الإحساس بالظلم إحساس بغيض وغير محتمل، ولشدة هذا الجرم قال تعالى في الحديث القدسي: «يا بني آدم قد حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً». كما أن كل الأحاديث المتواترة تقول إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله تعالى حجاب.. وإذا كان الظلم بهذه القسوة، فإن رفعه يمثل فرحة غير عادية وأحاسيس لا يمكن أن توصف، وهذا بالضبط ما شعر به أهالي «جروف بري» الذين ظلوا يعانون في دروب الحكومة المختلفة بولاية الخرطوم وظلوا يطرقون كل الأبواب دون أن يكلوا أو يملوا، فصاحب الحق لا ينام ولا يهدأ حتى يصل لحقه أو يموت دونه.. وقد كتبت عن القضية في هذه المساحة وقلت إن هؤلاء الناس يحملون شهادات بحث تثبت حقهم في هذه الجروف، بالإضافة إلى أن أجدادهم قد تخلوا عن جروفهم من القصر الجمهوري مروراً بكل المباني الحكومية الموجودة في ذلك الحزام حتى بري.. فإذن لم يبخل هؤلاء على الوطن وتخلوا عنه للمصلحة العامة، ولابد لنا أن نحترم أمثالهم ويتم التعامل معهم بقدر ما أعطوا.. وبحسب متابعتنا للقضية قبل أن يصل الموضوع لنهاياته بعد أن حاول مولانا عصام عبد القادر حسمه، فتم تعيينه في وزارة العدل وتوقفت عجلة الحل.. إلا أن هناك بارقة أمل لاحت لهم عندما دعاهم والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر وأركان حربه خاصة المسؤولين عن هذه القضية منذ بدايتها وإلى الآن وزارة الزراعة، الأراضي بكل أقسامهما المختصة، وقد سمع منهم ووعدهم بحل مشكلتهم وظني هذا الموضوع في طريقه للحل، ونحن بدورنا نأمل أن يتم في أسرع وقت حتى لا تضيع فرحة هؤلاء وإيمانهم بأن الحكومة ترعاهم وتحل مشاكلهم ولا تضيعها أو تتصرف فيها لغيرهم.. فثقة الشعب في الحكومة أمر ليس بالساهل، والوصول إليه صعب وفقده يسير جداً.. واعتقد أن على الحكومة أن تعزز الثقة التي يحس بها أهل الجروف الآن، فكثير من الناس يعتقدون أن الحكومة تستولى على بعض الميادين والكورنيشات خاصة في النيل الأزرق، فقد خضت معركة إعلامية مع أهلنا في جروف شرق النيل والكمائن إبان تشييد كوبري الجريف المنشية.. لكن والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر في أحد المؤتمرات الصحافية أكد أن مكتبه مفتوح لتلقي مثل هذه الشكاوى ونتمنى أن تجد الحل بعد أن تصل إليه.