان فيما سميت برقابة النقد الاجنبى,
\لا اريد ان افصل فى هذا الامر الان وان كنت ساعوداليه بعد ان تقف اجيال اليوم على هذه المفارقات التى قلت انه ما كان لمثلى ان يعايشها ويشهدها لانها تحتاج لقرنين من الزمان لولا السياسات الاقتصادية الخاطئة التى تبعت الحكم الوطنى وان اختلفت فى تدرجها حتى كان الدمار للجنيه السودانى الذى زبح كما تزبح الشاة فى عهد الحكم الوطنى
ولكن هل يصدق احد ان يبلغ التدنى هذه الدرجة من المفارقات والتى يجهلها شباب اليوم ولا اظنه سوف يصدقها لهذا كان لا بد ان اخذ هذا الشباب فى جولة سياحية ليرى كيف كان السودان وكيف هو اليوم.
صدق ان كنت لا تصدق:
فى مرحلة الصبا لم نكن نسمع كلمة الجنيه حيث كنا نعرف او نسمع فقط بالريال ابوعشرين قرش اكبر عملة معدنية متداولة ومن يحمل هذا الريال فهو مبسور الحال ويومها كانت العملة النقدية تتدرج من الريال ابو عشرين والريال ابو عشرة قروش ثم الخمسة قروش (الملقب بالشلن) القرشين(المقب يومها بالفرينى) فالقرش والقرش نفسه ينقسم لاتنين تعريفة اى نصف القرش واقل من التعريفة ما تسمى (بالفرطاقة) وكانت كل فئة من هذه العملات متداولة فى السوق ويمكن لك ان تشترى بها بعض احتياجاتك الضرورية.
والجنيه كان يساوى مائة قرش يعنى خمسة ريالات ابوعشرين وعشرة من الريال ابو عشرة وعشرين من ابوخمسة ومائة قرش ومائتين تعريفة وصدق ان كنت لا تصدق كل هذه الفئات النقدية لها قيمة فى السوق وكان امراعاديا ان نكلف من الاسرة بشراء بعض احياجاتها من الضروريات من السكر والدقيق وغيرها من السلع الضرورية ولا تحمل كثر من خمسة قروش او ريال صغير وتعود منه بالباقى كما ان الجنيه السودانى وقبل ان يندثركان يساوى عشرة ريال سعودى وثلاثة دولار فانظروا كيف اصبح الدولار يساوى سبعة جنيه جديد اى سبعة الف جنيه قديم .
ولما عرفنا وقتها العملة الورقية كانت تتكون من العشرة جنيهات ثم خمسة فجنيه ثم خمسين قرشا واحيرا ربع الجنيه الملقب (بالطرادة) وكانت هذه اخر مراحل العملة وقتها عبر مسيرة الحكم الوطنى بدات قيمة الجنيه السودان تنخفض بسرعة غريبة لاسباب سوف ياتى توضيحها وللحقيقة والتاريخ يمكن تقسيم التدنى فى قيمة الجنيه السودانى لثلاثة مراحل الممرحلة الاولى قبل اتقلاب مايو حيث كانت نسبة الانخفاض اقل كثيرا من النسبة التى تعرض لها بعد انقلاب مايو حيث بدات نسبة الانخفاض تتضاعف وذلك بسبب قرار اتخذه يومها السيد بدر الدين سليمان القانونى الكبير والذى كان وزيرا للمالية عندما الغى رقابة النقد وعوم الجنيه السودانى وهذا التعبير يقصد به انه ادخل الجنيه السودانى فى منافسة مع العملة الاجنبية دون ان يقابل ذلك ارتفاع فى مصادر الايرادات من العملة الاجنبية للحفاظ على قيمة الجنيه السودانى ثم جاءت مرحلة الحكم باعدامه فى مرحلة الانقاذ والتى ضربت رقما قياسيا فى هبوط قيمة الجنيه السودانى بسرعة الصاروخ منذ اصدر الاخ عبدالرحيم حمدى وزير المالية يومها قرارا بتحرير الاقتصاد او ما اسماه الاقتصاد الحر لتنفتح بهذا ابواب الاستيراد للسلع الكمالية والترفيه بينما بقيت مصادر الايرادات من العملات الصعبة على حالها بل تدنت لاسباب موضوعية وبالمناسبة لابد ان احييى الاستاذ والفنان الكبير ابراهيم حجازى هذا الرقم الكبير الذى وثق بجانب مساهماته الفنية فى الدراما والمسرح وثق بجهده الخاص تاريخ الجنيه السودانى بفئاته المختلفة عبر المتحف الذى جمعه بجهده الشخصى وفى هذا المتحف وثق للعملات القديمة التى تجكى تلك الفترة التاريخية قبل ان تحال العملة السودانية ذات القيمة لمتحف ابراهيم حجازى
هذه المراحل الثلاثة بعد مغادرة الانجليز احدثت تحولات كان بدايتها ان يحمل الجنيه السودانى بالجوالات من البنوك وللتداول فى السوق لتدنى قيمته ثم ابتدعت السلطة الدينار رافة بالجنيه وكتابة نهاية للجوالات واخير عاد الجنيه بعد ان هبط بسرعة الصاروخ واصبحت الالف الجنيه من القديم تساوى جنيها واحدا عملة ورقية جتى لا تستخدم الجوالات فى حمل العملة الورقية.
