خلال الأيام الماضية كثر الحديث عن ارتفاع أسعار سلعة الدواء وندرته خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد عقب الإصلاحات والإجراءات المالية الأخيرة التي أعلنتها الحكومة، ومما لا شك فيه أن هذه السياسات قطعاً لها تأثير كبير وسالب على الإمداد الدوائي في السودان، الأمر الذي دفع شعبة مستوردي الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية لعقد مؤتمر صحفي ظهر أمس بمركز الشهيد الزبير محمد صالح للمؤتمرات لتوضيح الحقائق كاملة حول أثر قطاع الدواء بالسياسات الاقتصادية الجديدة وتلافي هذه مشكلة الزيادة المضطردة والندرة قبل أن تستفحل الأمور وتتحول إلى كارثة حقيقية تهدد القطاع الصحي والامداد الدوائي بالبلاد. وقال صلاح الدين أحمد عمر كمبال رئيس شعبة مستوردي الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية إن هذا القطاع هو معني متخصص والذين يقدمون الخدمة هم أطباء بشريون وبياطرة وصيادلة، وانتقد التعامل معهم باعتبارهم تجاراً في هذا المجال وهدفهم الأساسي هو الربح، وقال هذا الفهم تجافيه الحقيقة وخاطيء وظالم، وأضاف أن هذا العمل في الأساس هو عمل إنساني وأخلاقي ووطني، مبيناً إلى أن وصول الدواء بالسلامة والفعالية المطلوبة والسعر المعقول هي مسائل أساسية وأخلاقية ينبغي أن تلتزم بها أي دولة راشدة لتوفير إعداد دوائي، وأشار كمبال إلى أنه منذ إعلان سياسة التحرير الاقتصادي كان دور غرفة اتحاد المستوردين هو عدم تحرير الأسعار بالنسبة للأدوية وأبان رفضنا مع هذا الموقف بالرغم تعارضه مع مصالح القطاع من ناحية تجارية، بالاضافة إلى مساعيهم في عدم خصصة الامدادات الطبية، وأوضح كمبال أنه بعد خروج البلاد من الموازنة وقبل السياسة الأخيرة لم تكن هناك أي آلية واضحة لكيفية تخصيص النقد الأجنبي للدواء، مشيراً إلى أن الوضع كان أقرب للفوضى والاجتهادات والعلاقات الشخصية ويتم ذلك خارج اشراف المجلس القومي للأدوية والسموم، الأمر الذي أدى إلى تخصيص مبالغ مالية تذهب لسلع غير أساسية. وأكد كمبال أنه بعد انتخاب الشعبة كان هناك فراقاً ناتجاً بسبب ملابسات مختلفة وقمنا بمبادرة واقتراح لوزير الدولة بالصحة السابق ومحافظ بنك السودان المركزي في اجتماع ضمهم بضرورة تكوين آلية لاستيراد الدواء وكونت الآلية من (5) جهات ممثلة في مدير النقد الأجنبي بنك السودان ورئيس شعبة مستوردي الأدوية ورئيس غرفة المصنعين ومدير الامدادات الطبية بجانب الأمن الاقتصادي والمجلس القومي للأدوية والسموم، وأشار هذه الآلية وفي فترة قصيرة انجازات معقولة مقارنة بالفترة وما حققته كان هو الاحصاء الدقيق بالاضافة معرفة ما خصص للدواء وكيفية توزيعه واستخدامه من أجل المراقبة والمحاسبة، وتوقفت تلك الآلية بعد الإجراءات المالية الاقتصادية الأخيرة في الثامن والعشرون من يونيو الماضي، وأبان أنه بعد الغاء الآلية الآن عدنا للوضع السابق ولا أحد يدري كيف يتم التعامل مع الدواء، واشتكي كمبال من عدم الاستجابة لطلبات شركات الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية لتخصيص نقد أجنبي مما يؤكد أن الدواء والمعدات تنتقل إلى