دور مصري مفقود في البدء تحدث د. محمود ابوالعينين من جامعة القاهرة موضحاً أن جنوب السودان يسعى لعسكرة دولته، ولذلك فان ميزانية التسليح تعادل 2,7 مليار دولار سنوياً، مشيراً إلى ان الحكومة هناك لا تستطيع إحتواء الموقف الأمني داخل النظام، وهنالك مليون دولار مساعدات عسكرية الى الجيش الشعبي لتحرير السودان من قبل الولاياتالمتحدة، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد إستقرار، كما أن الاوضاع الاقتصادية والأمنية متدهورة، وجنوب السودان يحتاج لحل ازمة عبور البترول عبر الشمال، وكل ما يفعله الجنوب فى ذلك من باب الضغط على الخرطوم لا أكثر. ودعا أبو العينين مصر للسعي لكي لا يصل الصراع بين الشمال والجنوب الى الحرب الشاملة او الفوضى الداخلية، متساءلاً عن إستطاعة الجنوب حالياً ان يمد يده للسودان العربي المسلم ولمصر العربية المسلمة ؟ مضيفاً: يبدو ان الجنوب يمضي مسار الإنضمام لدول جوار على حساب أُخريات مما يهدد الأمن الاقليمي خاصة فى مسألة مياه النيل. وأكد الأستاذ هاني رسلان مدير برنامج السودان وحوض النيل بمركز الاهرام خلال حديثه في الندوة أن مصر تواجه مأزقاً أستراتيجياً كبيراً، فبعد ثورة 25 يناير باتت لا تبذل جهوداً فى الاوضاع بين السودان وجنوب السودان، داعياً بلاده لتبني تحركات نشطة لانفاذ استراتيجية مركبة تقوم على تماسك دولة السودان ومساعدة جنوب السودان على الاستقرار والتنمية، كما عليها ان تُفعّل المحيط العربي فى ذلك، وان تشجع الطرفين لعلاقة تعاونية وان تسعى لاطار اقليمي يجمعهما مع دول حوض النيل. إسرائيل في جنوب السودان وأشار رسلان إلى أن الموقف الاميركي يعتبر لاعب رئيسى بين السودان وجنوب السودان، وتقوم استراتيجيته على الضغط على النظام فى الخرطوم من اجل الإبقاء عليه وليس من اجل إسقاطه. والحركة الشعبية تسعى ان تحول منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق من صراع داخلي الى بُعد إقليمي ودولي وإنشاء جنوب جديد للسودان. وأبان أن إسرائيل إستفادت من ضعف الجنوب إقتصادياً وعدم وجود بنيات تحتية إضافة لمشكلاته القبلية فساهمت فى تأجيج الصراع بين الشمال والجنوب، خاصة مع خوف الجنوب من الشمال كمهدد لدولتهم الوليدة، كما ساهمت وساعدت فى إنفصال الجنوب، لأن استقرار السودان يعني لدي اسرائيل انه سيصير دولة عملاقة فى المنطقة يهدد الاجندات الاسرائيلية، مشيراً في هذا الصدد لتصريحات آفي ديختر وزير الأمن الاسرائيلي الذي ذكر أن " اسرائيل تبلور سياساتها تجاه العالم العربي بتجاوز المدى الحالي، وتقديرنا هو عدم السماح للسودان ان يصبح اضافة للعالم العربي، وعلى اسرائيل ان تتقدم فى الساحة السودانية لمفاقمة الازمات وانتاج ازمات جديدة لاضعاف السودان وتحقيق مصالح اسرائيل فى المنطقة " . واختتم رسلان حديثه بالقول: إذا ما اردنا تحقيق الأمن القومي المصري علينا عدم دفع الجنوب للإرتباط بإسرائيل . ذكر الأستاذ حامد احمد حامد من الحزب الناصري خلال حديثه في الندوة أن مصر ما زالت غائبة عن البعد الافريقي وحوض النيل، وهنالك دولاً اقل من مصر تلعب ادواراً اكبر منها فى السودان مثل قطر، وهو ما يستدعي إعادة النظر ومراجعة مصالح مصر الاستراتيجية من قبل الباحثين والخبراء قبل مؤسسة الرئاسة. إنزواء عربي ودافع مؤيد الضبعي نائب مساعد وزير الخارجية المصري لشئون السودان عن السياسة الخارجية المصرية التي قال إنها لم تهمل السودان ولا جنوب السودان بعد الثورة، وهو الإتهام الذي ظلوا يواجهونه باستمرار، قائلاً إن علاقاتهم جيدة مع السودان فى كافة المستويات وكذلك جنوب السودان، فالمساعدات والمنح والدورات التدريبية مستمرة، مذكراً بلقاء وزير الخارجية المصري بدينق ألور على هامش قمة الإتحاد الإفريقي الأخيرة بأديس أبابا، وناقش اللقاء دعوة الرئيس سلفاكير للقاهرة وانشاء المركز الثقافي المصري فى دولة الجنوب. واعتبر زياد عبدالمنعم عبيد من ادارة افريقيا بجامعة الدول العربية أن الدور الاسرائيلي فى المنطقة هو رد فعل للدور الايراني داعياُ مصر لمتابعة مصالحها مع دولتي السودان وصولاً