الحاكم العسكري بمدينة الكفرة الليبية، التي عاشت أزمة واضطرابات، إبان الثورة التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي، يأمر بطرد البعثة الدبلوماسية السودانية من المدينة، ويمهلها (48) ساعة لمغادرة الأراضي الليبية، فعل ملأ الدنيا ضجيجاً في وقته، المهم في الأمر ليس فيما قامت به السلطات اللبيبة حينه ، بل في المهلة المتبعة من قبل الدول حال قرر إحداها طرد سفراء أو رعايا دولة أخرى، وذلك بإمهالها فترة “48" ساعة، إذاً لماذا لا تكون المهلة أربع وعشرون ساعة أي “يوم" واحد أو تزيد ل(72) ساعة أو أكثر، إذاً ما سر ال(48) ساعة مع الدبلوماسية، حيث قامت السلطات الليبية وقتها بطرد القنصلية السودانية من البلدة وإمهالها لتلك المدة الموسومة ب(48). هذا الأمر جعل لأمر الطرد صيتاً إزاء ما قام به الحاكم العسكري لمدينة الكفرة الليبية، كان لذات المدة حكاية أخرى مع الجانب السوداني، إذ ترددت الخارجية السودانية بادئ الأمر في أن تنتهج ذات نهج الحاكم العسكري للكفرة، إلا أنها في نهاية المطاف فعلت ذات “الأمر" مع القنصلية اللبيبة بالفاشر؛ بأن طردتها من الأراضي السودانية مع ذات المهلة التي أعطتها السلطات الليبية لنظيرتها السودانية.. ذات المدة أعطتها الحكومة الفرنسية ل(14) دبلوماسياً ليبياً، حين قررت أن يغادروا أراضيها بعد مناصرتهم لنظام العقيد معمر القذافي. وكثيرة هي حالات طرد الدبلوماسيين التي قامت بها الحكومة السودانية نفسها، حيث قامت بطرد كل من ممثل المفوضية الأوروبية بالخرطوم “كينت ديغرفيلت"، والقائمة بالأعمال الكندية؛ بحجة تدخلهما في الشؤون الداخلية للبلاد، وإمهالهما ذات المدة للمغادرة الأراضي السودانية رغم الاحتجاجات الأوروبية والاميركية على هذه الخطوة، إلا أن الحكومة السودانية تمسكت بقرارها، ليُضاف المطرودان إلى سجل حافل شمل من قبل كلاً من السفير البريطاني والقائم بالأعمال الأميركي ودبلوماسي ليبي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان “يان برونك". ولانتهاء المهمات الدبلوماسية شروط متعارف عليها، وذلك إما بسبب البعثة الدبلوماسية وإما بسبب قطع العلاقات الدبلوماسية وإما بسبب الحرب، فلا تلجأ الدولة إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة ما إلا في الحالات الخطرة عندما تتدهور العلاقات بينهما. وعندما تقطع الدولة علاقاتها الدبلوماسية مع دولة ما فإنها تعمد إلى سحب بعثتها الدبلوماسية لدى تلك الدولة، كما تطرد بعثة تلك الدولة من أراضيها. أما الحالة الأخرى في “الطرد"، حيث تعمد الدولة المضيفة إلى طرد رئيس البعثة الدبلوماسية لدولة أخرى كرد فعل على طرد تلك الدولة لرئيس البعثة لديها. العرف الدبلوماسي ينص على مغادرة الشخص غير المرغوب فيه للبلاد المعنية خلال أسرع فرصة ممكنة، وفترة ال(24) أو (48) ساعة أو المدة الاقصى وهي (72) ساعة، تعني أن الجهة التي قامت بذلك تريد إرسال رسالة سياسيه للجهة الأخرى بأنها غير مرغوب فيها، هذا ما ذهب إليه مصدر دبلوماسي بوزارة الخارجية، في حديثه ل(الأحداث)، عن سر ال(48) ساعة التي تمهلها الحكومات للبعثات والسفراء غير المرغوب فيهم. ويرى المصدر أن (48) ساعة تعتبر المدة الأنسب؛ لجهة أن مهلة ال(24) ساعة لا تعطي إلا في حالة “الأزمة السياسية “ المستفحلة بين الطرفين، أما ال(48) ساعة، فهي تعني إعطاء سقف أعلى، باعتبار أن الشخص غير المرغوب فيه يستطيع أن يبلغ حكومته ويحزم حقائبه وأغراضه الأساسية من وثائق وتسويات مالية ليغادر البلاد؛ لذلك تعطي هذه المدة لكل تلك الاعتبارات. وقطع المصدر بأن تلك المدة لا تستطيع الجهة المطرودة تجاوزها بأي حال؛ لجهة تمتعها خلالها بالامتيازات والصلاحيات الدبلوماسية كافة، من حصانات وتوفير الحماية؛ حتى أن الجهة التي قامت بالطرد تقوم بإيصال الجهة المطرودة خلال فترة المهلة حال مغادرتها براً بإيصالها إلى حدود دولتها. أما في حال انقضائها فإن كل تلك الامتيازات تسقط لذلك لا تستطيع أي جهة دبلوماسية البقاء أكثر من المدة التي سمحت بها الجهة التي قامت بذلك؛ لأنها بعد تلك المهلة تصبح غير مسؤولة عن ما سيحدث عقب انقضائها. غير أن جهات أخرى ترى أنه في حال قيام وزارة خارجية أي دولة بهذا الإجراء فإنها تهدف من ورائه لإرسال رسالة سياسية، بجانب أن الطرد واقترانه بمهلة محددة، فإنه يعبر عن “البغض" وعدم الرغبة في وجود الشخص أو الأشخاص المعنيين في داخل أراضي الدولة المعنية، ومغادرتهم لها في أقل فترة ممكنة. والتي يري المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. صلاح الدين الدومة في حديثه ل( الأحداث) أنها ربما تُعبّر عن حالة الغضب والاستياء، أما الأمر الآخر فإن مهلة ال(48) يراعى فيها التحوط لكثير من العوائق، على رأسها احتمالية عدم توفر حجوزات في حالة السفر عبر الطيران، بالإضافة إلى التشاورات التي تتم في هذا الإطار بين الجهة المطرودة والإدارة السياسية التي تتبع لها. وزاد “إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع". وأضاف أنه وفي حالة عدم تمكن الجهة المعنية من المغادرة في الوقت المحدد فلا ضير أن يسمح لها بتجاوز المهلة المحددة؛ لجهة أن هناك أسباباً في الغالب تكون مقبولة. ويرى الدومة أن المهلة المعنية رغم ما تحمله من عقاب إلا أن اللمحة الإنسانية موجودة فيها بإمهال “المطرود" الوقت الذي يمكنه من لملمة أطرافه.