ثلاثة مراحل تعرض لها الجنيه السودانى كتبت النهاية لقيمة الجنيه السودانى التى خلفها الانجليز وكانت قيمته اكبر من الجنيه الاسترلينى ويساوى ما يقرب ثلاثة دولار . وهكذاتدهورت قيمة الجنيه السودانى حتى بلغ سعر الدولار فى السوق الحر سبعة جنيهات بالسعر الجديد وتساوى سبعة الف جنيه قديم ولقد كانت المفارقة ان الجبهة الاسلامية عندما استولت على السلطة كان على راس مبررات الانقلاب حماية الجنيه السودان من ان تهبط قيمته لخمسة وعشرين حنيها قديم وهاهى تبلغ اليوم سبعة جنيه جديد اى سبعة الف جنيه قديم.
صدق وان لم تصدق هى الحقيقة
فمن هنا كانت المفارقات التى شهدها السودان والتى كانت كما قلت تحتاج لقرنين من الزمان على الاقل فكيف لمن فى مثل عمرنا ان يعيشها واقعا لهذا ادعو شباب اليوم لصحبتى فى رحلة سياحية مع مفارقات الجنيه السودانى خلال هذه الفترة العجيبة
1- حدثت لى تجربة غريبة مع احد المتسولين الذى استوقفنى فى الطريق وبعد عرض طلبه قدمت اليه جنيها_( جديد) مساهمة لمساعدته فثار فى وجهه وقذفه فى وجهى وانصرف وهو لايعلم ان هذا الجنيه الذى قذفه فى وجهى هو الف جنيه قديم و كان يساوى ما يقارب مرتبى لثلاثة سنوات مما تقاضيته من مرتب وانا مفتش فى وزارة التجارة بعد تخرجى من كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم سنة 63 وحتى 66 حيث كان مرتبى الشهرحوالى 30 جنيها اى 360 جنيها للسنة.
2- هل يصدق هذا الجيل انه كان يكفينى جنيهان (القديم) كرب اسرة كنت احملها فى جيبى لسوق بحرى واعود محملا باكياس الخضار واللحم والسمك والخبز وبعض الفواكه فى الستينات وحتى مطلع السبعينات ويالهامن مفارقة فلقددارت الايام لاذهب لنفس السوق احمل كيسا ملى بالجنيهات السودانية لاعود بنفس الحاجيات بل واقل منها
3- وياله من موقف ذلك اليوم فى نهاية عام 64 وكان الشهيد جوزيف قرنق الذى تولى وزارة التجارة فى حكومة اكتوبر كان يقف امامى فى الصف عند شباك الصراف بالوزارة لاستلام اول مرتب له منذ تعيينه وزيرا وكنت من خلفه اراقبه ولما كان الصراف يعد له مرتبه امام عينيه وكان دون المائة واربعين جنيها قليلا دهشت لما رايته يصرخ فى وجه الصراف ويقولب له( قروش ده كله بتاعه انا) ولما اجابه الصراف تعم صرخ الوزير وقال (شعب ده حياكل كيف اذا نحن بنشيل قروش ده كله) كم ياترى مرتبات الوزراء ومخصصاتهم وكبار المسئولين على كثرتهم مع كل المميزات اليوم وكم تساوى بالجنيه القديم واذا كان قرنق يومها خاف على الشعب ياكل كيف لاته يتقاضى 140جنيها قديم فكيف يكون حال هذا الشعب اذن اليوم ومرتبات الوزراء والمسئولين بالجديد.
