إنَ مما يَعجب له المرءُ في بلادنا هذه ( إعلامُها ) خاصة المرئي منه ، الذي يمازج بين الإعلام الرسمي والآخر غير الرسمي( فتراه) متخبطاً في برامجه ، بدائياً فى طرحه ، عشوائياً في موضوعاته ، مَعيباً في إنتاجه ، كالذي يتخبطه الجهلُ من ضعفٍ مسَه بالمعرفة في مجال الاعلام المتطور شكلاً ومضموناً ، والمتجدد بتجدد الأنفاس زماناً ومكاناً . وكغيرى ممن هو فى حَيرةٍ من(إعلامنا) حيرةٌ تدع صاحبها حيراناً وإن كان حليماً . ما ُيبث عبر قناة النيل الأزرق من برنامج نجوم الغد الذي في _ ظني انه يُشيع في شبابنا الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعاً (بالتغني) وقد ضلَ سعيهم فى غدٍ قد أفل نجمه قبل أن يُشرق ، ويُقَدمُ هؤلاء (........) من شبابنا المُغنيين والمغنيات على أنهم نجوم وأبطال ، وإن تعجب فعجبً فعلَ قناة النيل الأزرق وموجات أثيرها ولا همَ لها إلا المغنى المشهور ، ولا صوت لها إلا المطرب المغرور، ولا رصيد لها إلا من (برامج) للغناء ( كأفراح أفراح، وأغاني أغاني) وغيرها كثير مما يٌضلل الشباب ويفتنهم ويعلَق آمالهم(بأهل الفن) من المغنيين والمغنيات ، حتى أصبح هذا همَُ عدد مقدر من هؤلاء الشباب فى امانيهم ومقاصدهم. والمصيبة التى مابعدها مصيبة ، والداهية التي ما بعدها داهية، أنَ التنافس على هذا البرنامج قد عج به السودان كله، كسراب يحسبه نجم الغد(المغني) مورداً، حتي إذا آتاه لم يجده شيئاً وسيجده تنافساً بغيضاً من الشقاء تحت ستار الغناء ولو بعد حين. ومن ثمَ تبين لنا أنَ حواس أمتنا (خدراً) لا تتأثر لمصابها كصاحب العاهة الذي تعُيَره الصبيان بها فيتألم في أول أمره ، حتى يضرب قريبهم ، ويشتم بعيدهم ، ريثما يعرف أن الناس تسامعوا بعاته فأُشتُهر بها فيسكت ويضحك على نفسه كما تضحك الناس منه . فهكذا نحن ... (عاهة ) بلادنا في الإنتاج والبذل (وأزمة) سوداننا في العلماء والخبراء(وحاجة) وطننا إلي الباحثين والمفكرين، والنيل الأزرق القناة تخرَج أجيالاً (إرادتهم) الغناء، (وعزيمتهم) الطرب (وِهمتهم) الرقص . كالمنَبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقي ، فمن يا تُري يقود مسيرتنا ،؟ وشعار دولتنا(استكمال النهضة ) وهل تُستكمل نهضةُ أمةٍ بشبابِ .. َهمُ (إعلامه) إشغالٌ له عن الجهاد والعمل لدينه؟ وهذا ما يسعى إليه عدونا الذي يريد شباباً يعيش على الأغنيات الماجنة بدلاً عن الآيات البينة وان ينام عن كل فضيلة ويستيغظ علي رذيلة. ولو يري الذين هم (قائمون)علي قناة النيل الأزرق من خلال برنامج(نجوم الغد) فائدة مرجوة ، أو هدفاً نبيلاً ، أو نفعاً متعدياً ، فليبَينوه لنا ، وإذا تجاوزتُ الحديث عن حكم الغناء من حيث أنه (حلال أم حرام)،وأخذت بما هو شائع بين(الرججة والدهماء) من قولهم(حسنُه حسنٌ، وقبيحُه قبيح ) مع أنه كله(قبيح) بعيدة(اغنياته) عن المعانى جوفاء من القيم، وإني بالمقابل لا أتجاوز إجماع أهل (العقد والحل) عن الغناء في كل زمان ومكان وقد إجتمعت كلمتهم علي (ذمه)في الحد الأدني وأكتفي بقول بعضهم ها هنا. فقد قال بن القيم رحمه الله تعالي ومن مفاسد الأغاني: أنها تمحوا من القلب محبة القرآن الكريم، فإنه لا يجتمع في