بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) .. الآية هذا بلاغ للناس بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم العنوان: قراءات في حزن د. أبوبكر يوسف إبراهيم ( مجدي عبدالرحيم فضل) متاهة الانتظار على مرافئ الزمن الحزين. اعترافات في حضرة جناب الوطن(2-6) التوطئة: بعد يومان من مثل هذا اليوم ( الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول من عام 1396ه يوم مولد رسول الهدى والسلام نبينا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام وقالت لي:[ أمي يومها أحضر معانا المولد وهاجر يا ولدي وكانت حافظة للكثير من أجرزاء المصحف الكريم وخاصة صورة النساء إذ كان والدها شيخ من أهل أمرحي العركيين سليل الدوحة السمانية ، لا بد قد كان لكل منا هدف يوم اغترب من وطنه، ولكني اغتربت يوم لم يكن هناك من الدواعي الاقتصادية ما يحمل على الاغتراب ، ولكن حينما تكون الدواعي فكرية ونفسية تشعر بالاستضعاف وبعدم التواؤم مع ما كان سائداً وتقرر الهجرة وتخبر والدتك بذلك ثم تتلو عليك قول الله تبارك وتعالى في آياته المحكمات ، يومها أدركتأنها قد جهزّت لي أغلى وأقيم زاد يزود به المسافر خاصة إن كان الزادكلام الله:{{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّهُمُ الْمَلَئِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الاَْرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً(97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَنِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلا(98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفِوراً(99 سورة النساء) المتن: ولأنني أحبك يا بلادي.. يا أمي الرؤوم ، عليّ أن أصرح بالكثير الذي خبأته عنك؛ فإن كان حبي إليك من الإيمان ، فرعايتك لي قمة العطاء رحمةً وحسنة وصدقة .. أنجبتني لأكون صالحاً طائعاً باراً ؛ فإن كنت غير ذلك فعليّ الذنب ، وما عليك من جناح ؛ أعلم أن بعض من أبنائك قابلوا محبتك وعطائك بالجحود وتعودوا إيذائك لكني لم أفعل ولن ، ورغم جفائي سأظل باراً بك يا أمي حتى يضمني القبر في ترابك الطاهر، آلا يكفي أنك حملتني في جوف رحمك وعلى ظهرك، وغداً أتشرف بأن يضم ثراك التبر رفاتي . يا حبيبةً لا تعادلها حباً إلا أمي الإنسانة التي هي فلذتك أيضاً فمن أحبك أحب أمه وكل نساء العالمين.. ومع وقفة مع النفس وبصمت المراجعة ، أرجو أن يتفكر ذاك البعض مدى جحودهم ومدى صبرك على ضرائهم!!.. ذاك العقوق يستنكره ذاك البعض لو أتى به غيرهم ، أما هم فلهم فيختلقون الأعذار والمبررات عند ممارسته بتشفي حاقد فلهم من التبريرات بدلاً عن الواحد ألف و لكن ما اوهاها!!، أما بعض البعض الآخر فقد شارك مباشرة وحريض وأغرى وزيّن للأبناء الارتماء بأحضان الأجنبي الذي يتمنى ويريد ويعمل جاهداً على تمزيقك إرياً إن أفلح ، فكيف لي أن أرى غريباً يغتال أمي أمام ناظري؟!، يا للبشاعة والدناءة والوضاعة والعقوق!!، وبعض البعض ينوي بيع الإشلاء إن تمكن من اغتيالك لحساب الغير في سوق النخاسة .. إنه القاتل العاق الجحود المأجور!! فمن نلوم في هكذا حال؟!!.. لن أعفي حتى نفسي وإن لم أفعل أو أشارك في هكذا فعلٌ مشين ، ولكن يبدو أن العلة في أننا لم نغرس قداسة ومحبة الأوطان في نفوسهم لنرجسية في نفوس بعض النخب إذ يستشعرون الهلع والذعر من أن يؤول لهم ميراث القيادة لغير ذواتهم.. نحن أوضع من يحارب بناء قادة المستقبل لذلك تكلست رموز ونخب تزعم أنها سادة القوم وأنها ولدت لتحكم ، فكيف لنا أن نقنعهم بالتداول؟!! ومع ذلك ، سألوم نفسي يا بلادي أولاً ، ثم ألومك ثانياً ، وهذا تجاسر مني ولكن أسمعيني ولا تغضبي عني أكثر ؛ فمهلا فإن وقائع الحياة تدين للأقوياء بالاتجاه وتجرى على الضعفاء بالأثر، فلماذا لا تكونين من الأقوياء؟! لماذا لا نراجع الفكر ونمهد الطريق ونبدأ العلاج لنتعلم حتى ندرك يقيناً أن من يعطى لقلبه إجازة من حب الوطن ينأى بفكره عن مواجهة الخطر، بل هو كائن يعطى لنفسه صك اغتراب عن الحياة قاصدا أن يعيش أبد الدهر هامشها أو بين الحفر وآثر يعتاش على فتات وبقايا موائد اللئام ، ولا أدري كيف يزدرد لقمة الذل المغموسة بالعار؟!