وافقت حركة النهضة الإسلامية في تونس على الاجتماع مع المعارضة ومناقشة تشكيل حكومة كفاءات مثلما تطالب أغلب القوى السياسية والاجتماعية، وجاء هذا التغيير في الموقف بعد اللقاء المفاجئ بعد اجتماع مجلس شورى النهضة ولقاء زعيمها راشد الغنوشي بزعيم حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي وسط تأكيدات أن الحركة الإسلامية فشلت في عقد "صفقة" مع أقوى أحزاب المعارضة، في وقت واصل فيه الاتحاد العام التونسي للشغل ضغطه على جميع الأطراف للقبول بحل وسط يبقي على المجلس التأسيسي ويحل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة غير حزبية، وذلك قبل لقاء ثان أمس جمع الغنوشي بأمين عام الاتحاد حسين العباسي . وأكدت حركة النهضة، فجر أمس، موافقتها على الاجتماع بأحزاب المعارضة بحثًا عن إجماع من أجل الوصول إلى حل للأزمة السياسية الشائكة يرضي كل الأطراف . وقال فتحي عيادي رئيس "مجلس شورى" الحركة للصحفيين، إن المحادثات يمكن أن تبدأ في نهاية الأسبوع، ويمكن أن تبحث مطلب المعارضة تشكيل حكومة كفاءات مؤقتة سعياً للخروج من الأزمة الحالية . وقال إن حزب النهضة يدعو إلى حوار فوري تحضره جميع أحزاب المعارضة والائتلاف الحاكم من دون أي شروط . وكان الغنوشي، قد رفض بشكل قاطع، الخميس الماضي، مطالب المعارضة بتشكيل حكومة وهو ما جلب عليه انتقادات من قادة المعارضة الذين يتهمون حزبه بعدم الكفاءة في إدارة شؤون البلاد والاستهانة بخطر السلفيين المتشددين الذين يستخدمون العنف . واتخذ حزب "التكتل" بقيادة زعيمه رئيس المجلس التأسيسي الشريك الثالث في الائتلاف الحاكم موقفاً ضاغطاً على النهضة بدعوته إلى تشكيل حكومة غير متحزبة كحل للخروج من الأزمة السياسية في البلاد . وقال ابن جعفر، الذي علق منذ أسبوعين أعمال المجلس التأسيسي، إن الأسبوع الجاري هو "أسبوع الأمل والحلول" ودعا إلى تشكيل حكومة غير حزبية تكون محل توافق داخل حوار وطني، وهو نفس ما تدعو إليه جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم أطياف المعارضة وتطالب كذلك بحل المجلس التأسيسي وكل الأجهزة المنبثقة منه . وقبل لقاء جديد بين الغنوشي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي مساء أمس، حمّلت المعارضة حركة النهضة مسؤولية استمرار المأزق السياسي الذي تمر به تونس، واتهمتها بانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام . وقال الائتلاف الحزبي المعارض "الاتحاد من أجل تونس" في بيان وزعه أمس في أعقاب اجتماع عقده الأمناء العامون لهذا الائتلاف، إن حكومة النهضة "تتحمّل مسؤولية تواصل الأزمة الشاملة التي تمر بها البلاد" . ويتألف الاتحاد من أجل تونس من 5 أحزاب هي حركة نداء تونس، والحزب الجمهوري، وحزب المسار الاجتماعي الديمقراطي، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، والحزب الاشتراكي اليساري . وانتقد في بيانه رفض حركة النهضة الإسلامية "الاستجابة للمطالب الشعبية التي عبّرت عنها المعارضة السياسية الوطنية والمنظمات الوطنية التي رعت الحوار وتوافقت على تعويض الحكومة الحالية بحكومة كفاءات وطنية برئاسة شخصية محايدة وغير معنية بالترشح للانتخابات المقبلة تتولى إدارة البلاد في ما بقي من المرحلة الانتقالية وتأمين إجراء انتخابات ديمقراطية ذات مصداقية تعبر عن إرادة الشعب التونسي في اختيار ممثليه" . وأثار اللقاء الذي جمع الغنوشي بقائد السبسي ردود فعل متباينة، وأكدت أوساط سياسية أن الغنوشي كان يبحث عن صفقة مع الرجل القوي الذي تؤكد استطلاعات الرأي العام أن حزبه نداء تونس يتصدر نوايا التصويت . ونفى عبدالرؤوف الخماسي القيادي في حركة نداء تونس وجود أي "صفقة" سياسية في اللقاء السري الذي انعقد بين قائد السبسي والغنوشي . وأكد الخماسي في تصريح لجريدة "الشروق" التونسية أن الحركة أصدرت بياناً واضحاً وقّعه مديرها التنفيذي رضا بلحاج وهو بيان يكشف حقيقة ما دار بين السبسي والغنوشي . وأوضح أن قائد السبسي رفض أي اتفاق ثنائي مع حركة النهضة وجدّد تمسّكه بمطالب المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني وهي أساساً حل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني محدودة العدد ومستقلة على الأحزاب وحل المجلس التأسيسي وتهيئة ظروف ملائمة للانتخابات بحل ميليشيات حماية الثورة والقضاء على بؤر العنف . وأشار الخماسي إلى أنه تم الاتفاق على لقاء ثان، مؤكداً أن حركة نداء تونس لن تكون لها أي اتفاقيات تحت الطاولة مع أي طرف سياسي . المصدر: الخليج 20/8/2013م