لا أعرف ما الذي تنتظره حكومتنا الرشيدة حتى تخرج علينا بموقف يرضي السودانيين داخل وخارج الوطن، بعد أن وصل بنا الحال إلى حدود الاستفزاز الليبي المقيت، بطرد السلطات الليبية لأفراد قنصلية السودان في «الكفرة» واغلاقها، ومن ثم عودتهم عن طريق الصحراء إلى أرض الوطن، دون أن تبدي سلطات حكم العقيد القذافي المترنح أية أسباب منطقية لهذا الطرد.. وإغلاق القنصلية وإمهال أعضائها ثمانية وأربعين ساعة فقط للمغادرة.. والله إننا لانرضى أن نلاقي هذا الذي نلاقيه من نظام القذافي وزبانيته، وهو الذي غذى الحرب وأشعل نارها في دارفور، وقبل ذلك كان هو الذي ضرب مدينة أم درمان مستهدفاً الإذاعة السودانية في عهد حكم الرئيس الراحل جعفر نميري- رحمه الله- وهو ذات العقيد الذي طالب السودان برد هبة مالية منحها له أوائل السبعينيات، فردها الشعب إليه كاملة غير منقوصة فيما عرف ب(مال الكرامة). والعقيد الليبي الذي زعزع الله حكمه اليوم، هو ذات العقيد الذي لم يتأخر لحظة في تصدير المشاكل وتسليح التمرد بدءاً من السودان وإنتهاءً بنيكاراجوا.. وهو ذات العقيد الذي يقف على رأس نظام إرهابي باطش يتميز على بقية أنظمة العالم المختلفة بقدرته الفائقة على الأذى وإلحاق الضرر بالآخرين.. والشواهد على ذلك كثيرة، وما حادثة تفجير طائرة لوكربي الشهيرة ومحاولة غزو مدينة أم درمان عن طريق مسلحي العدل والمساواة إلا نموذجاً للذي يقوم به العقيد الليبي الذي فقد الصديق والرفيق.. وفقد قبل كل ذلك العقل. والله إن ردة فعل حكومتنا مخجل وضعيف، لا يرتقي لحجم العمل الذي قام به القذافي وعصاباته، إذ كيف تكون كل ردة الفعل الرسمية هي استدعاء سفير ليبيا في الخرطوم وابلاغه احتجاج الحكومة السودانية، ومطالبته بتقديم توضيحات حول قرار الحاكم العسكري لمنطقة «الكفرة» بإغلاق مقر القنصلية السودانية وإمهال العاملين بها مدة (48) ساعة للمغادرة.ولا يكفي أن يتم إغلاق القنصلية الليبية في الفاشر وطرد أعضائها خلال 48 ساعة . يا حكومة.. يا رشيدة.. إن كنت حقاً تعبّرين عن إرادة هذا الشعب الذي تضرر كثيراً من الجوار الليبي في عهد حكم العقيد- الزائل لا محالة- إن كنت حقاً حكومة تعبر عن تطلعات شعبها.. عليك اصدار القرار باغلاق السفارة الليبية اليوم وقبل الغد.. وطرد كل البعثة الدبلوماسية الليبية وكل المشكوك في لافتاتهم الاستثمارية والفندقية المرفوعة.. وسحب أعضاء بعثتنا الدبلوماسية في طرابلس.. والاعتراف الفوري بالثورة الشعبية الليبية وممثلها الشرعي المجلس الوطني الانتقالي.