إن الإرهاب عندما يختار ضحاياه لا يفرق بين الحضارات أو الأديان أو الأنظمة، والسبب هو أن الإرهاب لا ينتمي إلى حضارة ولا ينتسب إلى دين ولا يعرف ولاء لنظام. الإرهاب شبكة إجرامية عالية صنعتها عقول شريرة مملوءة بالحقد على الإنسانية ومشحونة بالرغبة العمياء في القتل والتدمير. خطر الإرهاب لا يمكن أن يزول بين يوم وليلة- والحرب عليه ستكون مريرة وطويلة والانتصار سيكون لقوى المحبة والتسامح والسلامة. إن شبكة الإرهاب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثلاثة شبكات إجرامية عالمية أخرى : هي شبكة تهريب الأسلحة، شبكة تهريب المخدرات وشبكة غسيل الأموال. من هنا فإنه من الصعب أن تنتصر حربنا ضد الإرهاب ما لم تتمثل الحرب في مواجهة حاسمة مع هذه الشبكات الإجرامية الثلاثة. إن الإرهاب خطر يهدد جميع البلدان الحضارية وتنهى عنه جميع الأديان. إن الإسلام بعد الإرهاب من أكبر الجرائم والفواحش ويعد من جرائم الحرابة والفساد في الأرض وأغلظ العقوبة تعظيماً لحرمة النفس البشرية وتحقيقاً للرعية في الترويع وقذف الرعب والعدوان الظالم. إن الإرهاب لابد من مكافحته ومواجهته باعتاره قضية عالمية وانحرافاً خطيراً يستهدف ترويع الآمنيين وتهديد استقرار المجتمعات والإساءة إلى جميع القيم السامية وأسس التواصل والتفاعل بين مختلف الحضارات والثقافات. إن الإرهاب ليس وليد اليوم ، فقد عانت منه المجتمعات منذ القدم، إلا أن إرهاب اليوم أصبح جريمة منظمة لها طابعها الخاص من حيث التنظيم والتمويل، ولذا فإن المجتمع الدولي أضحى اليوم في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز سبل التعاون بين الدول على مختلف المستويات المحلية والاقليمية والدولية، وذلك لمواجهته دوافع الإرهاب ونتائجه والعمل على تجفيف منابعه. إن الإرهاب يشكل اليوم واحداً من التحديات الرئيسية أمام السلام والأخي الدوليين- وأن تقدم التقنية ونظام الاتصالات في العالم قد أضفى على الإرهاب مزيداً من التعقيدات ومنحه مساحة أوسع للعمل، كما أن الإرهاب ارتبط ارتباطاً ملحوظاً بالجرائم المنظمة دولياً، ولا سيما عملية تهريب الأسلحة والمخدرات باعتبارهما قصد ممولاً له، لذلك فإن مكافحة الإرهاب بحاجة إلى وسائل وأساليب ملائمة لها، كما أنها بحاجة إلى الإرادة السياسية من جميع الدول والتنسيق والتعاضد بين جميع الأطراف اللاعبة على المسرح العالمي. إن ظاهرة الإرهاب تنشأ نتيجة ترك جملة من المسببات الدولية والمحلية- السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويدفع تراكم تلك العوامل الأفراد وبخاصة الشباب للشعور بخيبة الأمل واليأس، الأمر الذي تستقله بعض الجماعات الإرهابية في تحويل أولئك الشباب إلى قنابل موقوته عبر نشر أفكار مضلله تدعو إلى التطرق والقتل والإرهاب لذا فإن جذور الإرهاب تنبع من العوامل والظروف الحاضنة لبذور من تحويل القنوط واليأس عبر الفكر المنحرف إلى درجات من التطرف تترجم عملياً بتنفيذ الأعمال الإرهابية ضد الأبرياء. إن مكافحة الإرهاب دولياً تتطلب من الدول وقفة تأمل لبلورة آليات وأساليب ناجعة وفعالة تقف على مسبباته وجذوره للوقاية من تداعياته، فضلاً عن العمل الحازم لعلاج أشكاله عبر السبل الأمنية بما في ذلك محاربة ومطاردة العناصر الإرهابية لإحباط أعمالهم الإجرامية ، كما أن التصدي لهذه الظاهرة يستوجب توسيع برنامج مكافحة الإرهاب ليتجاوز المعالجة العسكرية والأمنية،إلى اقتراحات سياسية واقتصادية وثقافية لاقتلاع جذور الإرهاب ومظاهره. إن قضية الإرهاب سياسية اجتماعية وأمنية ، ويجب عدم الخلط بينهما وبين حق الشعوب في الكفاح من أجل تحقيق المصير. إن تهديد الإرهاب في بعض أشكاله قد لا يمحى تماماً في حياتنا وعليه يجب أن يكون هدفنا الاستراتيجي الفوري هو تقليل الأخطار التي يحملها الإرهاب الدولي ليتسنى للشعوب أن تمارس أعمالها بحرية وثقة، وأنه يمكن تقليص الأخطار من خلال التعامل مع التهديد وتقليل الثغرات، وهناك عنصران أساسيان للتعامل مع التهديد وهما على نفس القدر والدرجة من الأهمية، وهما مطاردة الإهاربيين ومن يرعاهم وتشتيت وإحباط خططهم والقضاء على قدراتهم والحيلولة دون تجنيد عناصر وأجيال جديدة من الإرهابيين بمعالجة المسببات والعوامل التي تشجع على هذا التجنيد وتسهله. إن الحملة العالمية على الإرهاب أضعفت البنية التنظيمية وفي بعض الحالات تم إما قتل الرؤوس المدبرة لهذه المنظمات الإرهابية أو القبض عليها، هذا وإن التبرعات والدعم للمنظمات الإرهابية قد تقلص وباتت أنشطتها محل فحص وتمحيص. إن الإرهاب يمثل تهديداً مستمراً للسلام والأمن والأستقرار ولايوجد مبرر أو مسوق لأفعال الإرهابين، فهو مدان دائماً مها كانت الطرق أو الدوافع المزعومة. إن الأسباب الجذرية للإرهاب تشمل الفقر المدقع والنظام والهيكل الاجتماعي غير العادل والفساد والأسباب السياسية والاحتلال الأجنبي والاستقلال الشديد والتطرف الديني والانتهاك المنتظم لحقوق الإنسان والتميز والتهميش الاقتصادي والانقلاب الثقافي نتيجة للعولمة، إضافة إلى الصراعات الإقليمية التي تستغل كذريعة للأعمال الإرهابية ولعمليات المنظمات الإرهابية. إن القرارات الصادرة من منظمة الأممالمتحدة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب تدعو المجتمع الدولي إلى إدانة الإرهاب ومكافحته بكافة السبل والتصدي له بجميع الوسائل وفقاً لميثاق الأممالمتحدة نظراً لما تسببه الأعامل الإرهابية من تهديد للسلام والأمن الدوليين كما أن الأممالمتحدة هي المنبر الأساسي لتعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب وتشكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة أساساً متيناً وشاملاً لمحاربة الإرهاب على المستوى العالمي. لواء شرطة متقاعد