عندما تحدث والي الخرطوم حول اعادة تكوين اللجان الشعبية، على أسس تراعي خدمة سكان الأحياء بلا استثناء الى مرجعية سياسية، توقعنا أن القادمين الجدد هم نتاج عمليات انتخاب حر مباشر لسكان ولاية الخرطوم لكل من يضع أهداف خدمة الناس نصب أعينه، وأن طريقة الاختيار السابقة المعتمدة على عضوية المؤتمر الوطني فقط قد انتهت مع قرار حل اللجان الشعبية، واعلان والي الخرطوم أن الأولوية في الترشيح لمن يقدم الخدمات للحي ومهما كانت ولاءاته الحزبية، وهو ما جعل البعض يفسر ذلك الحديث لصالح مشاركة واسعة من الأحزاب الأخرى عبر اللجان الشعبية، فهل نحقق جزءاً من أهداف حل اللجان الشعبية والإتيان بوجوه جديدة؟ معلوم أن سكان ولاية الخرطوم لا يرجون ولا يرغبون في لعب أي دور سياسي للجان الشعبية، بقدر حاجتهم لكيان يقدم خدمات للأحياء في الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والطرق.. ومعلوم أن اللجان الشعبية خلال السنوات الماضية فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق متطلبات الأحياء، اللهم إلا في استخراج شهادة السكن والمواطنة، التي أصبحت ضرورية في معظم المعاملات، فقط للتأكيد على وجود هذه اللجان.. ففي كل خريف تتهدم المنازل، وتتحطم الجسور، وتخرب المدن والأرياف، وتمسح أحياء كاملة من الخارطة، ولا وجود للجان.. في كل عام دراسي تفتح المدارس على عدم وجود إجلاس للتلاميذ، وفي بعض الأحياء الطرفية بلا فصول ولا أسوار ولا كتاب، وأيضاً لا وجود للجان الشعبية.. البرك والمياه والبعوض وأمراض الملاريا والتايفويد، مظهر عادي في معظم الأحياء، ولا وجود للجهد الشعبي الذي هو جهد اللجان الشعبية، لا صوت لهذه اللجان إلا عندما تنصب صيوانات الانتخابات والندوات.. فرحنا حينها عندما أكد والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر أن اللجان الشعبية في تكوينها الجديد لن تهتم بغيرالخدمات.. لكن بوادر غير مشجعة ظهرت منذ الوهلة الأولى في الاختيار في كثير من الأحياء، ظهرت علامات التعيين والاجماع السكوتي ولم تشهد أي انتخابات ولا يحزنون.. اطلعت في العمق على عدد من شكاوى سكان بعض الأحياء من ممارسات خاطئة صاحبت عمليات انتخاب اللجان الجديدة.. أمين الاتصال التنظيمي للمؤتمر الوطني بالحارة 15 الثورة قال: إن 950 عضواً جمدوا نشاطهم بسبب ما أسماه مؤامرة دبرت بليل (آخر لحظة). وفي ذات السياق قال بعض المواطنين إن هناك فرص لأسماء بعينها، وبين هؤلاء وأولئك اليكم تجربتي الشخصية حول ما رأيته.. ففي حي جديد بالثورة، وهو الحي الذي يسكن فيه مبارك الكودة المعتمد السابق -سمي الآن على ما أظن- باسم حي الدوحة بدلاً عن الاسكان الجديد، ويقع غرب الواحة غرب.. كنت يومها حضوراً في منزل عائلتي المواجه مباشرة للزاوية التي شهدت اختيار الأعضاء الجدد، سمعت عبر المايكرفون أن عملية الانتخابات ستجرى بعد الصلاة مباشرة، بعد الصلاة لم يستغرق الأمر أكثر من عشرين دقيقة، حيث عرضت لستة من الأسماء وطلب من الحضور قراءتها، وإذا ما كان هناك اعتراض حولها.. اندهشت للطريقة ولأنني لست من سكان الحي ،وبالتالي لا أملك حق الاعتراض على هذه الطريقة من الممارسة الديمقراطية العجيبة، وبالطبع لا أحد يمكن أن يعترض على اختيار جاره، هكذا نحن في السودان في طريقة المجاملات.. ناقشت شقيقي كيف ترضون وترضخون لمثل هذه الطريقة في الاختيار، كان رده أن المجموعة التي جاءت هي من الشخصيات المحترمة في الحي، نعم قد تكون هي كذلك، لكن الأصل هو شكل الممارسة نفسها، أو لم يكن بالإمكان أن تأتي نفس المجموعة لكن عبر ممارسة رشيدة بالاختيار الحر، طالما أن أهل الحي يثقون في مقدرات القائمة الجاهزة. على السيد والي الخرطوم ألا ينتظر الطعون أو الرفض لأنه لن يحدث.. لابد من التأكيد من صحة الممارسة بشكل أفضل من طريقة القوائم.. أن تشرف المحليات اشرافاً حقيقياً وليس كمبارس كما رأيت من وجود ممثل المحلية يومذاك.