الصديق منذر.. مرة أخرى لك الود والحب والسلام.. واليوم نفي بوعدنا الذي قطعناه لك.. بل لكل من تصافح عيونه كلماتي.. وكنت قد حدتثك بالأمس عن اعتقاد خاطيء وظالم بل ومتعمد من جماعة أو فئة بعينها.. تلك التي سوقت وما فتئت تسوق بضاعة كاسدة.. وتقوم بتجارة خاسرة وتدير اسطوانة مشروخة وبائسة.. تردد في غباء وتكرار مقيت إن اليساريين هم شياطين من الأبالسة وفئة من الكفار والملاحدة.. واليوم نبحر معك في زورق ينزلق في مياه اليساريين ونأمل أن تكون الرياح رخاء.. و«قبل كل حساب».. أرجوك- صديقي- لا تصدق أولئك الكاذبين وهم يعلمون أنهم كاذبون وهم يقولون ويفتون بكفر اليساريين.. إنها فجور في الخصومة وضرب تحت الحزام.. وخوض معركة بعيداً عن قوانين النزاهة والشرف.. ونعود القهقري.. إلى أيام الاستعمار ذاك البغيض.. فقد استن الطغاة الجبابرة الاستعماريون قانوناً لمناهضة الشيوعية تحت اسم النشاط الهدام.. كان ذاك القانون حرباً على المناهضين للاستعمار.. والساعين إلى إجلائهم عن الوطن.. ثم جاء الحكم الحزبي الديمقراطي بعد الاستقلال فكان الصراع الهائل بين هذه الأحزاب والطوائف.. وكل يسعى إلى كسب ود الجماهير.. هنا استغلت الطائفية ذاك الحب الخرافي.. والولاء الحديدي والصارم والإنقياد السلس من أنصارها ومحبيها.. استغلت الطائفية، وخوفاً من انفضاض الناس من حولها.. وراحت تطلق في الفضاء أن اليساريين هم ملاحدة وكفار.. وتمضي الأيام.. وتتقدم البلاد نحو المستقبل.. وتطل برؤوسها كيانات تعلن عن سمات وقسمات مستقبل البلاد وتحدد فرسان الرهان بل خيول الصراع في المستقبل.. وكانت المواجهة والمجابهة بين الإسلاميين واليساريين.. ولأن الشعب السوداني شعب مسلم عميق الإيمان شديد التسمك بالإسلام.. فقد بدأ الطرق بقوة وعنف بل العزف في مهارة على أوتار المقولة الكاذبة المخادعة المخاتلة وهي أن اليساريين هم قبيلة من الكفار والملاحدة.. صديقي.. منذر.. تصدق يا صديقي.. أن كل الكلمات بعالية.. هي مقدمة فقط.. بل دعها تكن مقبلات وليمة دسمة في الانتظار.. أو دعها تكن «قيدومة» عرس باذخ تضاء له الأنوار وتحفه الأقمار ويسهر مرحاً فيه السمار.. والآن يا صديقي.. دعك من الآخرين.. هل تصدق أنت.. شخصياً.. أن يصير ملحداً بعد أن كان مسلماً.. سوداني أرضعته أثداء أمه لبناً طيباً حلالاً.. وشرب من نيل الوطن.. أو آبار الفيافي والقفار.. أو «تكرع» من الحفائر والترع.. ماء زلالاً قراحاً يروي العروق وتبتل به الأجساد.. إنها دعاية سوداء ودعابة قبيحة بكماء.. وفرية كاذبة عجفاء.. إن الإسلام راسخ رسوخ الجبال في أفئدة وقلوب أي سوداني أو سودانية انحدر من رحم إمرأة مسلمة.. أنجبته من صلب أب مسلم راسخ الإسلام.. إن اليساريين يا صديقي.. مسلمون كاملو الإسلام.. يصلون ويصومون ويحجون ما استطاعوا إلى التشرف بالطواف بالبيت سبيلاً.. إنهم يا صديقي يزكون إذا أفاض الله عليهم من فيوضه وشملهم بنعمائه.. وقبل كل ذلك فهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. إنهم يا صديقي.. أسرع الناس إلى المقابر تشييعاً للموتى.. وأخف الناس ركضاً لمصافحة ليالي الأحبة والأهل والجيران بشراً وسروراً في أيامهم تلك ومناسباتهم السعيدة.. هم يا صديقي.. يتزوجون علي سنة الله ورسوله.. ويموتون بين أهلهم وذويهم والأهل والعشيرة تلقنهم الشهادة.. يحملون في «شنطهم» وفي جيوبهم وثائقهم الثبوتية وجوازات سفرهم الرسمية.. والتي عليها ختم الدولة وشعار الوطن.. و «خانة» الديانة ترقد وادعة واثقة.. إنها.. مسلم.. أرأيت كيف هو الكذب والافتراء والبهتان.. والفجور في الخصومة.. وتلك الهتافات بل الصياح بالحلاقيم من التكفيريين والمغالين والمزايدين وهم يصمون هؤلاء بالكفر والإلحاد والزندقة والخروج من الملة.. وقبل الختام.. وداعاً..و حتى الأحد.. لأحدثك عن نبل وصدق وأفعال وأقوال بعض اليساريين لتعلم كيف هم هؤلاء الناس.. لك ودي