إليكم الطاهر ساتي [email protected] السكر - وغيره - ليس سلاحا ... فلا تحتكروه ...!! ** لم يفعل شئ غير أنه دخل منزل جاره وفصل التيار الكهربائي عن جسد الجار و وضعه على فراش، ثم أخبر الجيران بأنه وجد جارهم ميتا إثر صعقة كهربائية، ومع ذلك ظل خليل يتباهى في صالون العزاء : ( أنا لحقتو في أخر لحظة، أنا جازفت عشانو، أنا ما قصرت مع المرحوم، أنا ..، أنا.. )، فقاطعه أحدهم باستياء : ( يا خليل ياخ خلي البوبار بتاعك ده، هو الزول مات يعني انت عملت ليهو شنو عشان تتبوبر كدة ؟)، فرد خليل بذات التباهي : ( علي الطلاق لو ما لحقتو كان مات أكتر كدة ) ..!! ** وحال الناس في بلدي لايختلف كثيرا عن حال جار خليل.. تراهم في الأسواق والطرقات كما السكارى وما هم بسكارى ولكن الغلاء أفقدهم الوعي، ومع ذلك يتباهى بعض سادة الحكومة يوميا بتصريحات صحفية من شاكلة : ( الحكومة بتدعم السكر بكذا جنيه، الحكومة بتدعم الدقيق بكذا جنيه، الحكومة بتدعم الوقود بكذا جنيه، الحكومة بتدعم .. الحكومة بتدعم ..)، أوهكذا يتباهون ، وكأن لسان حالهم يريد أن يقول للناس : ( علي الطلاق لو ما دعمنا كان روحكم طلعت أكتر من كدة ) ..!! ** لقد أقبل شهر الصوم، و سعرجوال السكر بالولايات يقترب الي (250 جنيها)، ولكن الحكومة تملأ الصحف بمنتهى التباهي القائل: ( أنا بدعم كل 50 كيلو سكر بمبلغ 25 جنيه)، أي لو لم يكن دعمنا هذا ربما تجاوز سعر الجوال نصف المليون، أوهكذا رد فعل الحكومة أمام ارتفاع سعر السكر، وهي تظن بأن بخطاب كهذا يقنع المواطن ويروضه بحيث يتصالح مع ذاك السعر المرهق، وهو ظن خاطئ.. ليس مهما - للناس - أن تدعم الحكومة سكر إفطاره أو لاتدعمه، وليس مهما بكم تدعم إن دعمت؟، أو لماذا لاتدعم إن لم تكن تدعم؟، كل هذا ليس مهما، فالمهم : سعر السكر - مدعوما كان أو مضافا اليه - لايطاق ولا يتناسب مع دخل السواد الأعظم من المواطنين..ولذلك، كان ولايزال ويظل سؤالهم : ماهي الأسباب وهل هناك مسؤول - غير هذه الحكومة - عن تلك الأسباب؟ ..فالإجابة - بيانا بالعمل - هي المطلوبة، وليس بوبار( نحن بندعم ) ..!! ** وليس سعر السكر فقط، بل سعر كل شئ - عدا قيمة المواطن في وطنه - بلغ وضعا يستدعي فعل شئ..ولا أدري من الذي عليه أن يفعل هذا الشئ؟، الحكومة أم الشعب ؟..المهم، لست خبيرا في الإقتصاد، ولكن الوضع الإقتصادي الراهن يشجع أي مواطن - ولو كان أميا- على التنظير، أي عندما يصل سعر جوال السكر الي (ربع مليون إلا قليلا) فهذا يعني بأن الذين يديرون اقتصادك الوطني لايختلفون عنك - أيها الأمي - في كثير شئ.. ولذلك، أشاطرك التنظير و أقول بمنتهى الوضوح : ( انه الإحتكار يا عالم)..نعم آفة السكر - وغير السكر - هي الإحتكار..فالتحرير الاقتصادي كان ولايزال محض شعار وضجيج، نسمع به ولانراه في واقع حياتنا.. وليس من العقل - ولا العدل - ألا يخلق التحرير الاقتصادي - الشايلين حسو - تنافسا في التصنيع والاستيراد والعرض بحيث يكون المواطن هو المستفيد الأول من هذا التنافس..سياسات الحكومات الرشيدة هي التي تحتكر السلاح فقط وتطلق سراح (ما دون ذلك) للمجتمع وشركاته، ولكن سياسة حكومتنا الرشيدة - بسم الله ما شاء الله - تحتكر (ما دون ذلك) وتطلق سراح السلاح للمجتمع وحركاته.. معيب أخلاقيا وحرام شرعا أن تحتكر فئة قليلة سكر مصانعنا، وتوزعه ب(القطارة )، بحيث تتحكم في سعره .. ومؤسف جدا أن تستسغل تلك (الفئة التافهه) حاجة الناس الي السكر في هذا الشهر الفضيل استغلالا خبيثا بحيث يجمع من معاناتهم (السحت والحرام )..على كل حال، يا ولاة الأمر، إن كنتم كذلك حقا وليس مجازا، جوال السكر حتى ولو كان مدعوما - خاصة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وكل أطراف البلاد - يكاد أن يكون أغلى من بندقية كلاشنكوف غير المدعومة..هل هكذا تدير الأنظمة حياة شعوبها وأوطانها..؟؟ ......................... نقلا عن السوداني نشر بتاريخ 31-07-2011