الحشد النوعي الذي ضاقت به جنبات قاعة الشارقة خواتيم الاسبوع الماضي حركته دواعي وبواعث ودوافع مختلفة للحضور في تلك الامسية ليؤكد الحاضرون أن وضع المشاركة ضمن امسية ثقافية في يوميات الناس لايزال امرا ممكنا ومحرضا لاصطحاب الاهل والاحباب إذا الحدث بقامة موضوع تلك الامسية الاستثنائية واكراما لمبدع اعطي مشروع حياته الشخصي مشاش عظمه ودفق روحه ليتفجر ابداعا متتاليا ومتصلا كان سابقه من نجاح وتفوق دافعا لمن وصلتهم رقاع الدعوة ليشهدوا نجاحا اخر لايقل عن سابقاته روعة وجمالا وابهارا .. لكن المفاجاة ان الجديد تفوق علي القديم .. بل تجاوزه كثيرا !! تربطني بالاخ سيف الدين حسن صلة مودة ومحبة استقوت بروح النقد والنصيحة التي يقدمها كل منا للاخر في مجال عمله .. يهاتفني الاخ سيف صباح كل يوم .. يحدثني بحدة وغضب غن خالفته في بعض ما اكتب واتناول من قضايا في زوايتي اليومية .. وياتي صوته هادئا إن أعجبه او سره ما كتبت .. وعندما لايهاتفني اعلم ان القضية موضوع التناول لم ترق له وبالتالي كما يقول (مافي حاجة بتستحق نضيع حبة رصيدنا) .. !! .. ولسيف حسن اصدقاء ومعارف كثر لكنني ادعي القرب منه والدخول ضمن حلقته الضيقة من الذين يسلخون جلده بالنقد وكثرة التوجيه .. ولولا هذه الروح الناقدة وسعة صدرالرائع سيف الدين حسن لما بلغ القمة التي يتربع عليها اليوم بامتياز كاحد البارزين والرواد في مجال انتاج واخراج الفيلم الوثائقي .. وتكفي سيف شهادة انه اعطي وطنه وامته عددا من الجوائز العالمية في مجال الفيلم الوثائقي يضيق المجال هنا عن استعراضها ..وحضوري لتلك الامسية كان بخلفية هذه العلاقة من جانب ووفاءا لعلاقة اكثر عمقا اعتز بها أيما اعتزاز .. فقد التقيت الاخ سيف الدين حسن في مقر ساحات الفداء هذه المؤسسة التي خرجت المئات من المبدعين في مجال التصوير التلفزيوني والاخراج خاصة فضلا عن تميزها في رفد كل المؤسسات الاعلامية بكوادر نوعية لها بصمتها وطريقتها الخاصة في التعاطي مع قضايا الحياة بالكاميرا والقلم .. وحتي لا استرسل في فضاء هذه المشاعر الجياشة والذكريات الخاصة أقول بالصدق كله أن مؤسسة الفداء للانتاج الاعلامي بجانب دورها المشهود في قيادة ثورة الجهاد والشهداء في بلادنا، ساهمت في تكوين جيل متصالح مع ذاته والمحيطين به .. ومن هذه الزاوية اقول أنني تعرفت علي الظروف القاسية التي يعيشها الانسان في الولاية الشمالية من خلال رحلتي وسفري مع الاخ سيف الدين الي اهله في اقصي شمال السودان حيث الظروف الحياتية القاسية .. وتعرفت عن قرب علي قدرة انسان الشمال علي مغالبة ظروف الحياة وصبره علي تطويع الظروف دون ضجر ولا كلل ولا ملل .. أقول بالصدق كله إن قسوة الحياة في شمال السودان وشدة الحال في الفيافي والنجوع البعيدة لا يعبر عنها بصدق الا من كابدها وعاشها وسايرها .. وليت الذين يرفعون شعار التهميش وتردي الخدمات التي يتلقاها المواطنون في كل ولايات السودان , ليتهم يسجلون رحلة للتعرف علي واقع الحياة شمالا .. ومثلها شرقا .. ومثلها في وسط السودان وغربه .. إن فعلوا فسوف يصلون الي نقطة تلاق ملخصها ان الوطن كله يعاني .. ولكن الفرق الجوهري بين معاناة ومعاناة أن بعضا من اهل المناطق المهمشة هذه يقدمون حلولا ذاتية لمشاكلهم .. يواجهون قدرهم بالتوكل علي الله وابتداع الحلول الممكنة وان بدت مستحيلة .. يعملون جميعا لاجل هدف واحد .. وخير مثال لهذا ما شاهدناه في تلك الامسية حيث عشنا لمدة اربعين دقيقة تسمرنا خلالها وتركنا لمشاعرنا معايشة الرحلة الاسطورية لاهل قرية(تمبس) في سبيل حل مشكلة المركب الذي ينقل أطفالهم للضفة الاخري من النهر حتي يواصلوا تعليمهم في امان من حوادث الغرق التي ادمت قلوب اهل القرية بالفواجع وفقد الاحبة .. الضفة الاخري ابداع وثائقي جديد للاخ سيف الدين حسن حشد له كل خبراته ووظف فيه جهد ثلة من الشباب المبدعين في التصوير والمونتاج ليخرجوا عملا تلفزيونيا ادهش كل من شاهده .. وسيدهش قطعا مشاهدي قناة الجزيرة الذين سيرونه قريبا .. وسيلمس المتابع من زاوية اخري مضمون الرسالة التي تخللت المشاهد الرائعة بهدؤ ومفادها : أنه ليس بالضرورة ان ترفع صوتك وسلاحك حتي ينتبه العالم لمعانتك .. يمكن لك ان تقول هذا وبعمق عبر صورة حية بالمشاهد المؤثرة وناطقة بحديث يعاش ولا يحكي !!