[email protected] يعد التنوع في الاقتصاد والمداخيل من المفاهيم القديمة في عالم الاقتصاد بشقيه الفردي والدولي، حيث يهدف التنوع الاقتصادي إلى تشجيع النمو في الاقتصاد والابتكار فيه، وتوسيع حدوده. وفي الآونة الأخيرة تزايد دور المؤسسات الاسلامية في التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم وذلك من خلال المشاركة فى تشجيع النمو الاقتصادى العالمى وسد الفجوات وزيادة فرص الحصول على تمويل بالصيغ الإسلامية في الدول أوالمؤسسات التى تتواجد فيها المالية الاسلامية سواء كانت دول مسلمة أو غير مسلمة ، ذلك أن من مبادئ الاقتصاديات الاسلامية دعم تنوع الاقتصاد الواحد، و تعزيز الثروات الاقتصادية من خلال تخفيف حدة الفقر وتوزيع الدخل ودعم الاستقرار المالي. ويتم ذلك من خلال توفير فرص الحصول على التمويل لجميع الناس على إختلاف مستوياتهم ومعتقداتهم، مرورآ بالتمويلات الضخمة الداعمة لمشاريع البنية التحتية للدول ( من خلال الصكوك للأصول الحالية والآنية) ومن خلال استراتيجيات الاقتصاد الاسلامى التى يتم تفعيلها من خلال الوعى بمجال التمويل الإسلامي، وتعزيز البنية التحتية ذات الصلة مع التطوير المستمر للمجموعات ذات الدخل المنخفض مثل خدمات الايداع وتحويل الأموال والادخار والتكافل. وكذلك تشمل هذه العوامل العديد من الممارسات العالمية والمعايير الدولية التى تم تكيفيها مع الظروف المحلية لكل دولة. وتشمل التحديات التي تواجه صناعة الصيرفة الإسلامية الآن شفافية المعلومات وتهيئة الموارد وبناء القدرات، سواء أكانت هذه المؤسسات صغيرة أو كبيرة، وهذا يتطلب تطويرا مستمرا وابتكارا للمنتجات التي تجب أن تكون مدعومة وتحت رقابة صارمة، كونها مؤسسات قائمة على أحكام ومبادئ تشريعية تتناسب مع التكاليف والمخاطر والفوائد المتوقعة. ومن الأولويات الآنية إختبار الخدمات المالية المقدمة وتحديد محيطها التنظيمي إستنادآ إلى المخاطر التى تتعرض لها. وتعنى الصيرفة الاسلامية الآن بالدول حديثة العهد بالمالية الاسلامية، وبمدى مساهمتها فى إنجاح تطوير صناعة خدمات مالية اسلامية في هذه الدول . غدت "الصيرفة الإسلامية" أو "الإسلامية المالية" أمرا واقعا في أوساط الاقتصاد العالمي ونموذجا مثاليا للاقتصاد الناجح، وثبت ذلك من خلال تجربة الأزمة المالية العالمية، ومن واقع أنها أنجح المؤسسات المالية الحالية. وكمثال على ذلك نورد ما قرره البنك المركزي الأوروبي باحتساب نسبة فائدة ( صفر) على الودائع النقدية فى المصارف، وهى سياسة تشابه الزكاة الإسلامية (مع فقدان النية بالطبع!) أو منع الكنز النقدي. وبالتالي فإن قرار البنك المركزي الأوروبي يخدم حكمة الزكاة من خلال مفهوم "توزيع الثروة"، على الرغم من أن الحكمة المعلنة من هذا القرار المفروض على البنوك الأوربية هي تحفيز الإنفاق داخل الإقتصاد الأوروبى وتحريكه. وتواجه المصارف الاسلامية حاليا مشاكل وتحديات في إدارة السيولة الفائضة لديها، وذلك نظرآ لمحدودية الأدوات المالية المتاحة لها، والتى تعتري الكثير منها إشكالات شرعية ومالية ومحاسبية. وتشمل تلك التحديات أيضا طبيعة ومفهوم "البنك