الفريق دقلو في تراجيديته الإغريقية    الدوري الخيار الامثل    عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرير دمر الصادرات والزراعة والصناعة والعائد من النفط استنزفته السياسة . بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 23 - 12 - 2013

احتياجات المواطن التى كانت تستورد بدولار تكلف اليوم ثمانية الف جنيه (قديم) بدلا عن اربعين قرش
التحرير اعجز مصادر الدولة من الدولار لارتفاع تكلفة الانتاج والترحيل عن العائد منه
من كان دخله مائة جنيه قديم بساوى 250 دولار ومن دخله اليوم 400 جديد يساوى 50 دولارا فقط.
التحرير دمر الصادرات والزراعة والصناعة والعائد من النفط استنزفته السياسة وطبقة اثرياء الحكم
الجزء الاخير من الحلقة الاخيرة
فى ختام هذه السلسلة من الحلقات عن الازمة الاقتصادية بل بتعبير ادق الدمار الذى لحق بالاقتصادالسودانى بسبب ما سمى زورا بتحرير الاقتصاد السودانى الذى قلت عنه فى الحلقات السابقة ان كان مستعبدا قبل التحرير المزعوم انما كان مستعبدا للشعب السودانى لحرصه على مصالح المواطن والوطن وان ما سمى بتحريره هو فى حقيقته تمكين
فوى الاستعباد لتستعبد الشعب السودانى وهذا ما حدث بالفعل.
ولقداوضحت فى الحلقات السابقة كيف ان الانجليز حرصوا على نظام اقتصادى يجعل مصلحة المواطن والوطن فوق اى مصالح شخصية لقلة من الحكام ومنسوبيهم كما حدث بسبب ماسمى بالتحرير الاقتصادى.
ولكى نستوعب ما لحق بالمواطن العادى والوطن من قرار تحرير الاقتصاد اسمحوا لى ان اتحدث بلغة مبسطة حتى يستوعبها العوام بعيداعن المصطلحات واللغة الاقتصادية الجافة ليقينى بان المواطن العادى وبالرغم من معاناته التى بلغت ذروتها لا يدرك ان ما لحق به هو بسبب هذه السياسة التى كتبت نهاية الجنيه السودانى الذى ظلت قيمته تساوى اتنين دولار ونصف تقريبا حتى قرار السيد بدرالدين سليمان الذى قلص قيمته بقرار الغاء رقابة النقد لترتفع قيمة الدولار ولتساوى اثنتى عشر جنيها ثم كانت الكارثة التى حلت بقيمته تحت سياسة التحريرالاقتصادى حيث بلغ سعر الدولار ثمانية الف جنيه (قديم) وهو الذى كان يساوى اربعين قرشا فقط قبل قرارى السيدين بدرالدين والسيد حمدى الذى (حرر الاقتصادالسودانى كما قال) ليجعل من المواطن عبدا للدولاروللسوق العالمى والدول الراسمالية بعدان استعبد الدولار الجنيه السودانى خاصة فى دولة نامية كالسودان يشكل الاستيرادالعمودالاكبر من احتياجاتها لهذا اسمحوا لى ان اتحدث بلغة مبسطة حتى يدرك المواطن ما الحقته به سياسة التحرير واعذ رونى ان كنت اجرى المقارنة وفق قيمة الجنيه القديمة قبل ان تقلص سياسة التحرير الالف جنيه لتساوى جنيها واحدا من القديم حتى لا تنطلى علينا هذه الفرية لهذا لابد من المقارنة بلغة الجنيه القديم. حتى تتضح الصورة او بتعبير ادق الكارثة التى حلت بالمواطن
نصوروا ان كان دخل مواطن مائة جنيه قديم قبل سياسة التحرير فانها تساوى مئتين وخمسين دولار مما يعنى انها تكفيه لسد احتياجاته بما قيمته 250 دولارومن يبلغ دخله اليوم (هذا اذا كان له مصدر دخل) اربعمائة جنيه جديد(اى اربعمائة الف قديم) فانه يساوى خمسين دولارا فقط اى انها تكفيه لسد حاجته بما قيمته خمسين دولار مقارنة بنفس المبلغ حتى منتص السبعينات.