4- لو ان الدهشة تقتل الانسان لكنت احد ضحايا عيد الاضحية الاخير فى عام 2012 وانا اذهب لشراء اضحية العيد وبعد لت وعجن ومساومات انتهيت لشراء خروف وسط وليس من الخراف الميزة بقيمة الف جنيه جديد اى مليون جنيه قديم وجئت به للمنزل ولما استجلبنا له (ضباح) اصر على ان اجرته 150 جنيها جديد لزبح الاضحية اى مائة وخمسون الف جنيه قديم ووقتها وقفت اتامل فى هذا الخروف وهوينظر الى فى لحظات وداعه ويمد لسانه لى ضاحكا وكانه يقول لى( تستاهل قايلنا نحن خراف زمان تاخذ الواحدج فينا باربعة جنيه قديم فقط اما الضباح فبطراده ربع جنيه مع الراس وصدفونى ما دفعته ثمنا للخروف لم يكن يحققه سوق الخراف فى (الزريبة) يومها حتى لو باع كل الخراف التى تعرض للبيع ذلك اليوم. ترى من هو الذى ضحى بالاخر فى عام 2012 انا ام الخروف سؤال يفرض نفسه فمن يجيب.
5- كنت اطالع احدى الصحف لحظة كتابتى لهذه الحلقة وكانت الصحيفة تنشر تصريحا عن انابيب الغاز وكنت وقتها قد بعثت بابنى لتعبئة انبوبة الغاز وباضافة اجرة الرقشة ذهابا وايابا يصل المبلغ ثلاثين جنيها جديد اى ثلاثين الف جنيه قديم ولحظتها رددت مع المغنى (يا زمن وقف شوية) فلقد عدت للستينيات عندما اصبحت رب اسرة فلقد كنت لما احتاج انبوبة غاز اتصل عبر الهاتف بوكيل شركة شل فياتى بعربته يحمل الانبوبة حتى المنزل مقابل نصف جنيه اى 53 قرشا ولكن هل يسمع الزمن ندائى ويوقف شوية ام انه سيواصل بسرعة الصاروخ.
6- اما حكايتى مع العربة الاوبل ريكورد حكاية ففى عام 68 كنت فى زيارة لمدينة بون بالمانيا الغربية لصديقى وقريبى الاخ عبالوهاب يوسف (الشعرانى) وكان يعمل محاسبا بالسفارة ويومها كان الشهيد هاشم الغطا ملحقا عسكريا بالسفارة وهو زميل دراسة بالاهلية الثانوية وبمساعدته قمت بشراءعربة اوبل ريكورد قام هو بشحنها لى وبعد تخليصها جمركيا بلغت قيمتها 200جنيه وكانت الجمارك و 81 جنيه قديم ودارت الايام وبعد عشرين سنة من ذلك اليوم غادرت السودان للقاهرة وتركت العربة لشقيقى الاصغر ولما كنت فى القاهرة وقبل نهاية التسغينات تلقيت رسالة من احد اصدقائى يشكر فيها شقيقى الذى اهداه العربة ولكنه طلب منى ان اسعفه بمائتين جنيه جديد لشراء بطارية للعربة فضحكت وبعثت له برسالة قلت فيها انا جبتها من المانيا بمائتين جنيه قديم تفول عايز نفس المبلغ 200 جديد لشراء بطارية لنفس العربة والان البطارية حسب ما سمعت شارفت الالف حنيه اى مليون جنيه ما يساى ثمن العربى خمسة مرات
7- ولكم اسفت على مستند اطلعت عليه مع احد الاخوة لم تسعفنى الذاكرة به واتمنى ان يكون من بين الذين يطلعون على هذه الحلقة وكان هذا المستند خاصا باجتماع ضم مجموعة من كبار الشخصيات فى توتى من معلمين وموظفين وفى هذا الاحتماع كما يقول المستند انهم انتدبوا لجنة من بينهم كان رئيسها العم محمداحمدعبدالقادر ناظر خورطفت ومؤسس الخرطوم الثانوية وكانت مهمة الوفد ان يلتقى بشخصية معينة لينقل لها صوت الشكر الذى قررته اللجنة لها لمساهمتها الكبيرة بالتبرع لعمل خيرى بخمسة جنيهات قديم ولعلنى اطلب من هذا الصديق ان اطلع على هذه المقالة ان يزودنى بهذ المستند الذى يستحق نشر صورة منه.