التجاري" الذى تم استنساخه ليكون "البنك التجارى الإسلامي" والذي تقوم فكرته على حساب الاحتياطى الجزئى مقابل الودائع الجارية، والذي غالبا ما يؤدي إلى نشوء التزامات أو قصور في استثمارات البنك. ويفضي كل ذلك إلى خلق قيود تجاه الدخول فى استثمارات أو أصول طويلة الأجل، ويخلق بالتالي مشكلة مستمرة في إدارة السيولة لسد الالتزامات الحالية وقصيرة الأجل. ولهذا السبب تم تصنيف نوعين من المصارف الاسلامية، نوع يحافظ على الاحتياطي الجزئي، ولكنه – ولهذا السبب- يواجه المشكلة نفسها في إدارة السيولة ، بينما يعمل النوع الاخر بنظرية الاحتياطى الكامل مقابل الودائع تحت الطلب، وبالتالي لا يمكن للبنك التجاري الاسلامي أن يذهب بالاستثمارات في الودائع تحت الطلب ويجب أن يحتفظ بما يقابلها كاملة (مائة بالمائة). غير أن تجربة المصارف الاسلامية طغت فيها (أو عليها) أدوات التورق، تحت مسميات مختلفة لإدارة السيولة، وكأداة رئيسة في الحصول على السيولة فى حال الحاجة اليها. ومن هنا تبرز الحاجة لأهمية البحث في أمر الصكوك المتداولة فى الاقتصاديات الاسلامية كأحد أدوات توفير السيولة. حيث أن هذه الصيغة قد صارت جاذبة جدا لجميع الاقتصاديات الإسلامية وغيرها. فالصك أوالصكوك فى العمل المالى الاسلامى يعبر بها عن الورقة المالية التى تثبت حقآ لصاحبها فى ملكية شائعة لموجود أو موجودات ومنها التصكيك أى تحويل الموجودات الى صكوك وطرحها للبيع، كما أن هذه الصكوك والسندات تقدم حماية لمحافظ المستثمرين بإعطائهم القدرة على تنويع المخاطر بتوفير أدوات استثمارية ذات مخاطر أقل وعائد دورى أمن . كما يمكن أن تسهم هذه الصكوك في تمويل المشروات الكبيرة ومشاريع البنية التحتية، بالاضافة الى إستقطاب وإمتصاص السيولة الفائضة فى النظام المصرفى في الدول المنتجة والتى تتمتع بإقتصاد حر ومتحرك. ويلاحظ أنه وعلى الرغم من المميزات المذكورة للتصكيك أو التوريق فإنها قد تؤدي الى إنخفاض جملة رأس المال الموظف في النظام المصرفي في الأسواق الاقتصادية التي تعانى من ضعف الانتاج وقلة الموارد المستخدمة، وبالتالي يكون عرضة الى الهشاشة المالية للنظام المالى على المستوى الوطنى أو الاقليمى إذا كانت الصكوك مطروحة للتدوال في الأسواق الاقليمية أو العالمية. وعلى وجه الإجمال، نجد أن تمويل الصكوك الاسلامية للقطاع التنموية، تظهرها في صورة إيجابية، حيث أن تمويل الصكوك الاسلامية يمول القطاع من مستثمرين (من حملة الصكوك الاسلامية) عن طريق المشاركة في الربح والخسارة. ومن الأدوات الاحترازية عند إصدار هذه الصكوك الاسلامية كذلك هو إصدار تشكيلة متنوعة من الصكوك، يمثل تداولها في السوق المالية تغييرا جوهريا فى الهيكل التمويلى لسوق المال، حيث يمكنها من إستعياب المدخرات على مختلف رغبات مستثمريها وتوفير الاحتياجات التمويلية الملائمة لمختلف المشروعات . إن هذا التنوع في إنشاء إقتصاديات جديدة قائمة على توزيع الثروة ومنع الكنز مع تقليل حدة الفقر يمثل حقيقة ولب فلسفة وأهداف الاقتصاد الإسلامي الحقيقي الذى بدأ الاقتصاد العالمي في تطبيق بعض جوانبه، والبحث في أمره، وإن اختلفت المسميات.