ولتوضيح المقارنة بصورة اكثر نفصيلا فالمواطن الذى يحتاج كمية من القمح لسد حاجة بطنه فى حدها الادنى فان كانت كلفة هذه الكمية من القمح قبل ان تتحول خبزا يتكلف استيرادها دولارا واحدا فانها اذن تقع عليه بتكلفة اربعين قرشا قديم ولكن انظروا لنفس الكمية اليوم بافتراض انها بقيت حتى اليوم بتكلفة دولارواحد فانها اذن ستكلفه ثمانية الف جنيه قديم مما يعنى ان قيمتها بالنسبة للمواطن ارتفعت بعشرين الف ضعف.عما كانت عليه قبل التحريرمما يعنى ان المواطن بحاجة لان يتضاعف دخله عشرين الف ضعفا ليبقى على نفس حاله هذا قبل ان نحسب الزيادات التى طرات على نفس السلعة بسبب التحرير من ارتفاع التكلفة المحلية.
فما بالنا اذن اذا كان الترخيل والجمارك والقيمة المضافة ومالا يسع المجال حصره من الجبايات وغيرها من الممسميات التى وفدت بعد التحريرعلى هذه الحبة من القمح فكم ستبلغ تكلفىته بعد كل هذه الاضافات وكم ضعفا يحتاجها دخل المواطن لينعم بنفس ما كان يتوفر له يومها..
هكذا كانت السياسة الاقتصادية التى اسسها المستعمر (ويالها من مفارقة) والتى تتحكم فى استيراد هذه الكمية من القمح بدولار تساوى قيمته اربعين قرشا فقط للجنيه السودانى اذا كان استيرادها يكلف دولارا واحدا فقط وهكذا اصبحت تكلفتها بعد سياسة ماسمى بالتحرير الاقتصادى والتى ارتفع بقيمة نفس الكمية التى تكلف دولارا واحدا قبل التحريرلتصبح عشرين الف ضعف.
على ذات القياس اصبح حال الدواء وومستلزمات التعليم والزراعة والتصنيع وكل الاحتياجات الرئيسية للمواطن من خدمات ضرورية.
القضية باختصار تمثلت فى ان الانجليز حكموا الاستيراد وفق سياسة تخضع للاستغلال الامثل لما هو متاح من مصادرالدولارعلى قلتها لسد احتياجات المواطن الضرورية وللاستثمار مما يفيض منه لترقية الانتاج المحلى من موارد زراعية تضاعف من مصادر الدولاراوبترقية الصناعة للحد من الحاجة للاستيراد مما يواذن بين الطلب على الدولار والمتاح منه بيد الدولة الا ان سياسة التحرير حولت السودان لبوابة مفتوحة للاستيراد الذى اصبح مصدرا للثراءالفاحش للمتاجرين بالدولار بعد ان ارتفعت قيمته وتضاعف الطلب عليه الاف المرات والمتاجرين بالاستيرادالمفتوح بلا ضوابط او مواذنة مع المتوفر من الدولار على حساب مصلحة المواطن والوطن ليتحول السودان لمستعمرة للدولار ليصبح مصدرا للثراء الفاحشن من الاتجار فيه ومن السلع المستوردة التى رفعت عنها كل القيود التى انتهجتها السياسة الاقتصادية التى ارساها الانجليز الامر الذى دمر الاقتصاد تماما حيث اعجزت هذه السياسة الزراعة والصناعة والصادر و صعدت باحتياجات المواطن الضرورية فوق طاقة الاغلبية العظمى من الشعب السودان وان ارتفعت بمستوى اصحاب القرار لمستوى معيشى مميز عن عامة الشعب.
