يحمد للإعلام غربلته لكل ما هو طالح لإصلاح المجتمع، ودونكم قضية عارضي الأزياء الأخيرة بأحد منتديات الخرطوم والتي شغلت وسوف تشغل الرأي العام طويلاً، وقد تنبه لخطورة ذلك الأستاذ مصطفى أبو العزائم عبر عموده المقروء «بعد ومسافة» بتاريخ الأحد 27/6/2010م، متسائلاً عن مشروعية التصريح الرسمي لعدد (25) عارضاً وعارضة للأزياء والقبض عليهم بتهمة تناول مشروبات روحية «خمور» انتهى.. الأزياء- كما يتّفق الكثيرون- نافذة على العالم يستطيع من خلالها المرء التعرّف على شخصية الفرد وإلى طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه، وقد تستوحي الأزياء تصاميمها من فنون التاريخ والتراث والعمارة ومن الطبيعة أيضاً، وليست مجرد تقليعات كما يعتقد البعض بمن فيهم بعض العارضين أنفسهم، بل إن بعض الشعوب اعتبرت الملابس هوية تميز الجماعات والأحزاب والعقائد والنظم كما يبين تاريخ الموضة التي تطال المجتمع وكما يطاله المزاج الفردي ويؤكد المؤرخون أن أول عرض أزياء في تاريخ الموضة ظهر في القرن التاسع عشر حين قام المصمم الفرنسي «شارل فريدريك وورث» بإقامة عرض أزياء تولته عارضات في صالونات فاخرة وهذا ما يؤكد ما ذهب إليه الأستاذ مصطفى أبو العزائم في مقاله سالف الذكر ونقده للعرض المختلط «للجنسين». وفي العام «1900» أصبح بباريس أكثر من عشرين مؤسسة للتصاميم الراقية التي تعبر عن مكنونات الحضارة الأوربية وقد عرف العالم حينها كبار المصممين أمثال(كارشايل) و(وايف سان لوران) يعمل بعضهم لنخبة من الزبائن فعرف العالم موضة (البلوجينز) ذات القماش الصلب الذي أصبح اللباس المميز لأغلب شباب العالم من دون تميز بين الجنسين بجانب موضة(الميني جوب) فوق الركبة وعرف العالم في الثمانينيات أسماء عديدة للعارضات أمثال(سيندي كرافورد، كلوديا شيفر والمغني روبرت سميث الذي وضع المكياج وتحلى واقتدى به مجموعة الشباب وقد عرفت العديد من السلطات الرسمية ببعض الدول بتوحيد الزي والموديلات لشعوبها منها التجربة الصينية في عهد ماو تسي تونغ خوفا من ارتداء الأزياء الغربية كما عرف العالم النازيين ولباسهم العسكري المهندم وعليه صليب مخيف للكثيرين وكذلك وحدات الجيش فيما يضع أغلب الشيوعيين قبعة(لينين الشهيرة وبوريه جيفارا المشهور والتحلي بالفولاذ الأحمر شعاراً) المطرقة والمنجل فيما تميّز الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا بالقمصان المطبوعة بالأزهار وقد ظهر بهذا اللبس لأول مرة عام 1966 في حفل الغداء مع ملكة بريطانيا فيما اشتهر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالكوفية التي يرتديها دوماً باعتبار أن صورة السياسي أهم وسيلة للإعلان والدعاية ولكن يبقى السؤال عما يعبر معرض الأزياء الذي تمت مداهمته وسط الخرطوم؟.