، وذاك ما ذهب إليه الشاعر التونسي ابوالقاسم الشابي. أنت يا الوطني الأم.. أنت يا وطني الأم التي أنجبت وربّتْ ، الأم التي أكلتني وشربتني وعلمتني ورعتني؛ أنت سبب سودانيتي وهويتي وانتمائي تماماً مثلما كانت أمي الأنثى سبب وجودي الإنساني ، فأنا وهي مدينان لك ؛ إنه وجود حي يمتزج فيه البشر بالانتماء مع مكان بعينه وزمان فى حينه، هكذا ينبغي ولكن حالما يضربك بعض الأبناء في خاصرتك ، بغية شهوة مصالح وطموحاتٍ شخصية ليصار إلى وطن ضعيف أضعفته غرائز وشهوات بعض البعض من النخب ذات الوجدان العليل والضمير المعتل، ساعين لأن تدب على الأرض أجساد بشر بلا هوية، لأن من يفعل هذا من بنيك لا يقدس هويته، فيكون الأثر السيء لذلك أن تستطيل مسافات فارقة بين نصوص القوانين وبين روح العدالة ، لأن هذا هدف من يعضد مثل هذه الفئة من أبناء الوطن، سواء تعضيد من الداخل أو من الخارج ، وحصاد ذلك يعيش أن الناس حياة تَفُوح بالوضاعة، ويتكالب القهر من قوى التسلط والجبروت دافعا الجميع لإدمان الرقص جنونا على حافة الانتحار. فى الوطن ، أيضاً طابور خامس يولد يعيش في الظلام فينتج عشرات من الحكومات السرية يديرها موظفون لحسابهم الخاص، ينشرون الفساد ويقتلون حقوق المواطنة، يصنعون بفسادهم قدرة إنجاز فاعلة لكثير من خدمات المواطنين، فيدفعون المواطن صاغرا ليدبدب الأرض من قلة حيلة، يقدم فروض الرشوة والولاء لأصحاب السلطة السرية، قاصدا أن يتحول من عبد مهان لا تقضى حاجاته فى ظلل الحكومة العلنية إلى سيد مهيب يشترى حقوق الآخرين فى نور الحكومات السرية. فى الوطن الضعيف عوامل نفسية وإعلامية وإدارية تصنع الحكومات السرية، عامل نفسى يرجع إلى عدم إشراك الآخر حتى ولو كنا نعلم أجندة من يعمل هذا البعض لهم ، هذا ما لا يجب أن تمارسه الحكومة العلنية ضد هذه الفئة لأنهم مواطنون، ويندفع الجميع لأن يحتموا خلف ميراثهم من الجبن والصمت أو أن يتمردوا ويخرجوا عن الشرعية الوطنية ، يمارسون لعبة الهروب بغير ثورة تاركين قدراتهم بعيدا عن مواجهة الفساد، وسبب إعلامي، يرجع إلى تكريس وجود بطل خرافي يحقق طموحات الناس بالخروج على كل ما هو منطقي وإنساني، ويضغط بمنجزاته المصطنعة على وجدان الضعفاء من الناس، أما السبب الإداري يرجع إلى ضعف نظام المعلومات، فيخلط المواطنون بين مهام السلطات الأساسية فى المجتمع من تشريعية وتنفيذية وقضائية، وتختلط عليهم معالم الطرق الشرعية لتلبية حاجاتهم. الحاشية: رغم جنوحي وعقوقي فأنت ملاذي وملجئي.. أنت عمري الماضي والحاضر والآتي. أنت تاريخي وهويتي ورعونتي، فبينما تعريني الغربة أنت تجملينني بزمنك من آثار كل الأقنعة التي تخفي ندبات الزمن على وجهي، فيلد الزمان منا اثنين في مكانين مختلفين ونزفين مختلفين، يتسرب البنفسج من جراحه، فتدفعين الجرح والهذيان من ذاكرة مشروخة بسيف الاغتراب الحاد فارتوى من دمي ، إلى نزف أمطار من أصابعي تمطرها سحابة ملونة، بلون الدم وطعم الدم ورائحة الدم وجنون الدم، فأتذوق جرح البعد والمسافات والقهر، فأهذي في رحاب معبدك المجنون جنونا آخر، يخرجني من جاذبية الزمان والمكان. وعندما أستفيق لا أجد إلا إلاك فاتحة ذراعيك وأحضانك تنادينني: أن هيا إليّ بنيّ!! Abubakr Ibrahim [[email protected]]