فلقد تحول السودان بسبب هذا التحرير لدولة غير منتجة بل عاجزة عن الانتاج ولدولة يحتكرها السوق العالمى بكل مافيه من سلع فاسدة وكمالية حيث انه لم تعد هناك اى سياسىة تواذن بين الاستيراد واولويات المصلحة العامة .وما تملكه او تستطيع توفيره من مصادر الدولار وليصبح السودان فريسة لمؤسسات التمويل الاستعمارية التى اثقلت السودان بالديون التى تستغل لتمويل الاستيراد المفتوح لكل السلع لتحقق هى الارباح الباهظة بينما يتضاعف عجز الدولة عن سداد الديون ولعل جولة واحدة فى اسواق العاصمة تكفى للوقوف على ما تفيض به الاسواق من سلع ترفيهية ولسوق الدولار الذى اصبح اكبر سوق متاح تحت الاشجار وفى الصرافات يتحكم فيه كبار التجارمن اصحاب القرار.ولتتحول الجمارك من ادارة فاعلة لتننفيذ سياسة الاستيراد وانجاح سياساته لمصدر عائد مادى يتحمل تبعاته المواطن العادى بعدان اصبحت مصلحة الحكام ان تفتح كل حدود السودان لاستيراد اى سلع تهدف تحقيق الربح دون اى قيود عليها بعد ان اصبح بنك السودان ووزارة التجارة والصناعة مؤسسات اسمية بلا صلاحية بعد ان اصبح الجشع هو سيد الموقف
.عفوا عزيزى القارى واخص المواطن العادى اننى وبمساعدة الشهيدالرحل المقيم هاشم العطا الذى كان يعمل ملحقا عسكريا فى المانيا الغربية قمت فى عام67 باستيراد عربة اوبل ركورد بلغت تكلفتها حتى الخرطوم مئتين جنيه فقط(قديم) واليوم تبلغ قيمة بطارية فقط للعربة الف جنيه جديد اى مليار جنيه قديم فانظروا كم هو حجم الدمار الذى تسبب فيه التحرير وهذاعلى سبيل المثال مئتين جنيه فقط(قديم) واليوم اذا دفعت مئتين جديد لمتسول سوف يقذفها فى وجهك.
اذن ما اصاب السودان بسبب ما سمى بالتحرير ليس بحاجة لان نفيض بالحديث عن اثاره السالبة ولكن للتحرير وجها اخر اكثرسوءا لانه لم يقف عند تدمير الجنيه السودانى وانما امتد لتدمير كل المؤسسات الاقتصادية التى كانت تمثل صمام الامان للضوابط الاقتصادية والتى كانت تحمل امل التطور الاقتصادى الذى تنشده الدولة تحت ظل النظام الاقتصادى المعافى الذى اسسه الانجليز
وعلى راس هذه المؤسسات التى دمرت بعد تدمير بنك السودان ووزارةالتجارة ووزارة الصناعة هذا المثلث الذى كان يخكم الاستيراد فانظروا كم من مؤسسة هامة دمرت تحت تاثير التحريرالذى اباح كل شئ ليس فيه خير للسودان وان كان يثرى اصحاب القرار.
1- وقفة مع السكة حديد:
من اميز ما اسس له الانجليز فى ارساء القيم الاقتصادية التى تتوافق مع قدرات السودان السكة حديد ومشروع الجزيرة لهذا خصهما الاستعمار باستقلالية عن الجهاز السيسى والخدمة المدنية حيث ان ادارة هاتين المؤسستين من اختصاص مجالس الادارة الذى منح سلطات خاصة تضمن استقلاليتهما الادارية بنص قانون كل منهما .
واذا كنت اتحدث الان عن السكة حديد فلقد ادرك الانجليز ان السودان بمساحته الواسعة التى تبلغ مليون ميل مربع قبل الانفصال ولضعف القدرات الاقتصادية فان السكة حديد هى الوسيلة الانسب اقتصاديا لربط مناطق السودان المختلفة لانها الاقل تكلفة و بصفة خاصة بمناطق الانتاج التى يعول عليها الاقتصاد كمصدر للعملة الصعبة باعتبار ان تكلفة السكة حديد اقل كثيرا من الاعتماد على طرق الاسفلت فالقطار الواحد والذى يعتمد يومها على الفحم الحجرى يسع اربعين عربة نقل بضائع سعة العربة الواحدة ثلاثين طنا تسحبها ماكينة واحدة لا تستخدم