بعض الاخوة يضعون شخصي الضعيف في خانة المعارض الذي لا يكتب إلا ما يراه من رأي ضد الحكومة، ومن منطلق هذا الفهم الخاطئ أصبح الحكم ضدي، وفي أي لحظة تكون هناك عبارة يشتم منها رائحة بأني مع الحكومة وليس ضدها- أو رائحة أني خرجت من دائرة الهجوم إلى الثناء، حتى ولو كلمات قليلة وفيها الصدق والحقيقة- مع أني أعلم بأن الإنسان إذا تتبع أخطاء الآخرين، ولا يرى فيهم إلا العيوب، فهو قد أخطأ في حق نفسه لأنه لا يمكن أن يكون الجميع بدون محاسن، والواجب أن يبرئ المرء نفسه من خالقه- ويقول كلمة الحق. وبهذه المناسبة وفي الاسبوع الماضي كنت قد كتبت موضوعاً عن حادثة نافع وقوش، وتحدثت عن وجهة نظري في قضيتهم، وقلت عنهم ما أعرفه، ومن خلال هذا الموضوع جاء ذكر السيد رئيس الجمهورية وتحدثت عنه في كلمات أعتقد بأني قد كنت صادقاً فيها.. وقد أعيد نشر هذا الموضوع في أحد المواقع بالنت.. وجاءني بأن هناك من هاجموني لأني قلت كلمات طيبة في حق السيد عمر البشير.. واستنكروا ما قلته عنه لأني تعودت أن أكتب معارضاً.. وأعتقد أن هذا مفهوم خاطئ.. لأنني تعودت وإذا كتبت ضد أحد فاني لا أخشى لومة لائم.. وإذا أشدت به فإني لا أتوقع منه مصلحة، بل يجب أن أكون مقتنعاً بأني قلت الحق ولا شيء غيره.. ومعرفتي المتواضعة تقول بإن الكتابة أمانة ورسالة، ومن يتصدى لها يجب ألاَّ يكون متحاملاً ولا يزوِّر الحقائق.. ومعنى أن أكون ضد الإنقاذ فهذا لا يعني أن اتجاهل محاسنها وأبحث فقط عن المساوئ.. وأني أردت بهذه المقدمة أن أقول كلمة حق في حق رجل إنقاذي، وفي إعتقادي بأنه يستحق الإشادة بما يقدمه من جهد أو على الأقل باهتمامه الصادق بمشاكل وقضايا ولاية الخرطوم، وأن جهده لا يستطيع أن ينكره أحد.. وهذه الحقيقة التي أبت نفسي إلا أن أفصح عنها، فإني أخشى من هجوم الذين يريدون مني أن أكتب في اتجاه واحد، أو أن أكون معارضاً فقط.. وهذا أمر لا يشرفني ولا أسمح به لنفسي، وأقول مبرئاً نفسي من أي شبهة بأنه لا تربطني أدنى علاقة بهذا الرجل، ولم ولن احتاج له في مصلحة خاصة.. وأكرر خاصة لأني قد تعودت أن أذهب له وللآخرين من المسؤولين في حكومة الإنقاذ لمصالح عامة، وقد كنت أجد منهم الاستجابة، ويتكرر الطلب، وأجد كذلك الاحترام الزائد، لأن من أذهب لهم عرفوا بأني لا أذهب لمصالح خاصة.. وأصبحت لي علاقة طيبة مع بعض هؤلاء، وأذكر منهم الدكتور فيصل حسن إبراهيم وزير الزراعة سابقاً بولاية الخرطوم.. وضمن ارتباطي بمهنة الزراعة فقد ترددت عليه كثيراً من أجل قضايا عامة فكنت أجد منه الاستجابة وهذا ما أوجد لي معه علاقة ود واحترام استمرت حتى اليوم.. وكذلك فإن علاقتي كالعادة قد استمرت مع وزير الزراعة المهندس صديق، والذي ظل يستجيب لقضايا المزارعين، وأصبح بيني وبينه ذات الود والاحترام، ولذلك فإني لا أنكر جميل أحد ولا أعارض من أجل المعارضة، وللإنقاذ أخطاء وقد كتبنا ضدها