شاهدت وعلى قناة الحرة اباً شاباً مصرياً يحكي بالم شديد وحرقة عن قانون الاسرة المصري الذي حال بينه وبين القيام بواجبه المطلوب تجاه فلذة كبده ابنه الصغير «الطفل» الذي توفت امه ليكون بعدها تحت حضانة جدته من امه حسب قانون الاسرة المصري. فالقانون المصري يعطي حق الحضانة بعد وفاة الام لام الام تماماً اذا ما طلق الزوج فتكون الحضانة لام الطفل المطلقة او لجدته من امه ولا تغير الوفاة من الحكم شيئاً وهذا يعني ان القانون المصري يقدم جنس نساء الام على نساء الاب ولا شك ان هذا الامر يخالف تماماً الشرع والعقل ومخالفته للعقل هو ان المصلحة في حضانة ذلك الطفل تظهر جلياً في وجوده مع ام ابيه التي لا يتصور ابداً عدم توفر اي فرص مطلوبة للاب بأن يقوم بدوره الحضاني كاملاً لطالما ابنه موجود مع امه فلا حرج البتة في دخول او خروج عليه وربما كان الاب موجوداً بطريقة دائمة مع ابنه اذا كان الجميع يسكنون في مكان واحد الامر الذي لا يتصور اصلاً في حاله حضانة جدته من امه وهذا الخلل للاسف الشديد موجود عندنا في قانون الاحوال الشخصية السوداني اذ تجده يقدم جنس نساء الام على نساء الاب ولا شك ان ذلك مخالف للاصول والعقول فالشرع قد قدم اقارب الاب على اقارب الام. يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في ما نصه «واما تقديم جنس نساء الام على نساء الاب فمخالف للاصول والعقول» فان الشرع يقدم اقارب الاب في الميراث والعقد والنفقة وولاية الموت والمال وغير ذلك ولم يقدم الشارع قرابة الام في حكم من الاحكام فمن قدمهن في الحضانة فقد خالف الاصول «اصول الشريعة» والشرع انما قدم الام لانها امرأة وجنس النساء في الحضانة مقدمات على جنس الرجال وهذا يقتضي تقديم الجدة ام الاب على الجد وتقديم اخواته على اخوته وعماته على اعمامه وخالاته على اخواله وهذا هو القياس الصحيح والاعتبار الصحيح واما تقديم جنس نساء الام على نساء الاب مخالف للاصول والعقول لذلك فلا تقديم لام الام على ام الاب ولا تقديم للخالة على العمة. لذا لابد من النظر في تلك القوانين باعادة قراءتها من جديد واصلاح ما بها من خلل ليس فقط على صعيد ما تناولناه من مثال للحضانة وانما كان ذلك نموذجاً يؤكد ضرورة اعادة النظر في جميع الابواب التي في ظني غلب الجانب العرفي العاطفي في احكامها على تحكيم الشرع والعقل. والله ولي التوفيق