البترول لتصبح جمولة القطارالواحد الف ومائتين طن من مناطق الانتاج حتى ميناء بوريسودان الميناء الوحيد للصادر و وهكذا الحال مع الوارد لضمان قلة التكلفة خاصة ان السكةحديد لا تعتمد على النفط لارتفاع تكلفته وكان التخطيط ينصب فى تطوير السكة حديد حتى تغطى كل الوطن كما انها كانت وسيلة المواصلات الاقل تكلفة لانتقالاات المواطنين ولكن اسوا ما لحق بالاقتصاد السودانى من ضرر ان النظم العسكرية خاصىة بداية بانقلاب مايو ثم من بعد نظام الانقاذ ولتخوفهم من نقابة السكة حديد التى اشتهرت بقيادة العصيان المدنى ضدالنظم العسكرية فلقد تم تدمير السكة حديد تماما واستبدلت بالاعتماد على تشييد طرق الاسفلت بدلا عن تطوير السكة حديد مما ترتب عليه تحت ظل ماسمى بتحرير الاقتصاد ان الطلب على الدولار ارتفع بشكل حاد لتغطية التزامات الدولة تجاه شركات المقاولات لتعبيد الطرق الاجنبية من الدولاربجانب ان تمويلها يقوم على الاستدانة من الدول صاحبة المصلحة فى تشغيل مرسساتها و استيراد اليات الترحيل الكبيرة التى بلغت اليوم عشرات الالاف وما تستهلكه من وقود وقطع غيار والتى فتحت ابواب الثراء الفاحش لوكلاء هذه الشركات والاليات ولمستورديها وهم بالطبع من سدنة النظام ولعل اخطر ما ترتب على هذا التحول من الاعتمادعلى السكة حديد ان ارتفعت تكلفة الترحيل بطرق الاسفلت لمعدل استنزف الصادرات التى يعتمد عليها لتوفير الدولاربجانب ما تسببت فيه من ارتفاع تكلفة الانتاج مما اعجزالصادرات السودانيةعن التنافس خارجيا بل ما يتم صرفه من دولار على الصادر يمتص ما يعود منه من العملة الصعبة واكثر ليفقد الصادر اى دور له فى دعم مصادر العملة الاجنبية. ولخوف الانجليز يومها من ان تنساق الدولة نحو الاعتماد على طرق الاسفلت عالية التكلفة فلقد اشترط قانون السكة حديد يومها على ان مجلس ادارة الهيئة هو الذى يوافق على تشييد الطرق للتاكد من انها ليست بديلا للسكة حديد حسب الاهمية الاقتصادية وله ان يعترض على تشييد اى طريق لهذا السبب ومن المفارقات يومها وحسب ما سمعته يتردد فى اوساط وزارة التجارة يوم التحقت بها فى عام 63 ان الوزارة تلقت عرضا من شركة شل عرضت فيه تكفلها بتشييد طريق اسفلت الخرطوم حتى بورتسودان على ان تحتكر شل توزيع البترول على الطريق لمدة عشرين عاما وان الوزارة والجهات المختصة يومها هللت لعرض شركة شل الا ان رئيس مجلس ادارة السكة حديد يومها السيد محمد فضل استخدم سلطاته حسب القانون ورفض تشييد الطريق واكد ان حاجة البلد لخط ثانى للسكة حديد موازى لخط الخرطوم بورتسودان بدلا عن تشييد طريق اسفلت لرفع كفاءة السكة حديد واختصار زمن الرحلات لرفع طاقة السكة حديد وبالفعل تم التراجع يومها عن قبول عرض شركة شل الاان الاوضاع تغيرت بعد ذلك عندما الغيت صلاحيات مجلس ادارة السكة حديدواصبحت خاضعة لوزارة النقل ليكتب الحكم الوطنى السطر الاخير من استقلالية السكة حديد
.اذن كانت هذه واحدة من اخطر سلبيات الحكم الوطنى بصفة خاصة تحرير الاقتصاد مما ترتب عليه عجز الصادرؤ وارتفاع تكلفة الوارد وارتفاع الطلب على الدولار لسد حاجة الاستيراد التى تضاعفت بسبب تشييد طرق الاسفلت وادوات الترحيل واستهلاك النفط وما يلزم من قطع غيار وصيانة خاصة فى عهد الاستيرادالمفتوح الذى اباح كل شئ يحقق الثراء للمستوردين ويرفع من عائد الحمارك والضرائب.