السعر الموازي وليس السعر الرسمي، وقال (ما دايرين أي مسؤول يبحث عن كبش فداء ويقولوا المستوردين هم من رفعوا الأسعار)، وأشار إلي وجود جهات تسعى إلى خلق صراعات بين قطاعات المجتمع المختلفة وأن تحمل قطاعات أخطاء الآخرين. وحذر كمبال من إرتفاع كبير يطال أسعار الأدوية خلال الفترة المقبلة مبريئاً الشعبة من مسؤولية ذلك الارتفاع، داعياً الحكومة الالتزام باعطاء الدواء سعر صرف مقعول لتجاوز هذه الأزمة. وأشار إلى خروج أكثر من (50) شركة دواء من الدول العربية من السوق الدواء كانت تقوم بعملية تسهيلات للسودان بسبب عدم التزام البنك المركزي بالتزاماته المالية التي تقدر ب(90) مليون يورو، وأشار إلى أن هذا الأمر أدى إلى توقف الشحن ويتسبب في فقدان 60% من الامداد الدوائي للسودان، بجانب تهديد وضع الامداد الدوائي، مشيراً إلى أن مشكلة عدم الايفاء بالوعود الالتزام ستؤدي إلى مشكلة مركبة وذلك في فرق سعر الصرف في السابق والآن وهذا الفرق سوف تتحمله الحكومة وحدها، لافتاً النظر إلى أن معظم شركات الدواء والمستلزمات الطبية سوف تتعرض إلى افلاس جراء ذلك، وطالب كمبال الدولة بتوفير النقد الأجنبي لاستيراد الأدوية المستلزمات الطبية الذي يبلغ نحو (350) مليون يورو سنوياً وحذر من استمرار الحال كما هو عليه، وأشار سوف تحدث فجوة دوائية كبيرة وهي أخطر من فجوة القمح، وقطع أن عدم التزام الدولة بتوفير النقد للأدوية غير مبرراً مشيراً إلى أنها تستجيب إلى اعتمادات لسلع هامشية بملايين الدولارات وطالب كمبال يتكوين آلية مماثلة لآلية القمح لتوفير النقد الأجنبي للدواء، وتعهد حال تنفيذ ذلك سوف يقومون بوضع سعر سلعة الدواء من الخارج من أجل الخروج من عملية تحرير الأسعار. وقال كمبال سنضطر بأن ننلجأ إلى البرلمان و رئيس الجمهورية لوضع القضية أمامهم باعتبار أن المشكلة قومية وتتأثر بها قطاعات أخرى نافياً دفع الشعبة لمبلغ (200) مليون للمجلس القومي للأدوية والسموم وقال لا علاقة للشعبة بهذا المبلغ. وتؤكد شعبة مستوردي الأدوية أن حل المشكلة يكمن في قيام الدولة ممثلة في قطاعها الاقتصادي بتوفير (350) مليون يورو في العام لمقابلة احتياجات البشر والمعدات والمستلزمات الطبية والمعملية الأدوية البيطرية وتخيض الرسوم والحوافز البنكية على اعتمادات وارادات استيراد الأدوية المعدات الطبية والغاء كل الرسوم الجمركية الضرائبية المفروضة على واردات الدواء. وأشار كمبال أن الجمارك ضعيفة جيداً وهي 10% وليس على الدواء كله مشيراً إلى أن 60% من الدواء الذي يستورد من دولة عربية هو معفي من الجمارك بموجب اتفاقية الكومسيا التي تلغي الجمارك نهائياً واتفاقية التبادل التجاري بين الدول العربية التي تعفي الجمارك بنسبة 20%. وأشارت الشعبة إلى تسهيل وفتح باب التسجيل للأدوية من قبل المجلس القومي للأدوية والسموم لخلق منافسة بين الشركات ودعم إمكانيات المجلس من قبل وزارة المالية ليقوم بالاضطلاع بدوره كاملاً بزيادة عدد اللجان لتسجيل الأدوية وزيادة عدد الكوادر الفنية العاملة به، بجانب تفعيل دور إدارة الرقابة الدوائية للتأكد من وصول الدواء للمواطن بالأسعار المجازة.