مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لخصت حل الأزمة السودانية في كونه "سياسيا" قبل أن يكون عسكريا. وهذا ما ظللت أكرره منذ بداية هذه الحرب، أنها دخلت من باب السياسة ويجب أن تخرج منه. صحيح على الأرض وفي الميدان تتواجه البنادق، وتسيل الدماء، لكن الحرب في مفهومها الحقيقي أنها تعبير سياسي، و هي من أدوات السياسة.. و من الحكمة أن ينشط المسار السياسي باعتباره المخرج الآمن العاجل الذي لا يجب أن يتأخر أكثر. طبيعة هذه الأزمة متدحرجة ومتغيرة الأجندة.. بدأت بحديث عن إلقاء القبض على قائد القوات المسلحة، ثم تحورت إلى حديث عن دولة 56 دون تعريفها.. ثم جلب الديموقراطية ثم جدلية الهامش والمركز .. إلى ان وصلت أخيرا إلى اعلان حكومة موازية في جزء من أراضي البلاد.. واذا استمرت الاوضاع على ما هي عليه، بكل تأكيد ستتحور الأجندة أكثر لتبلغ مرحلة اعلان انفصال بعض أجزاء السودان.. وهنا لن يكون الحديث عن منطقة بعينها.. فالحطب المعد للحريق يتسع لكل السودان .. و براميل الوقود جاهزة.. و كذلك أعواد الثقاب. من الحكمة أن نحسب دقات عقارب الساعة بمنتهى الحساسية.. لأن كل ساعة تمضي يفقد فيها الوطن بعضا من بنيه وممتلكاته وجزءا من حاضره ومستقبله .. و نقترب أكثر من سيناريوهات قد لا نكون قادرين على ادارتها.. المطلوب تشكيل هيئة خاصة بالمفاوضات والسلام.. بها خبراء قادرون على ادارة عملية متعددة الأطراف و المسارات.. تفضي للهدف النهائي وهو "السلام" وليس مجرد الانتصار. هذه الهيئة يجب أن تتمتع باستقلال كامل في ادارة أعمالها و توجيه تفكيرها و رؤاها.. حتى لا تكون مجرد مطية للتوجيهات العجلى . كل ساعة تمضي.. تصنع واقعا جديدا.