مثلت المشاركة الواسعة لفرق وبعثات المراقبة الخارجية فى الانتخابات السودانية الحالية احد أبرز عوامل نجاح هذه التجربة الديمقراطية فى البلاد. ومع انتهاء عمليات الاقتراع وبدء الاعلان الجزئى لنتائجها, أصدرت معظم بعثات الرقابة الدولية تقارير مبدئية لتقييم التجربة الانتخابية فى السودان ومن بينها بعثة الاتحاد الاوروبى، وبعثة جامعة الدول العربية, وفريق الاتحاد الافريقى، ومركز كارتر، وبعثة مبادرة قرطبة وغيرها. ومع أن التقارير الاولية لتلك البعثات اتفقت حول نقاط بعينها مثل الصعوبات الفنية واللوجستية وتعقيدات العملية الانتخابية في ظل تعدد بطاقات الاقتراع, الا أنها تباينت فى بعض توصيفاتها سير عمليات الاقتراع. فاعرب تقرير بعثة جامعة الدول العربية عن الإرتياح بصفة عامة لحسن سير العملية الانتخابية واورد فى نقاط مفصلة الجوانب الايجابية لانتخابات السودان والتى اجملها التقرير فى التعاون الكامل بين السلطات المختصة وفرق المراقبين, ووجود وكلاء الأحزاب داخل مراكز الاقتراع, وحالة الامن والاستقرار التى صاحبت فترة الاقتراع. وفى المقابل تضمن التقرير جوانب سلبية ابرزها الاخطاء الفنية المتعلقة بأسماء المرشحين ورموزهم , وتعدد بطاقات الاقتراع وتأخر وصول بعض المواد الانتخابية لمراكز الاقتراع. وحوى تقرير جامعة الدول العربية ارقاما تفصيلية عن نسب المشاركة اذ اشار الى انه تراوح بين 70 بالمائة الى 80 بالمائة فى شمال السودان و نحو 70 بالمائة في الجنوب، فيما اشار التقرير الى ان نسبة المشاركة فى دارفور بلغت 60% بالمدن الرئيسية و50% بمعسكرات ا لنازحين. أما بعثة الاتحاد الافريقى فأكدت ان انتخابات السودان كانت حرة ونزيهة وشفافة وتضمن تقرير البعثة انتقادا واضحا لحكم بعض المراقبين على انتخابات السودان بانها لم تف بالمعايير الدولية مشيرة الى أن تطبيق المعايير الدولية المتقدمة على انتخابات السودان أمر غير عادل " لا ينبغى مقارنة الإنتخابات التى جرت فى السودان ولا قياسها بالإنتخابات التى جرت فى دول لم تشهد حربا ولا قتالا لخمس وعشرين سنة أو بدول نامية مستقرة فى شأن الإنتخابات ". وأكدت البعثة ان انتخابات السودان تمثل حجر زاوية فى عملية التحول الديمقراطى بالبلاد و انها وان شابتها بعض جوانب القصور تظل انتخابات تأريخية وصرح فى بناء اى إنتخابات مستقبلية تجرى بالسودان. وحمل تقرير مبادرة قرطبة "المركز الامريكى المستقل" ذات المضمون حول عدم منطقية تطبيق المعايير الدولية للانتخابات على ماجرى فى السودان لكونه بلدا ناميا لا تتوفر فيه الظروف التى تساعد على تحقيق ما يسمى بالمعايير الدولية، و وصف رئيس البعثة الاستاذ امام فيصل الانتخابات بانها عمل عظيم ومقدر مبيناً إن فرق المراقبة التابعة لمنظمته غطت الجنوب ودارفور وعدداً من الولايات الشمالية. ورغم ان تقرير بعثة الاتحاد الاوروبى كان اول من تبنى مفهوم عدم مطابقة انتخابات السودان للمعايير الدولية, الا ان التقرير لم يغفل جوانب ايجابية عديدة اذ اشار التقرير الى حالة الامن والاستقرار التى سادت ايام الاقتراع ووجود وكلاء الاحزاب والمراقبين داخل مراكز الاقتراع, وجهود المفوضية لمعالجة الاخطاء والصعوبات. وفيما يختص بتقرير مركز كارتر فقد وصفه برفيسور عبد الله احمد عبدالله نائب رئيس مفوضية الانتخابات بانه لم يكن دقيقاً فى ايراده لعدد من المعلومات رغم ان المركز يمتلك رصيدا اكبر فى مجال مراقبة الانتخابات فى القارة الافريقية التى تتشابه ظروف دولها مع ما يجري فى السودان كما ان المركز كان اكثر فرق المراقبة التصاقا بمفوضية الانتخابات واكثرها علما بمراحل العملية الانتخابية والظروف التى صاحبت تحضيراتها. وكانت اكثر نقاط تقرير مركز كارتر اثارة للتساؤلات تلك المتعلقة بتوصيف العملية الانتخابية فى دارفور بانها ليست ذات مصداقية, فى وقت قالت فيه معظم فرق المراقبة الاجنبية ان ماجرى فى دارفور كان مؤشرا حقيقيا على ان الاقليم يعيش حالة من الاستقرار والأمن. وأيا يكن تقييم المراقبين الاجانب لانتخابات السودان, فان اتاحة الفرصة امام مئات المراقبين من كل اصقاع الدنيا لرقابة الانتخابات العامة كانت دليلا واضحا على أن السودان كان ينشد الشفافية التامة للعملية الانتخابية.