وقلنا عنها ما لم يقله مالك في الخمر، لأن أخطاء الإنقاذ ضد الشعب السوداني كله.. ولكن وحتى يأتي اليوم الذي تذهب فيه الإنقاذ فإن العداء المستمر لا مبرر له إلا مع من يستحق ذلك، والآن فإني أريد أن أقول كلمة انصاف في حق السيد والي الخرطوم، حتى ولو لم تعجب الذين لا يتوقعون أن أقول كلمة خير في أهل الإنقاذ، وأكرر بأني لن أكون كذلك.. والسيد عبد الرحمن الخضر التقيت به عدة مرات وهو يعلم بأني من المعارضين، ولكني التمست فيه إيمانه بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وفي مناسبة اجتماعية محددة بمزرعة ابن العم الناظر محمد سرور رملي، جمعتني الظروف مع السيد الوالي وجلسنا معاً وتبادلنا الحديث، واكتشفت فيه التواضع وحسن النية، وهذه أشياء اكتشفتها حين جلوسي مع أي شخص من أهل الإنقاذ وهناك من أحس بعدم الارتياح له.. ولكن لقائي بعبد الرحمن الخضر كان يختلف تماماً، وقد قال عني كلمات طيبة تدل على فهمه الراقي للنقد.. فقال إن من ينتقدنا يوجه لنا خدمة لأنه يوجهنا للأخطاء لأن الكمال لله.. وقد احترمت في الرجل هذا الفهم لمن يخالفه الرأي، وفي لقائي معه وبعض آخرين تأكد لي بأن كل المنتمين للإنقاذ ليس جميعهم بالسوء الذي يريدنا البعض أن نعممه عليهم.. لذلك فإني أقول بأن السيد الخضر رجل يستحق الثناء بما يبذله من جهد في كل مناحي هموم ولاية الخرطوم، لأنك تجده على الدوام مهموماً بكل قضاياها.. ويعجبني فيه اهتمامه بأمر الزراعة وثقته التامة في وزيرها المهندس صديق علي أحمد، وآمل أن تجد الزراعة المزيد من الاهتمام، لأنها هي قطعاً الداعم الأساسي لاقتصاد الولاية.. وأقول إن الذي دفعني للحديث عن السيد والي الخرطوم والدفاع عنه هو ذلك الحديث الذي يدور حول مشكلة مياه الشرب، وأرى البعض يريدها أن تكون مشكلة لهذا الرجل رغم اجتهاده واخلاصه.. ونسمع الحديث عن التجمعات والمظاهرات في بعض أحياء ولاية الخرطوم، والبعض يحلم بأن تحدث منها ثورة ضد الحكومة، ونحن لا نمانع من قيام ثورة ضد الحكومة، ولكن نقول لعلم الجميع إن الثورات التي قامت في دول أخرى وأطاحت بحكامها لم تقم بها أحزاب، بل قامت بها جماهير لا علاقة لها بالأحزاب، لهذا لا معنى لاي حديث بأن الأحزاب تريد استغلال المياه لقيام ثورة.. وحتى لو حدث هذا فإن قيام ثورة بسبب أزمة المياه في ولاية الخرطوم، فإن في الأمر ظلماً للسيد والي الخرطوم. لأننا نرصد اجتهاده من أجل المياه.. ولكن المكان الذي يستحق أن تنطلق منه ثورة بحق هي منطقة الجزيرة ومشروعها الزراعي، وما لحق به من دمار، وما لحق بأهله من ظلم، باغتصاب أراضيهم دون أن يجدوا تعويضاً عليها وهم يقيمون المظاهرات، وهذا حقهم، والزراعة على مستوى السودان قد وجدت الإهمال الذي يستحق الثورة بحق.. وختاماً أقول التحية لوالي الخرطوم وأمري لله من غضب الذين لا يريدون لي أن أقول كلمة حق في أي انقاذي حتى ولو كان يستحق.