فيما تهرج حكومة المؤتمر الوطنى عن تحسين بيئة الاستثمارات فى البلاد ، يكشف تقرير البنك الدولى عن ممارسة أنشطة الاعمال(doing buisness) لعام 2015 عن تراجع السودان سبع (7) نقاط فى الترتيب العالمى السنوى. ويكشف التقرير بان السودان تراجع من رقم (153) فى عام 2014 الى رقم (160) عام 2015 ، فى قائمة (189) دولة ومنطقة حول العالم شملها التصنيف . ويستند تصنيف البنك الدولى لمدى استيعاب البيئة التنظمية للبدء فى الاعمال وتسييرها على (11) قضية رئيسية هى ، البدء فى العمل ، تصاديق البناء ، الحصول على الكهرباء ، تسجيل الملكية ، الحصول على التمويل ، حماية المستثمرين من الأقليات ، دفع الضرائب ، التجارة عبر الحدود ، تنفيذ العقود ، وحل قضايا الاعسار (الديون). وتجدر الاشارة الى ان حكومة المؤتمر الوطنى تتبنى اقتصاد السوق (الحر) ، حتى بصورته المتوحشة ، ولكنها وبسبب طابعها المغلق كسلطة استبدادية بلا سوق سياسي وبلا مساءلة ، فقد أدت الى سيادة الكثير من العوامل الطاردة للاستثمارات الصحية ، مثل سياسات التمكين الحزبى التى لا تسمح حتى ب (قدرة فول) ناجحة لغير منتسبى الحزب الشمولى الحاكم ، إضافة الى تفشى الفساد وغياب سيادة حكم القانون . وكمثال أورد موقع Constructionsweekonline والذي يعني بأخبار الشركات العاملة في مجال البناء والإنشاءات ، 16 مارس ، ان شركة (سيراميك رأس الخيمة) الاماراتية باعت فرعها فى السودان بسبب الخسائر. والاخطر انه فيما تطرد حكومة المؤتمر الوطنى الاستثمارات الصحية فانها تجذب استثمارات المغامرين والمضاربين والمحتالين ، وقد تمكن هؤلاء ، فى تنسيق وتواطؤ مع سماسرة المؤتمر الوطنى ، من شراء الأصول السودانية . وتورد بيانات منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD) ان أسهم الاستثمار الاجنبى المباشر (FDI stocks) فى السودان باتت تشكل (41.6%) من الناتج القومى الاجمالى فى عام 2013. وتشير الاحصاءات الى زيادة نسبة أسهم الاستثمار الاجنبى المباشر ما بعد الانفصال وفقدان ايرادات النفط ، حيث كانت النسبة لا تشكل سوى 1.3 % من الناتج القومى الاجمالى عام 1995 لتقفز فى عام 2011 الى (31.1%) من الناتج القومى ، ثم الى (50.6%) عام 2012 ولتستقر فى نسبة (41.6%) فى عام 2013 . ومما يؤكد تدفق الاستثمارات الاجنبية اساساً لشراء الاصول – تحديداً الاراضى – لسد العجز فى ميزانية السلطة فان عام 2013 ، وبحسب احصاءات منظمة الأممالمتحدة للتجارة شهد خروجاً لرؤوس الاموال من السودان بلغ 915 مليون دولاراً ، مما يشير الى مناخ الاستثمار الطارد فى البلاد مع تفاقم عدم الاستقرار السياسي والأمنى والفساد . ومع ازدياد هروب رؤوس الاموال من البلاد بدأت زيادة غير مبررة فى الاستثمارات الاجنبية المباشرة حيث زادت من 2.600 مليار دولار فى عام 2008 الى 3.94 مليار دولار فى عام 2013 . وسبق وكشف تقرير جمعية الباحثين حول الشرق الاوسط وافريقيا Association of researchers on middle east and Africa فى اغسطس 2014 ، كشف ان السودان ثاني اكثر الدول الافريقية بيعاً وتأجيراً لأراضيه . واعلن مصطفى عثمان فى حواره مع صحيفة (البورصة ) المصرية 27 يناير 2013 (ان الحكومة السودانية انتهت من مشروع قانون جديد للاستثمار، يمنح مزيداً من الحوافز والضمانات للمستثمرين الأجانب، ويعالج مشكلة تمليك الأراضى السودانية). واضاف إن القوانين السودانية الحالية لا تجيز تمليك الأراضى للأجانب، (بينما سيسمح القانون الجديد بتمليكها ...). وأشار إلى أن( قانون الاستثمار يحمى المستثمر من مقاضاة أى مواطن سودانى بخصوص المشروع أو الطعن فى عدم أحقية المستثمر فى الأرض أو الترخيص، حيث جنب المستثمر الدخول فى هذه النزاعات...). وتشير التعديلات الدستورية الاخيرة التى نصبت عمر البشير مسؤولاً اولاً ونهائياً عن أراضى البلاد وتعديلات قانون مشروع الجزيرة التى تتيح بيع أراضى المشروع ، تشير الى ان السلطة قد قررت الاندفاع نهائياً وبصورة شاملة فى بيع السودان خصوصاً أراضى مشروع الجزيرة التى تتحلب لها اشداق الكثيرين كما قررت اضفاء طابع دستورى وقانونى على خيانتها لمصالح اهل السودان .