تناول الرئيس الأمريكي أوباما ساندوتش بيرغر في «محل عام» مجازاً.. إذ لا بد أن تكون الأجهزة الأمنية بكل آلياتها وعملائها وكاميراتها وكلابها المدربة وأسلحتها الحديثة وطائراتها العمودية وتلك التي بدون طيّار وكامل هيئة موظفي البيت الأبيض والسي أي أيه.. والأف بي آي.. وأي تشكيلة أخرى من الحروف اللاتينية الرامزة لأي منظمة أو شركة أمنية مثل البلاك ووتر أو غيرها.. ثم بعد ذلك الأجهزة الإعلامية من فضائيات وصحف ومجلات وغيرها قد لعبت دورها المرسوم بدقة لتسجيل اللقطة التاريخية لأوباما وهو يكفكف أكمام قميصه ويقضم الساندوتش المعد بعناية والمفحوص معملياً والموزون مذاقاً وسُعرات حرارية قبل أن يدخل في «المعدة الرئاسية».. ثم نجد بعض كبار صحفيينا من يهتف في «صبيانية» لهذا الموقف الرائع!!! والمُعبر عن شعبية الرئيس أوباما وتواضعه وهذه مع الأسف سذاجة يندى لها الجبين أو هي عمالة «وبروباغندا» مدفوعة القيمة.. ولا نرى عيباً في أن يقوم الفريق الخاص بالدعاية للرئيس أوباما بتقديم مثل هذه العروض لرفع شعبية الرئيس عند إجراء استطلاعات الرأي. الكاتب الساخر صلاح من الله هو صاحب العنوان أعلاه وقد أطلقه على مسرحية من تأليفه وإخراجه ساهمنا في إنتاجها عندما كنت مديراً للإنتاج والاستثمار في التلفزيون.. وقد اخترت أو استعرت عنوانها لعمود اليوم لأنه يعبر حقيقة عن «حبنا» للغرب والأغراب والاغتراب والاستغراب.. فكل ما يصدر عن أمريكا «يدهشنا»!! فماذا لو أكل أوباما ساندوتش في محل عام «مالنا إحنا ومال أهلنا» كما يقول المصريون.. فباراك أوباما الذي وصل إلى الرئاسة الأمريكية بالآلية المعتادة للانتخابات هناك يحيط به الحرس القديم إحاطة السوار بالمعصم لا فائدة ترجى من كونه أسود أو أن أباه مسلم أو أن حبوبته من جنوب السودان أو جبال النوبة أو كينيا أو أنه تلقى تعليمه الابتدائي في مدارس مسلمة في أندونسيا فهو في النهاية رئيس أمريكي لا فرق إلا في الاسم وتبقى السيطرة لليمين المتطرف بتراكم إمتد لعقود وعقود قائم على الانحياز التام لإسرائيل بلا تعديل ولا تبديل لا فرق بين ريغان أو كارتر أو بوش أو كلينتون أو بوش الآخر أو أوباما ومن عنده مثقال حبة من فرق فليأتنا به. ü ومن العجب العجاب أن لا يلفت نظر صحافتنا النشاط اليومي للسيّد رئيس الجمهورية وهو يوزع وقته الخاص بين المناسبات الاجتماعية أفراحاً وأتراحاً وهو لا يستخدم في ذلك الموكب الرسمي ولكنّه يركب في المقعد الأمامي «مخالفاً لكل قواعد السلامة والبروتكول» لسيارة عادية غير مصفحة أو مظللة بالليل أو النهار وهو يتجول في شوارع العاصمة المثلثة يتفقد المرضى ويعودهم ويترحم على الموتى ويشيعهم ويصلي عليهم ويشارك الفرحة ويعقد القران ويمثل الوكيل ويبارك يدعو.. ويأكل ويشرب في بيوت المآتم أو الأعراس بدون إجراءات تأمين ثقة بالله وتوكلاً عليه ثم ثقة في أبناء وطنه وشعبه الذي أحبه وألتف حوله وانتخبه رئيساً في ما يشبه الإجماع.. ثم لا تجد صحافتنا في ذلك ما يستحق التنويه أو الإشارة ولكن عندما «ياكل أوباما ساندوتشاً» نجد أن ذلك أمر جدير بالاحتفاء!! عجبي. ü كنّا في نيويورك ضمن الوفد الرئاسي ووجدنا في انتظارنا السيارة المخصصة لنا أنا والبلك وهاشم عثمان وعثمان نافع وهي سيارة فخمة وضخمة يقودها شاب أبيض يرتدي البدلة الكاملة والنظارات السوداء والوجه الصارم.. سلّم علينا لحظة ركوبنا معه بلهجة سودانية خالصة إزيكم طيبين وكيف البلد.. وهو في الواقع شاب سوداني أباً عن جد اسمه نادر حسن نجار من حلة حمد بالخرطوم بحري وهم أسرة معروفة.. وسعدنا برفقته وأخذنا في جولات واسعة في نيويورك وما حولها وفي نهاية يوم عمل طلبنا منه الصعود إلى مقر السيد الرئيس وقد فعل وكان السيد الرئيس خارج مقر إقامته وعاد بعد وقت قليل من دخولنا وسلّم على «سائقنا نادر» بكل ترحاب السودانيين عندما قدّمناه له وداعبه قائلاً: «أنا قايلك واحد من الأمريكان!!» ودعانا لمائدته حيث قدم لنا «محيي الدين» أطباق الفول والطعمية والزبادي والسلطة وأكلنا وحمدنا ربنا.. وبعد عودتنا للسودان اتّصل عليّ هاتفياً من نيويورك الأخ نادر حسن نجار وهو يبكي ويقول يا عم محجوب أعمل شنو؟ أنا حكيت لأصحابي هنا قلت ليهم أنا سلّمت على عمي عمر البشير في يده وأتعشيت معاهو فول وجبنة وطعمية وزبادي قالوا لي إنت كضاب مرتين.. الأولى الرئيس ما بيسلم على سواق والثانية الرئيس ما ممكن يأكل فول وطعمية في نيويورك!!» فقلت له «معليش يا نادر العيب ما في زملاك.. العيب فينا نحنا لأننا ما قادرين نعكس صورة رئيسنا). وهذا هو المفروض..