لتسوية شاملة. وتطرق محمد الشاذلي سفير مصر السابق بالسودان لعدم دخول دولة الجنوب فى منظومة الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، الأمر الذي قد يُباعد بينها وبين الدول العربية، قائلاً ان على مصر ان لا تغفل مناطق الأمن القومي المصري، وان لا تشغلها المشاكل والاحوال الداخلية عن ذلك، فالسودان مهم جداً لمصر. ودعا د. أيمن شبانة نائب مدير مركز السودان للدراسات بجامعة القاهرة دولة الجنوب عدم السعي لتدويل القضايا العالقة لأن مجلس الأمن الحالي يعتبر واجهة للولايات المتحدة، وقال إن جنوب السودان طالما أحس بدعم دولي سيتشدد فى مواقفه، خاصة بعد شعوره بأن التقارب سيصبح أكبر بين الخرطوموالقاهرة بعد وصول الإسلاميين للحكم فى مصر، الأمر الذي يمهد للخوف من قبل الجنوبيين، وأشار إلى أن الجنوبيين يفكرون لا يزالون يفكرون بعقلية الحركة الشعبية وليس الدولة، قائلاً إن على مصر ان تبدأ بوضع إستراتيجية للسلام بين الدولتين لتطمين الجنوبيين، بإعتبار أن الاوضاع الحالية قد تؤدي لتكامل وإتحاد بين السودان ومصر، وقد يعيدا إتفاقية الدفاع المشترك بينهما . ما بعد الإنفصال وأكد د. الوليد سيد محمد علي رئيس حزب مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة أن السودان قدم قبل الانفصال كل ما يؤدي للوحدة، ثم احترم رغبة وإرادة ابناء الجنوب بالانفصال، وذهب الرئيس البشير فى 9/7/2011 ليشارك دولة الجنوب احتفالية دولتهم الجديدة ودعا حينها لهزيمة الانفصال ليصبح جغرافياً وبدء صفحة تعاون بين الدولتين. ورغم ذلك إلا ان دولة الجنوب توقع الاتفاقات ولا تحترمها لان لديها (نوايا خفية) وتريد بعد الانفصال ان تحقق مشروع السودان الجديد الذي يبدأ بتهديد استقرار السودان، وتعمل على التلويح بعلاقتها مع امريكا واسرائيل لتهديد الأمن القومي السوداني. وذهب د. الوليد إلى أن جوهر إستراتيجية السودان والمؤتمر الوطني هو الوصول للإستقرار والتعاون عبر الحوار، والمفتاح فى ذلك هو حل معضلة الأمن بين الطرفين والذي يبدأ بفك ارتباط الجنوب مع ما يسمى قطاع الشمال والفرقتين التاسعة والعاشرة، والبدء فى المنطقة منزوعة السلاح وترسيم الحدود وحسم قضية أبيي، هذه الترتيبات الأمنية تقود مباشرة الى الاتفاقيات التعاونية والاقتصادية والتجارية بين البلدين. ودافع صلاح المليح المسئول الاعلامي بسفارة جنوب السودان بالقاهرة عن الإنفصال الذي قال إنه لم يكن بإرادة امريكية كما يزعم الكثيرون، بل جاء برغبة أبناء الجنوب بعد ماعانوه من تهميش وعدم تنمية، وواصل القول أن الحركة الشعبية حركة وحدوية، ولكن بمفهوم المساواة للجميع وليس كما يرى النظام فى الخرطوم ان الوحدة نقل ثروات الجنوب للشمال. مشيراً لحديث د. نافع علي نافع عند زيارته للقاهرة فى ظل النظام السابق الذي قال فيه أن وحدة الجنوبيين أفضل منها الإنفصال !! ويمضي المليح قائلاً أنهم يريدون علاقة جيدة مع مصر ويرفضون وصفهم ( بالصبيانية ) فى امور التفاوض، كما ان هنالك الكثير من المغالطات التي يريد نظام الخرطوم تمريرها والتي صدقها الاعلام العربي للأسف، مثل هيمنة الدينكا على الجنوب، وهيمنة أولاد قرنق على الحركة وقراراتها، والعلاقة مع قطاع الشمال، وغيرها من الشائعات التي لا اساس لها من الصحة. توصيات الندوة وخرجت ندوة (أهمية دولتي السودان وجنوب السودان فى دعم الأمن الاقليمي) بعدد من المخرجات أهمها دعوة مصر لدور اكبر فى التسوية بين الدولتين خاصة في ظل المخاوف المصرية من الحرب الشاملة او الفوضى الداخلية او انحلال السودان. كذلك سعى مصر لدور موازي للدور الاثيوبي وصولأ للتوازن فى مسألة مياه النيل. وحذرت الندوة من التقارب بين إسرائيل وجنوب السودان داعية لإبعاد اسرائيل من الجنوب وذلك ببناء علاقات مصرية تنموية مع الجنوب وحثت الندوة حكومة جنوب السودان للعمل بعقلية الدولة وتحقيق مصالح الشعبين، ودعوة السودان للمضي قدماً فى تنفيذ الاتفاقيات التعاونية. وأوصت بعدم تدويل القضية ودعوة الاتحاد الافريقي والجامعة العربية للضغط على الطرفين بدلاً من لعب دور " الميسر " فى القضايا .