2- مشروع الجزيرة:
مشروع الجزيرة يشكل ثنائى مميز مع السكة حديد وكان مجلس ادارته يتمتع بنفس استقلالية مجلس ادارة السكة حديد باعتباره اكبر مؤسسة اقتصادية لتوفير العملة الصعبة من الدولار حتى تتفرغ ادارة المشروع لتوسيعه وتطويره بما كفل لها من حرية تامة ولكن المؤسف ان بداية النهاية لهذا المشروع الذى يصدر اهم سلعة مدرة للدولار هى القطن بداية النهاية كانت فى عهد الحكم الديمقراطى وتحديدا فى عهد ولاية الشهيد الشريف حسين الهندى لوزارة المالية حيث اتبع مشروع الجزيرة لوزارة المالية كما كان حال السكة حديد التى اتبعت لوزارة النقل وهى ذات الفترة التى شهدت كتابة نهاية استقلالية وكلاء الخدمة المدنية الذين كانوا يتمتعون بسلطة قانونية تنفيذية لا تخضع للوزير بصفته مسئول سياسيا عن الوزارات حيث جردالوكلاءمن هذا السلطة واصبحت كافة المناصب خاضعة للسلطة السياسية ليبدا عندئذ تجريد هذه المؤسسات من سلطاتها حسب السياسة.هكذا اصبح مشروع الجزيرة ادارة من ادارات وزارات المالية وفقد استقلاليته ولتكتب نهايته اخيرا على يد تحرير الاقتصاد وتدمير السكة حديد لتصبح تكلفة انتاجه اكبر من العائد منه مع العديد من المشكلات الاخرى التى كتبت نهاية اكبر مشروع اقتصادى ورائد فى مجال الزراعة فى دولة تعتير زراعية فى المقام الاول وهاهو حال المشروع اليوم وما يتعرض له يغنى عن السؤال عنه.بل من المفارقات المضحكة جدا ان السودان والذى يعتبر من اكبر الدول المصدرة للقطن يفتح ابوابه بسبب سياسة التحرير لاستيراد الملبوسات غير القطنية لتفيض الاسواق بهذه السلع البديلة للقطن ليشارك فى كتابة نهاية الطلب على اهم محصول ينتجه السودان عنما اصبح سوقا استهلاكية مفتوحة للمنتجات غير القطنية لتثرى طبقة الاغنياء على حساب المنتج الرئيسى لصادرات السودان وهكذا حال الصمغ العربى والحبوب الزتية.
3- النقل الميكانيكى:
ولعل الحديث عن مصلحة النقل الميكانيكى التى وادت من سياسة التحرير والتى كانت صمام الامان فى التحكم فى استيراد السيارات وبصفة خاصة سيارات الحكومة التى اصبحت فى عهد التحرير(على قفا من يشيل) حيث تعج مدن السودان المختلفة بمئات الالاف من العربات التى تحمل نمر حكومية وغيرها الالاف التى لا تحمل ارقام حكومية رغما عن انها ملك للدولة ولكم اصبح مالوفا ان تجد العشرات منها فى صالات الافراح والمدارس بعد ان انفرط العقد الذى كان يتحكم فى اعدادها واوجه استخدامها حيث كانت العربات الحكومية تخضع للوائح خدمة مدنية صارمة بيد مصلحة النقل الميكانيكى الذى كان مراقبوه ينتشرون فى الطرقات يملكون سلطة الرقابة على اى عربة حكومية يتم كشفها فى الطرقات مالم تكن فى مهمة رسمية فكانت الرقابة تصادر العربة وتعيدها للنقل الميكانيكى حيث تستوضح الجهة التى خصصت لها لسوء استخدامها لهذا لم تكن عربات الحكومة بهذاالكم الهائل الذى يبلغ مئات الالاف بعد ان اصبح التصرف بيد كل وزارة ومؤسسة حكومية علنية او سرية ان تتملك ما تشاء من سيارات من مال الدولةبما فى ذلك وقودها مما يستزنف مئات الملايين من الدولارات لاستيرادها وصيانتها وتكلفة وقودها طالما انه اصبح بيد اى جهة رسمية ان تستورد ما تشاءسواء من الخارج او من الوكلاءاو تجار السيارات الذين انتشروا فى كل الاسواق.
ليت الامر يقف عند هذاالحد فلقد كان استيراد العربات يخضع للوائح صارمةلا تسمح بدخول اى عربة السودان الا اذا اختبرت من مصلحة النقل الميكانيكى الذى يختبر عينة منه لمدة سنة ليحدد صلاحبتها الفنيىة واستهلاكها للبترول وجودتها وملاءمتها للعمل فى السودان وبغير ذلك لا يسمح بدخولها السودان بل كانت الرقابة مشددة على العربات ستة سلندر التى لم يكن يسمح باستيرادها الا بتصديق خاص من وكيل وزارة التجارة حسب مستوى الشخصية التى تطلب هذه العربة بغرض التحكم فى استهلاك البترول واليوم بسبب سياسىة التحرير اصبح السودان سوقا مفتوحةلكل العربات فاقدة الاهلية الفنية قصيرة العمر الافتراضى والتى تستهلك قطع غيار بصورة دائمة بعد ان غابت الجهة المختصة بالرقابة عليها فذهب النقل الميكانيكى ضحية التحرير ليرتفع الطلب على الدولار لتمويل استيراد هذا الكم الهائل من السيارات دون معايير فنية لهذا فان العديد من الشركات المصنعة لسيارات لا تستوفى المواصفات الفنية وجدت ابواب السودان مفتوحة بسبب التحرير الذى اباح كل شئ دون رقيب او قيود غيرسنة التصنيع والتى عمل بها مؤخرا ليصبح السودان مخذنا للحديدالخردة من العربات التالفة التى ماكانت لتجد طريقها للسودان تحت ادارة النقل الميكانيكى الا ان النقل الميكانيكى اليون بيع ارضا للمستثمرين الاجانب.
