الخطاب التاريخي الذي قدمه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير؛ للشعب السوداني في السابع والعشرين من يناير الحالي 2014 أشار الى كثير من القضايا الاقتصادية؛ من بينها جهاز قومي للإيرادات، ويشير وزير الدولة بالمالية الأسبق بروفيسور عزالدين إبراهيم إلى أن الأمر ظل مطروحاً منذ فترة طويلة كجزء من الإصلاح المؤسسي. واعتبر أن المشكلة- أصلاً- تكمن في أن ميزانية الدولة إيرادات ومصروفات، وفيما أن الجهة المسؤولة عن الصرف جهة واحدة (وزارة المالية) إلا أن الجهات الإيرادية عديدة ومبعثرة؛ حيث هنالك عدد من الجهات الإيرادية ( وكالة للقيمة المضافة ،الجمارك، ضرائب الأرباح) ولعل هذه جهات إيرادية كبيرة، بالإضافة الى جهات إيرادية أخرى من بينها هيئة الطيران المدني والقضائية والشرطة؛ فيما يتعلق بالرسوم المصلحية للجوازات وغيرها، ويؤكد بروفيسور عز الدين في حديثه ل(الخرطوم) أمس؛ أن الأمر يوضح مدى بعثرة الإيرادات، لافتاً الى أن هنالك أجهزة إيرادية تحت مسؤولية وزير المالية مباشرة؛ بينما هنالك أخرى تحت مسؤولية الوكيل، واعتبر الأمر يوضح مزيداً من البعثرة ورأى أن ذلك يوضح صعوبة جمع الإيرادات، واعتبر تكوين جهاز قومي للإيرادات يسهل إدارة الموارد وتوظيفها. وفيما طرحت على البروفيسور سؤالاً حول مدى قدرة الجهاز القومي للإيرادات او القضاء على ظاهرة التجنيب، أو الحد منها قطع بأن التجنيب انتهاك للقانون ولائحة المالية، لافتاً الى أن هنالك جهات تتحصل رسوماً بدون قانون. واعتبر أن بعض الرسوم او الدعم تبدو وكأنها ضرائب لجهة أنها يطلب فيها الإذعان، ولا يكون الشخص مخيراً في دفعها، ما يؤكد أن الأمر ليس تبرعاً، وأكد أن عدم توريد الإيرادات انتهاك للقانون. واعتبر أن الصندوق يقضي على مسألة عدم التوريد؛ وبالتالي يمكن من تطبيق القانون وإنزال الجزاءات المنصوص عليها في القانون فيما يتعلق بعدم توريد الإيرادات المالية . وكانت مصادر كشفت ل(الخرطوم) عن أن هنالك جهات إيرادية مسموح لها بالتصرف في جزء من الأموال، التي تجبيها شريطة منعها من ميزانية التسيير، وصف عز الدين الأمر بالخطأ الكبير، مقرراًَ بأنه تم في التسعينات حينما حاولت الإدارة المالية تشجيع الجهات الإيرادية لجمع إيرادات ضخمة؛ بعد أن رأت أن هنالك جهات إيرادية مستواها التحصيلي متدن، فقالت لهم (من يجمع أكثر يصرف أكثر) بيد أنه أشار الى إيقافها مؤخراً. واعتبر أن توحيد الأجهزة الإيرادية في كيان واحد من شأنه تقليل الصرف الإداري لجمع الإيرادات وتحصيلها. شدد عز الدين على أجهزة الإعلام والمجلس الوطني في الضغط من أجل إحكام مسألة إنشاء الجهاز القومي للإيرادات . من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي دكتور" محمد الناير" أن إنشاء جهاز قومي للإيرادات يصب في مصلحة الاقتصاد السوداني؛ لأن وزارة المالية تستنزف وقتها في تحصيل الإيرادات ومتابعتها وتوظيفها، وزاد في حديثه ل( الخرطوم) أمس: "إن الأمر فيه مخرج للاقتصاد السوداني " لجهة أنه يجعل أداء الإيرادات متميزاً، ونادى بأن يكون الأمر أيضاً على مستوى الولايات؛ لافتاً الى ضرورة أن لا يعني ذلك زيادة هياكل جديدة تؤدي للترهل. ورأى أن مكونات الصندوق تكون من كل الوحدات الإيرادية على ان يكون هنالك تنسيق تام، لافتاً الى أن رؤية جهاز قومي للإيرادات يتوافق مع فكرة حساب الخزانة الموحد، مشيراً إلى أن إنشاء جهاز قومي للإيرادات يحد من تجنيب الأموال ويساعد وزارة المالية في معرفة رصيدها من التدفقات النقدية على رأس كل ساعة او كيفما يُطلب منها ، بيد أنه رهن نجاح ذلك بالاستفادة من خلال ربط شبكي بكل الوحدات الإيرادية. وزاد " يجعل المالية تعرف حجم الإيرادات لديها لكي تصرف في إطاره " وأضاف أن من شأن ذلك أن يُسهل على المالية عملية الصرف وفقاً لترتيب الأولويات، وقطع بأن الصندوق من شأنه القضاء على ظاهرة التجنيب أو الحد منها وعدّه يتوافق مع التعديلات الوزارية الأخيرة لجهة أن الوزارة الماضية كانت تتضمن وزراء يستأسدون على وزارة المالية، مشيراً الى استمرار شكوى المراجع القومي لحكومة السودان من استمرار ظاهرة التجنيب، وقال: إن المبالغ المجنبة في العام 2012م على المستوى القومي والولائي بلغت (284,4) مليون جنيه، و(12,1) مليون دولار و(134,4) ألف يورو. وأشار التقرير إلى انخفاض حجم المبالغ المجنبة بالعملة المحلية مقارنة ب(497) مليون جنيه في العام 2011م مقابل ارتفاع المبالغ المجنبة بالدولار مقارنة بالعام السابق والبالغة (5,1) ملايين دولار. وأقر بوجود (10) وحدات حكومية لازالت تمارس التجنيب خارج الموازنة؛ بينما توقفت (7) وحدات عن الممارسة على المستوى القومي، بجانب وجود ثلاث ولايات تجنب أموالها من أصل ست ولايات. كما أشار التقرير لوجود تجاوز في الصرف على السلع والخدمات؛ مما يخالف سياسة خفض الإنفاق. [email protected]