حاوره: زين العابدين العجب - تصوير: سفيان البشرى تولى المقدم (م) صلاح عبد العال مبروك أهم المناصب في بداية العهد المايوي حيث تقلد منصب الأمين العام لمجلس قيادة ثورة مايو في العام 1970 ثم عين وزيراً للشباب والرياضة في العام 1971 ثم وزيراً لشؤون رئاسة الدولة سنة 1972 ثم أول وزير لشؤون مصر في السودان سنة 1974 بعد توقيع ميثاق العمل السياسي والاقتصادي بين مصر والسودان من قبل الرئيسين جعفر نميري وأنور السادات ولقد كان أول وزير لشؤون مصر بالسودان ونظراً لأن مايو استمرت 16 عاماً على سدة الحكم في السودان ومهما اختلف النّاس أو اتفقوا حولها تبقى جزءًا من تاريخ السودان ولذلك جاءت تفاصيل هذا اللقاء مع ضيفنا باعتباره شاهدًا على ذلك العصر فإلى تفاصيل الحوار: لديك مشاركة مباشرة في الإعداد لمايو 1969؟ -أنا من قدامى المنتمين لتنظيم الضباط الأحرار وأول نشأة له كانت سنة 1953 عندما جاء صلاح سالم الى السودان وتكونت أول خلية للضباط الأحرار وكان أول سكرتير لتنظيم الضباط الأحرار المرحوم المقدم محمود حسين ومعه عدد من الأخوة منهم محجوب كبيدة وأحمد البشير شداد والطيب المرضي ومحمد عيسى وعدد من الضباط بعد ذلك جاءت سنة 1957 انقلاب كبيدة فحدث جمود للتنظيم ثم أعيد بناؤه سنة 1957م. ألم تكن لديك معهم علاقة مباشرة في تلك الفترة؟ -لم تكن لي معهم علاقة ولكن سمعت به كخبر في الصحف. أين درست الثانوي؟ -في مدرسة خور طقّت الثانوية ثم التحقت بجامعة الخرطوم كلية الآداب سنة 1956 ثم تركتها والتحقت بالقوات المسلحة سنة 1957 هل كان لديك أي نشاط سياسي في خورطقت الثانوية؟ -أنا لم أنتم لأي تنظيم سياسي فأنا رجل مستقل. حدثنا عن تكوينك القبلي والأسري وميولك المتعلقة بالعمل الوطني (الضباط الأحرار) . -حقيقة أنا نتاج قبائل متشابكة وكبيرة فيها الفونج والجوامعة والدينكا والانتماء الأسرى كان للوطني الاتحادي. أين نشأت؟ -نشأت في أم درمان الموردة (يعني فصيلة الدم قرقوري) قالها ضاحكاً فأنا ميّال للوطني الاتحادي وكذا نسير في المظاهرات ويضربنا البوليس وكل شباب المنطقة (الموردة) كانوا يلتقون في سوق الموية على اختلاف توجهاتهم السياسية. علاقتك المباشرة بتنظيم الضباط الأحرار وهل هناك مشاركة حقيقية في 25 مايو 1969؟ -أنا لم أشارك لأنني كنت في امتحان الضباط في فتاشة ولكنني أتيت في الساعة الرابعة صباحاً وذهبت إلى القيادة العامة وقابلت الأخ نميري وواصلنا المسيرة. اختيارك كأمين عام لمجلس قيادة الثورة كيف تم؟ -تم الاختيار من زملائي وعلاقتي قوية جداً بالإخوة جعفر نميري والأخ خالد حسن عباس والمرحوم فاروق عثمان حمد الله وكان قد رشحني اللواء خالد حسن عباس ووجد الموافقة من السيد الرئيس. هناك مسائل تتعلق بالرئيس نميري في اجتماعات مجلس الوزراء ومجلس قيادة الثورة منها أنه إذا كان غاضباً من وزير أو عضو فإنّه يقوم بمحاسبته بعد نهاية الاجتماع بمفرده بالضرب. هل تفتكر أن هناك سودانياً يقوم بمثل هذا العمل فالسياسة مرات تأتي اليك بأكاذيب وافتراءات فجعفر نميري كان رجل (ود بلد) بمعنى الكلمة وكان يحترم الكبير والصغير وأنا كنت أميناً لمجلس قيادة الثورة وكنت أقابله كثيرًا في مثل هذه الاجتماعات ولا يوجد شيء من هذا القبيل. ما هي أكثر الاجتماعات سخونة أو تلك التي اتخذت فيها قرارات مصيرية وظلت عالقة بذاكرتك؟ -لا أذكر لك اجتماعاً بعينه فأنا كنت أميناً عاماً للمجلس والاجتماعات كانت لأعضاء المجلس ولم أكن أحضرها بل تأتيني القرارات وأنا أقوم بإخراجها. هل هناك وقائع محددة بذاكرتك أو قرارات من هذه الاجتماعات؟ -لا أذكر فهذه الأحداث مرت عليها مدة طويلة من الزمن. لكن هنالك قرارات مصيرية؟ -إذا كان لديك شيء محدد ومكتوب عندك ممكن أرجع ليك للذاكرة ولكن هذه الأشياء موثقة وموجودة فأنا أعطيك مثالاً سنة 1923 كانت هناك مباراة بين استاك والموردة ولكن لا أذكر الأحداث التي دارت في المباراة. يقال إن نميري كان دكتاتورًا؟ هل كان النميري مرناً ويستشير الناس في قراراته؟ -النميري كان يستشير الناس في مجلس الوزراء في كل المجالات وأحيانًا يرسل إليك ويقول لك نادي لي فلان المعين لكي يستشيره في مجال معين. يقال إن النميري لم يكن يستشير أحدًا في التعيين أو الإقالة حتى الشخص المعين أو المقال لم يكن يخبره؟ -هناك كلام كثير يقال وأنا أرى أنه قد لايكون صحيحاً ولكن أذكر عندما تكونت أول إدارة للتعليم العالي والبحث العلمي قال لي أرسل لي بروفيسور عبد الحميد إبراهيم فقابل بروفسير عبد الحميد وقال له (نحن كوّنا إدارة وشايفين إنك أكثر زول مناسب ليها) فشكره عبد الحميد على ثقته فيه وقال ليه أنا الوزارة بتاعتي نادي النيل ده فاعتذر الرجل. يقال أيضًا في الإقالة يقوم بإذاعة خبر إقالتك من الراديو فأنا أتحدث من واقع معرفتك له؟ -من واقع معرفتي له إنه عندما أعفاني من الوزارة أرسل لي جواباً وقال لي الأسباب كلها وأخبرني بإعفائي من وزارة الشباب والرياضة. هذا يعني أنه أخطرك قبل إذاعة القرار؟ -نعم أخطرني قبل إذاعة القرار. الذين شاركوا في مايو بفاعلية تحسب عليهم الكثير من الأخطاء ويحسب على نميري على المستوى الوطني والديني مسألة الفلاشا؟ -أنا كنت أقرأها من الجرايد فقط أيضاً من المسائل أحداث الجزيرة أبا وود نوباوي؟ -هذه أشياء سياسية والنظام اكتسب شرعيته والنميري كان رجلاً حازماً رجلاً يتخذ القرار ورجل انتماؤه للوطن كبير جدًا وهو رجل عف اليد واللسان وإن سألتني عن أموال النميري فهو لايملك شيئاً وأذكر عندما كنّا في مصر سأله أحدهم (ياريس أنا ما شايفك بنيت ليك بيت) فرد عليه النميري بأنه بنى بيتًا كبيرًا جداً وعندما سأله أين ذلك رد النميري (لي شبر في أحمد شرفي) وقد كان له ما أراد وكان بعض النّاس يرون أن يدفن النميري في مسجد النيلين فذكرت لهم أنه كان يرغب في أن يُدفن بأحمد شرفي ونميري عندما توفي لم يكن يملك شيئًا. هل أنت راض عن فترة مايو؟ -أي نظام سياسي يأتي برؤى معينة ووسائل معينة وأشخاص معينين ويذهب شأنه شأن أي تجربة إنسانية فيها الإيجابي وفيها السلبي وفيها الفاشل كما فيها النجاح والآن لو ذهبت لأي مكان تجد أثرًا لمايو. المصالحات الوطنية التي تمت في عهد مايو هل كنت شاهداً عليها؟ -كنت متابعاً لمقابلة السيّد الرئيس مع السيد الصادق المهدي ما هو الشيء العالق بذاكرتك من هذه المصالحة أو هذا اللقاء؟ -النميري رأى وبعد أحداث كثيرة أن الفرقة لا تأتي بنتيجة وأنه لابد أن يلتقي النّاس ليناقشوا قضاياهم وبحث الحلول لها واتخذ قراراً لم يكن معلنا بمقابلة الصادق المهدي رئيس الجبهة الوطنية في ذلك الزمان وأعقبها ما ضمن في إجراء المصالحة. يقال إن المايويين لم يكونوا راضين عن هذه المصالحة؟ -بعض الناس كانوا راضين والبعض لم يكن راضياً. وماذا كان رأيك أنت؟ -أنا كنت مع المصالحة وفي أي مكان يلتقي الناس أنا سوف أكون معهم. من من الناس لم يكن راضياً عن هذه المصالحة؟ -لا أذكر أحدًا بالاسم ألا ترى أنك متحفظ بعض الشيء؟ -أخي هنالك أشياء لا داعي لها وأنا لا أريد أن أحرج أحداً أو أنكأ جراح أحد ولا أريد أن أدين أحداً نحن لا نتحدث عن أفراد نحن نتحدث عن قضايا.؟ -أنا لا استطيع أن أخبرك بتفاصيلها أو ماذا حصل فيها هل أنت محتفظ بالمحاضر التي كنت تدونها، ألم تحاول أن توثقها في كتاب؟ -كل الوثائق موجودة في القصر وأنا لم احتفظ بها ولم أحاول أن أجمعها في كتاب دعنا نذهب للعلاقات السودانية المصرية واستمرار الحديث عن البعد الاستراتيجي كيف تقرأ هذه المسألة خاصة أن هناك انفصالاً لجنوب السودان وأنت كنت أول وزير لشؤون مصر في السودان؟ - بدءاً العلاقة بين مصر والسودان غير الجانب العاطفي فيها فهي علاقة أزلية ومتفردة تنطلق من الجوار ومن التاريخ المشترك والكفاح المشترك والمصالح المشتركة والتصاهر فأي بيت تجد به دم مصري أو سوداني وعندما تذهب الى القاهرة تجد كمية السودانيين في الشارع المصري يتحركون حركة انسيابية تخبرك بأن هذه العلاقة متينة .