4-مصلحة المخازن والمهمات:
ولعل هذه المصلحة من اهم المصالح التى التى كانت تلعب دورا اقتصاديا هاما لا يعلى عليه حيث انها نختص بسد احتياجات كل اجهزة الدولة بما فى ذلك القصر الجمهورى حيث كانت هذه المصلحة مسئولة عن تزويد كل مؤسسات الدولة من احتياجاتها بالاعتماد على التصنيع المحلى وما لايتوفر صناعته محليا تتولى هذه الصلحة استيراده حيث لم يكن بيد اى مؤسسة حكومية مهما بلغت ان تزود نفسها وفق مزاج مسئوليها بما تراه من معدات واحتياجات الا وفقا للوائح التى تضبط هذا الامر وتحت اشراف هذه المصلحة لهذا لم تكن هذه الاحتياجات سوقا مباحا للمؤسسات الحكومية دون رقيب او لوائح خدمة بسبب التحرير وكتابة النهاية لهذه المصلحة لتستورد احتياجات المكاتب بملايين الدولارات بلا رقيب ,
ولعلنى بهذه المناسبة اعود لذلك اليوم عندما تمت ترقيتى للدرجة دى اس ودخل على باشكاتب الوزارة المستر انطون وطلب منى ان اخلى مكتبى حيث قام باستبدال الطاولة الخشبية التى كنت اجلس عليها بطاولة تغطيها قطعة قطيفة وبها درج واحد مصنوعة محليا من الخشب وقال لى مبروك الطاولة الجديدة التى استحقيتها من مصلحة المخازن والمخصصة للدرجة دى اس,هكذا كان حال كل مكاتب الدولة والان اكبرعملاء صالات الاثاثات الفاخر التى ملات شوارع العاصمة هى المؤسسات الحكومية الت اصبحت تفرش مكاتبها بارقى انواع الاثاثات المستوردة حتى اصبحت الكثير من المكاتب على مستوى فندق سبعة نجوم بل اميز من الفنادق وكل هذا بالطبع يشكل مصدرا للثراء الفاحش وارتفاع الطلب على الدولار بعد ان اصبحت مؤسسات الدولة تغزى بالاثاثات الفاخرة المستوردة ورغم انها صناعات سيئة لعدم وجود رقيب عليها وذلك بسبب التحرير الذى شيع مصلحة المخازن والمهات والتى بيعت ارضها لمستثمرين اجانب.
5- ولان المساحة لا تسع استعراض كل المرسسات التى وادت بسبب التحرير حيث لا يزال منها الكثير الذى يستحق وقفة الا اننى اختتم هذه الحلقة الاخيرة بوزارة الاشغال وهى الوزارة التى كانت تختص بكل مبانى المؤسسات الحكومية وفق مواصفات خاصة تتوافق مع امكانات البلد المحلية بقدر الامكان واستيراد الحد الادنى لسد الاحتياجات غير المتوفرة الا ان تحرير الاقتصاد المزعوم حررمؤسسات الدولة من هيمنة وزارة الاشغال على مبانيها وليصبح بيد اى هئة حكومية حسب مركزها وما تضعه تحت تصرفها من مال عام ان تكلف الدولة مئات الملايين من الدولارات لتشيدمبانى ناطحات سحاب والتى يثرى بالطبع المقاولون ومستوردوا مواد البناء بما يستنزفونه من دولار لتنفيذها لتحكى هذه الناطحات عن ما اصاب الاقتصاد من سياسىة التحرير .
اطنك عزيزى القارئ ادركت من هذه النماذج كيف ولماذا كانت سياسة التحرير تدميرا لمستوى معيشة المواطن وكيف انها اصبحت مصدر الثراءالفاحش لاصحاب القرار ومنسوبيهم.
واكتفى بهذا القدر وامل ان اكون اوفيت وكان الله فى عون المواطن والوطن من هذه العبودبة المسمى زورا 0بالتحرير)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.