القلب محبة القرآن ومحبة الألحان، لأن القرآن وحيُ الرحمن، والغناءَ والمعازف وحي الشيطان، وهما ضدان لا يجتمعان أبداً، فهو خيارٌ فرد، وطريقٌ واحد، فاختر لنفسك أحد الطريقين. قال ابنُ القيم رحمه الله: حب الكتاب وحب ألحان الغناء *** في قلب عبدٍ ليس يجتمعان ثقُلَ الكتابُ عليهمُ لما رأوا *** تقييده بشرائع الإيمان واللهوُ خفَّ عليهمُ لما رأوا *** ما فيه من طرب ومن ألحان يا لذةَ الفساقِ لستِ كلذةِ ***الأبرارِ في عقلٍ ولا قرآنِ وقول الإمام أحمد الغناء ينبت النفاق في القلب فلا يعجبني وقال الضحاك بنُ مزاحم: الغناءُ مفسدة للقلب مسخطة للرب. قال ترجمانُ القرآن عبد الله ابنُ عباس: وكذا قال مجاهدٌ والضحاك. صوت الشيطان: الغناءُ والمزاميرُ واللهو وما قيل في هذا الشأن . وقد قامتِ الدنيا ولم تقعد والدولةُ تستقبل ما استدبر من أمرها وهي تلتفتُ إلى( الفساد) الذي ظهر في برَِها وبحرِها وقد يمَم الناسُ وجوهم شطر (الفساد المالي) دون غيره من أنواع وأشكال الفساد التي سرت في أهل السودان سريان النار في الهشيم ، لطغيانه فى عصرٍ طغت فيه (الماديات) على (الإيمانيات) دون النظر إلى فساد (الغناء) (الفساد القيمى والأخلاقي) الذي تموت به النفوس . وتخر به العزائم . كشكل من أشكال الفساد ، وشتان ما بين فساد وفساد ، ففساد المال يدرك ، وفساد الغناء يترك لايدرك ، فكيف إذا شاع أمره ، وذاع صيته حتي أصبح جهارا ، وقد نسي القائمون علي النيل الأزرق القناة قول رسولنا الكريم د من حديث بن عمر رضي الله عنهما كما في الترمذي(ما ظهرت الفاحشة في قوم حتي يعلنوا بها إلا ابتلاهم الله بالأسقام والأوجاع التي لم تكن في آباءهم الذين مضوا ....) انظر معي حتي يعلنوا بها ،، (هذه ) ففساد هذا(البرنامج) فساد للقلوب، وأي خير يرتجي من قلب فاسد، وأكبر علامات هذا الفساد،(أنه فساد) والله لا يحب المفسدين. وقد يختلف معيَ (غيري) في ما ذهبت إليه ممن يُعجبون بالغناء ولا يتعجبون منه، ولكني أتساءل .. أي هدف تحققه النيل الأزرق القناة من هذا البرنامج؟ وهل الغاية أن نملأ الدنيا ضجيجاً، والأفق صخباً، بأصوات (الناعقين والناعقات)علناً تحت بصر الأولياء وأسماعهم ؟ أم أننا نسعي لتحقيق إكتفاء ذاتي من (المغنين والمغنيات) ، حتي يصبح شبح الغناء يطاردنا ، شبراً شبراً ، وداراً داراً، وزنقةً زنقة ، و فردا فردا؟وهل ليس لنا من حاجات تدرك في شؤوننا غير الغناء والطرب ؟ والسؤال الأهم : أين سيذهب هؤلاء النجوم، وإلي أي متكئ يتكئون، وفي إي فلك يدورون،؟ وما هو مآلهم بعد الغد ؟ أفيدوني رحمكم الله تعالي. ولكني الذي أرجوه من القائمين علي أمر قناة النيل الأزرق أن يعيدوا النظر في هذا البرنامج ، و أن يفسحوا المجال لنجوم زواهر تسطع في مجالات المعرفة والتقنية والتنمية والإكتشاف والإبتكار ، وهلا أكتفيتم بما قدمتوه من (غناء ومعازف) في ما مضي من وقت وقد مضي . (وصدقَِوني) أنكم يومها لن تسع (النجوم المجتهدون) استديوهاتكم ولا مكاتبكم ولكن ستسعهم آفاقكم التي تقود هؤلاء النجوم إلي التقدم والآزدهار . إن أريد إلا الإصلاح ما أستطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وإلي لقاء في رضاء الله