نالت الأزمة في جنوب السودان اهتماماً لافتاً في أجندة جولة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأفريقية، بعدما فشلت ضغوط واشنطن وحلفائها أوروبيين نحو عام ونصف في إيقاف الحرب المجنونة في الدولة الوليدة التي رعتها إدارة أوباما منذ أن كانت في رحم الغيب، وأشرفت علي ولادتها وكانت تعتقد أنها ستكون واحة الحرية والديمقراطية والرفاهية بالمنطقة. قبل وصول أوباما للمنطقة خططت إدارته لعقد قمة تشكل زعماء الدول المجاورة لجنوب السودان التي تؤثر وتتأثر بالأوضاع الجارية هناك، غير أن واشنطن كانت عازمة علي عزل السودان، لولا جهود صينية وأثيوبية أقنعت الإدارة الأمريكية بأهمية إشراك السودان في أي جهود لتسوية الأزمة بين فرقاء الجنوب، وأن عزله لن يكون موقفاً حكيماً لأنه يمكن أن يعقد الأوضاع. وقبلت إدارة أوباما بدعوة الخرطوم إلي القمة المصغرة علي طريقة "لا بدورك ولا بحمل براك" اعترافاً منها بدور السودان وامتلاكه أوراقاً لا يمكن الاستغناء عنها. وشارك وزير الخارجية إبراهيم غندور في الاجتماع الخاص ببحث الأوضاع في دولة جنوب في حضور الرئيسين الأوغندي يوري موسفيني، والكيني أوهورو كينياتا، ورئيس الوزراء الأثيوبي هايلي ماريام ديسالين. وقال نائب رئيس البعثة الدبلوماسية السودانية في إثيوبيا السفير حمزة عمر لوكالة السودان الرسمية للأنباء أن وفد السودان الذي ضم أيضاً الفريق محمد عطا مدير جهاز الأمن والمخابرات قدم مقترحات لمعالجة الأزمة وجدت القبول من المجتمعين بمن فيهم الأمريكان من دون أن يكشف عن فحوي هذه المقترحات. ذكرت في هذه الزاوية عير ما مرة أن السودان أن السودان لديه كثيراً من الأوراق التي يمكن أن يلعب بها في شأن جنوب السودان، بجانب مصلحته في المساهمة بإيجابية لتسوية الأزمة، لتأثر أمنه القومي بما يجري هناك، والتداعيات السالبة للحرب علي البلاد، وتعطيل اتفاقات وخطوات يمكن أن تسهم في تخفيف الاختناقات الاقتصادية والمخاطر الأمنية من تلقاء جوبا. تقديرات الخرطوم السياسية والأمنية حتمت عليها دعم شرعية الرئيس سلفاكير ميارديت وكانت زيارة الرئيس عمر البشير إلي جوبا بعد فترة وجيزة من اندلاع الأزمة رسالة أكثر وضوحاً من أي تصريح أو موقف، رغم سلفا وحمايته، واستعانة نظامه بمقاتلي "الجبهة الثورية". استمرار الحرب في الجنوب وجنوب كردفان يعني استمرار حدود السودان والجنوب في حالة سيولة وفلتان مما يجعل من إنشاء منطقة عازلة لضبط ومراقبة الحدود أقرب إلي المستحيل، الأمر الذي يضع علاقات الخرطوموجوبا في حالة شكوك واضطراب مستمر. لعب السودان دوراً مؤثراً في تسوية أزمة الجنوب حتي لو لم يحصل علي مقابل سياسي من واشنطن الحريصة علي منع انهيار الدولة الوليدة، سيحقق مكاسب جمة، حيث سينال تقدير دول الجوار الأفريقي، واحترام القوي الدولية العالقة، ورضا سكان الجنوب وقادتهم المنصفين، ويصب في مصلحة الأمن القومي للسودان ومصالحة الاقتصادية. نقلا عن صحيفة الصيحة 29/7/2015م