احتفالات الزواج في مجتمعنا تكاد أن تكون متشابهةإلى حد التطابق، ذلك إذا استثنينا هويةالعروسين ..وبما أن العروس هي"البطلة" الرئيسة في ذلك الفيلم "ليلة الزفاف"، تجد الجميع يحرصون علىأن تبدو فيأبهى وأجمل صورة..ولكي تتحقق تلك الصورة تتوجه العروس الشابة إلى أحدمراكز التجميل التي تعج بها العاصمة المثلثةوالولايات..تدخل العروس تلك المراكز وهي تحمل بينيديها وجهاً جميلاً يتجلى جماله فيبساطته..وجهاً لا يتطلب أكثر من لمساتٍ بسيطة تبرز ماخفي من مواطن الجمال دون أن تجور على الأصل أوتبتذله.. ولكن للأسف فإن الواقع الذي نراه اليوم هو أن تلك المراكز تهدينا مَسخاًمشوَّهاً..وجهٌ يرتدي قناعاً(Mask)أبيضذا لونٍ جيري وطبقة شمعية لامعة.هذا القناع الأبيض..الجيري..الشمعي اللامع، قد تجولت فرشاة "خبيرة" التجميل فوق أديمهفأغدقت عليه بكرمٍحاتمي زفةً من الألوان التيأول ماغشيت الخدين والشفتين فأمطرتهما بوابلٍ من اللونالأحمر الفاقع، ثم واصلت مسيرتها حيث استقر بها المقام في الجفنين لتنتظر لبعض الوقتريثما تستقر العروس على رأيٍنهائي، وهذه الخطوة فيأغلب الأحيان تستهلك وقتاً تظل فيه العروس حائرة أمام ذلك الزخم من الألوان الصارخة..الأصفر..الوردي..الأخضر.. البنفسجي..الأزرق..البرتقالي..الأحمر..إلخ ومن جهةٍأخرى فقد تطلب العروس من خبيرة التجميل- بناءً على اقتراح صويحباتهابضرورة مواكبة الموضة – بأن ترسم أو تلصق لها أعلى الحاجبين نجيماتٍ فضية أو ذهبية يتوهَّج بريقهامع مصابيح الإنارة التي تنشر أضواءها في القاعة. أقول أن تلك العروس الشابة التي تحاكي "البلياتشو"، منظرها صادمٌ للعين والنفس معاً، بل أذهب أبعد من ذلك لأقول أن المكياج بتلك الصورة المنفِّرة يجعل من التحجُّجبمجاراة الموضة محض سذاجة وسطحية فيآنٍ واحد. لقد أصبحت تلكالظاهرة جزءاً من ثقافة المجتمع السوداني حيث أن المدعوات أيضاً يتعاطين ذات النوع من المكياج المبتذل في تلك المناسبة،فالمرأة السودانية للأسف الشديد تحبس نفسها وراء قضبان التقليد الأعمى فتراها تلهث دون درايةأووعي وراء كل تقليعة وكل جديد دون أن تتوقف أو تفكر للحظة إن كان ذلك الجديد يناسبها أم لا. وفي ذات السياقنعيد إلى الأذهان سيرة ملك البوب الراحل"مايكل جاكسون"الذي وإن كان بياض بشرته يعود إلى مرضٍ جلديٍ(البهاق) كما اعلن أطباؤه،"ربما تحوَّطاً من أن تهتز صورته أمام عشاقه ومريديه"،إلا أنه شاء أن "يكمِّل الناقصة" فسلَّط "مقص" جراحالتجميل على أنفه الإفريقي،ولم يتوان الجراحو"فصّل" له أنفاً جديداً،فأصبحوجهه يحمل عظمةً رفيعة يظهرأسفلها "كهفان صغيران"يسمحان بمرور الهواء الداخل والخارج… ومضى المغني في طريق "التبرؤ" من معالم هويته الإفريقية فأطال شعر رأسهالأكرت وفَرَدَه ليصبح أملساً ناعماً تتدلى خصلاته من فوق جبينه،وبذلك اكتسب تلك الملامح الأوربية، واكتسب معهاأيضاًذلكالشكل "الأنثوي" المميَّز. ***** [email protected]