8- حقا يازمن يحق لنا ان نقول لك وقف شوية ورفقا يضحاياك فلقد حكم هذا الزمن ان يتقاضى بعض المطربين حسب ما علمت عشرين مليونا بالقديم من اجل اقامة حفل زواج لفنترة لا تتعدى ساعتين قبل ان ترفع الحفلة رسميا وكان اكبر الفنانين والذن لم تنجب حواء السودان مثلهم اليوم بدءا من جيل كرومة ثم الكاشف والنقيب احمد المضطفى وحسن عطية وسيد خليفة وابوداوود فى الاربعينات والحمسينات والستينات وغيرهم من عظماء الطرب والذين كانوا يحبون الحفلات بلا مقابل و كما انهم يواصلون الحفل حتى صباح اليوم التالى ولا يكلف الحفل منطموه الا وجبة العشاء وبالمناسبة لما قررت الزواج فى عام 67دفعت مبلغ 200جنيه قديم
دون شيلة او اى منصرفات او صالة او فطور عريس فما راى ذلك المتسول الذى قذف فى وجهى يومها الجنيه جديد الذى يساوى الف جنيه قديم والذى كان يكفيه للزواج باربعة زوجات ولولا الشرع لقلت له خمسة
9- فى عام 74 تم اعلانى عبر المزياع بمنحى سلفية بناءمنزل بحلفاية الملوك من البنك العقارى وكنت قد تقدمت بطلب السلفية فى عام 66 وقمت بتشييد المنزل على قطعة ارض قيمتها 200جنيه قديم ولكن المفارقة هنا ان طن الاسمنت كان سوق اسود 17 جنيه قديم والسعر الرسمى 14جنيه عطبرة والمفارقة الاكبر اننى لما استقلت من الخدمة كانت فوائد خدمتى لتسعة سنوات 200 جنيه قديم.
10- لننسى الستينات ولنلج باب الرياضة قليلا ففى الربع الاخير من السبعينات قد شهد منح اتحادالفنانين قطعة ارض بالموردة لبناء دار الفنانين عليها وكان نقيب الفنانين يومها احمد المصطفى وبدأ الاتحاد فى التخطيط لبناء الدار ويومها كنت اصدرت صحيفة نجوم وكواكب فى اغسطس 78 وفى ثانى عدد لها تبنينا فى الصحيفة مبادرة ليساهم الرياضيون فى دعم الاتحاد لتشييد داره ووجدنا ترحيبا حارا يومها من الهلال والموردة اللذان قبلا اللعب لصالح الدار كما تنازل الاتحاد يومها من نصيبه فى الدخل ولعبت المباراة حيث لعب ضربة البدالية يومها النقيب احمد المصطفى وهنا المفارقة فلقد حققت المباراة دخلا بلغ ثمانية الف جنيه قديم (8جنيه)جديد وتم تسليمها للاتحاد يشيك وكان يومها طن الاسمنت لايصل 20 جنيها وطن السيخ تسليح 55 جنيها وهكذا كان اساس النادى مساهمة من الرياضيين ولكن انظروا لاسعار الاسمنت والتسليح اليوم حيث وفر لهم المبلغ ما يعادل اربعين طن اسمنت
11- كانت اجرة التاكسى بين المحطة الوسطى الخرطوم والمحطة الوسطى امدرمان بقرشين ونصف حمولة خمسة ركاب وعشرة قروش طلب خاص ولما تمت توسعة كبرى النيل الابيض وبسبب الضريبة التى وضعت على مدخل الكبرى تم رفع الاجرة لخمسة قروش وكانت هذه الزيادة سببا فى موجة تذمر واسعة وسط الاهالى بالرغم من ان المواصلات كانت متوفرة بالترام والبصات وبسعر اسمى.
12- وحتى لا ننسى الاعلام فلقد كانت الصحف السودانية فى حدها الاقصى فى تلك المرحلة تباع بخمسة قروش قديم ومن طرائف تلك الفترة ان الحكومة العسكرية فى نوفمبر حكومة الجنرالات كما اصطلح على تسميتها فلقد اصدرت صحيفة يومية اسمها الثورة من 16 صفحة وكانت تباع بقرش والطرفة يومها ان ملك الفكاهة والسخرية يومها الخذين الذى اشتهر وسط الريالصيين كاهم ألية اعلامية رياضيةمتجولة فلقد كان يحمل كميات من هذه الصحيفة التى لم تكن تجد اى صدى لدى القراء الا ان الخذين نجح فى تسويقها فى دور الرياضة عندما كان يصيح عبر مكبر الصوت المتحرك الذى يستخدمه للترويج الاعلامى فكان يصييح عبرالمايك ملوحا بالصحيفىة فى الاستادات وكان اللعب عصرا فى عز السخونة ولم يكن الخذين يصيح الثورة بقرش وانما كان يصيح (البرش بقرش) مستغلا حاجة الجمهور لما يحلس عليه فى ذلك الجو الحار.
والى اللقاء فى الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.