عاد صاحبي قبل عدة أيام من الصين ، زرته في منزله وبعد السلام والذي منه ، اخرج الزول من جراب حريري آلة كمنجة غاية في الروعة مطعمة بالصدف وموشاة ببعض الرسوم النمطية الصينية ، وبدأ صاحبنا يعزف على الآلة تقاسيم تقطر رومانسية ، وفي تلك اللحظة سافر صاحبكم العبد لله مع التقاسيم ، ولكن لأنني نكدي من الطراز الأول فقد بحثت في تلافيف ذاكرتي ، عن حكاية موسيقي ألماني لقي حتفه بعد عدة أشهر من قدومه من الصين وهو يحمل في جعبته الكثير من التحف النادرة وآلة كمان مصنوعة يدويا ، وقد أحتار الأطباء في أسباب وفاته رغم أن صحته كانت زي البمب وبعد تقصي الحقائق الطبية أكتشف الأطباء إن الرجل أصيب بفيروس نادر في جهازه التنفسي وتفاقمت حالته ومات مأسوفا على شبابه جراء ذلك الفيروس ، المهم أن التحاليل كشفت أن آلة الكمان التي جلبها الموسيقى من الصين كانت تحمل في طياتها الفيروس القاتل ، على فكرة حينما ( فتيت ) لصاحبي تلك الحكاية المأساوية رمى آلة الكمان ولسان حاله يردد ( يا روح ما بعدك روح )، وفي اليوم التالي ابلغني عن بيعه آلة الكمان بسعر بخس في سوق شعبي ، ولكن الشيء الغريب ظل صاحبنا يحمل في دواخله هاجس فيروس الكمان اللعين ، وفي نفس الوقت ما زال حاقدا على العبد لله لأنني كشفت له مأساة الموسيقى الالماني ، على فكرة التلوث في الصين حكايته حكاية ، فالصينيون اعلنوا بعضمة لسانهم أن أكثر من نصف مدن بلادهم ملوثة وتتعرض للمطر الحمضي وان كل ذلك نتيجة للانتعاش الاقتصادي الذي دمر البيئة عن بكرة ابيها ، كما أن منظمة الصحة العالمية كشفت ان الصين من أكثر الدول التي تعاني من التلوث ، تلوث في كل شيء إنطلاقا من الخامات الصناعية إلى الأغذية ولعب الأطفال والأجهزة الكهربائية والذي منه ، والشيء الذي يجعل الجن الأزرق يتطاير أمام الإنسان ان معظم السلع التي تجتاج العالم حتى في امريكا والدول الغربية صينية المنشأ ، ولكن صينية من صينية تفرق ، فإذا كانت السلع الصينية المصدرة لأمريكا مثل صينية البقلاوة بالعسل فإن السلع المصدرة إلى السودان وغيره من الدول ( الجربانه ) التي لا تهتم بالمواصفات والمقاييس تشبه ملاح الويكة ( البايت ) ، نعم ملاح الويكة ولا غيره ، وأقطع لساني من لغاليغو بسكين صينية الصنع أننا سوف نكتشف بلاوي زرقاء وحمراء في السلع الصينية الموجودة في السودان فيما لو قامت الجهات المعينة مثل هيئة المواصفات والمقاييس وصاحبتنا وزارة التجارة بإجراء كشف استقصائي عن تلك السلع ، للأسف نحن ( غرقانين ) في بحر السلع الصينية الملوثة ونعوم في التلوث الفكري وخراب الذمم والفساد والحسد والخطاب الإستقصائي ، إذن مبروك علينا جميعا فقد حصدنا جائزة التلوث في كل شيء ، ومن المتوقع ان نحصل على هذه الجائزة القيمة من المجلس العالمي للبيئة في إحتفالية تعزف فيها تقاسيم رومانسية بجوقة من الكمنجات صينية الصنع .