لقد احتشدت بالأمس محليات المثلث الجهادي (لقاوة) و (كيلك) و (السنوط)، احتشدت بمحلية شرق النيل لتعبر عن تواثقها وتكاتفها، ونبذها لكل شائنة تدعو للنعرة والفرقة والاقتتال بين (المسيرية) و(النوبة) و(الداجو) بولاية جنوب كردفان.. مستنكرة بعض الذي يدور ويلتهب حول (كادقلي) حتى ارتفعت حناجرها قائلة: إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنا أصبت حكيماً أو أصابك جاهل وقال آخو قال منشدين أيضاً: إن أنت أكرمت الكريم ملكته* وإن أنت أكرمت اللئيم تمرداً وتحدث الحكماء والخطباء.. وعبرت الفنون الشعبية لهذه الاثنيات بقوة وترابط.. وتلك رسالة بثتها الأقمار وساحات الفضائيات على العالم الآخر.. الملتهب منه والمندهش و(أصحاب الفرص) الذين قصدتهم حكمتنا الشعبية (عين الحسود بالعود) مثل هذا وبمثل ذلك العنفوان من أبناء المثلث الجهادي بالعاصمة القومية (الخرطوم)، بمثل ذلك ارتفعت شعارات وهتافات (محلية الخرطوم بحري) من أبناء ولاية جنوب كردفان.. بالأمس الثلاثاء 28/6/2011 تحت شعارهم المتين (كونوا جميعاً ولا تتفرقوا آحاداً) بمساندة قوية من الشيخ (عباس الخضر) نائب رئيس المحلية المنداحة، وذلك تحقيقاً للمثل السوداني (إيد على إيد تجدع بعيد)، ونبذاً للانفرادية والتي تقول: (الحصان الواحد ما بيطيّر عجاج)، ولهذا تنادي أبناء ولاية جنوب كردفان بهذه المحلية (بحري)، وهي المحلية التي تستقبل خام (النفط) السوداني المنحدر اليها من حقول البترول.. بجنوب كردفان: في (هجليج) و (دفرة) و (بليلة) و(غيرها)، حيث يحتويها (أنبوب) الخام لمصفاة السودان (بالجيلي) بهذه المحلية (ببحري).. فزهت أنفس بنيها وارتفعت مع شعارات وشعلات الحرارة والصفاء.. هؤلاء هم (الأبناء) جاءوا لساحة المؤتمر الوطني: (بحلفاية الملوك) بسحناتهم ولهجاتهم وقاماتهم رجالاً ونساءً وشباباً.. ولا يسمحون لأحد أن يقول أنا من (لون) كذا أو (لهجة) كذا.. وإنما هم كلهم من قطاعاتها الأربعة (الغربى) الفولة و(الشمالي) الدلنج و(الجنوبي) تلودي و (الشرقي) أبوجبيهة.. يرعاهم كلهم وسطهم (كادقلي)، وهم ينبذون النعرات.. فإن تحدثت الأستاذة البارعة (عفاف تاور)، أنكرت الذي يجري من قتل وسحل وتشريد.. لأبناء الولاية حتى تفرقوا في مدن السودان وركزت هي على توحد أبناء الولاية ضد الأفكار والأعمال الدخيلة ليكونوا سنداً لوطنهم السودان- وإن تحدث المعتمد (كباشي ناصر) أبى هو إلا أن يثبت أن ما يجري لأبناء وقطاعات الولاية، إنما هو إعتداء وجريمة كبرى- تدعو كل الحادبين أن يهبوا لمواجهتها لأنهم يقولون (كان الحارة جات الزول بلقا أخوه) وإن تحدث (محمد عبد الله ود أبوك) قال إننا ننبذ هذا الذي يدور.. ونقف جميعنا.. لا نعرف حزباً أو فئة أو طائفة.. إنما الوطن وجنوب كردفان على حدقات العيون).. إما إن تحدث البروفيسور الصديق (خميس كجو كندة) وزير الدولة بالتعليم العالي.. فإنه يستهل بالآية الكريمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وإن هذا الذي يتأذى منه المواطن والوطن قبل غيره.. إنما هو فعل وافد لا يشبهنا ديناً وتقاليد وتعاملاً.. وهي إملاءات أتانا بها اليسار المندثر الذي طاشت سهامه منذ عهود سابقات.. والذي نسعى إليه أو نريده هو التماسك والوطنية السودانية النادرة.. ونحن الذين سننقذ مدننا وقرانا وبوادينا.. ومن سعى بغير ذلك اعتراه الخذلان ونشيد بهذه المبادرة ومثيلاتها لجمع أبناء الولاية ومناصريهم عبر محليات العاصمة الأم.. ثم مضى القائد الشاب (علي نافع) مضى على كل هذه المعاني، وقال كلنا ليست لنا مسميات إلا أبناء جنوب كردفان نذود عن السودان.. وأبيي شمالية وهي تحت قبضتنا.. فليخسأ الزايدين.. أما حين جاء (الحريكة عز الدين) الزعيم الأهلي و (محافظ) بحري السابق.. و(الوالي) بولايات الغرب.. عرج بالناس على الترابط التاريخي.. وأن التزاوج بين كل الاثنيات والجماعات أوجد لونية فريدة.. ومن جراء هذا التداخل الأسري لا تستطيع أنت أن تفرق بين (اسم) هذا أو (كنية) ذاك، ومندهشاً (أي الحريكة) لهذا الذي أدخلته علينا الحركة الشعبية من (غرائب) وروح عدائية لم تكن بيننا، حتى كادت تهوى بجنوب كردفان لولا يقظة بنيها.. ومن ثم أجرى مداخلات وصداقات ومرافقات لبعض قادة الولاية.. ودلف إلى أن (أبي) يثبت التاريخ والوثائق والمنطق والتعامل بين الزعامات، يثبت أنها وأنهم كانوا يسندون بعضهم، وأن المسيرية آووا إخوانهم من دينكا (نقوك) .. لكن الأيادي الخبيثة أوقعت بينهم البغضاء والعدوان.. ولكن الله يبطل كيد الخائنين.. وأورد ملابسات عديدة، وأن روح التوحد هي التي تنفع الناس جميعاً، وأن الذي جرى ويجري بجنوب كردفان إنما هو كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى.. وكان الجميع في هذا الحشد المتماسك يهللون ويهتفون بقوة لهذه المبادرة التي ساندت هذه الولاية. وقد كانت (محلية بحري) هي في مقدمة محليات ولاية الخرطوم، حين هبت لنجدة وإمداد الولاية المنكوبة.. وهي (أي الخرطوم) التي سيرت وحركت (50) شاحنة بالمواد المختلفة (لكادقلي) حاضرة جنوب كردفان، وقد أعجب الحضور حين تجلت أمامهم الفرقة الشعبية (بالنقارة) و (المردوم)، حيث رددوا الأنشودة العريقة التي تقول: (الجنزير التقيل البقلا ياتو* يا ولد أم درقات المؤصل ماك نفو* البعوقد نارا بدفاها هو* كان الحارة جات الزول بلقا أخو..) وعند البوابة الرئيسية لساحة المؤتمر الوطني.. كانت الفرقة هذه تؤدي دورها (بالنقارة) والقوة الشبابية فتوقفت مجموعة من المصورين (الأتراك)، يرصدون ويلتقطون هذا المشهد النادر عندهم.. ومكثوا (أي الأتراك) مكثوا مدة يوثقون لهذا التلاحم وقوة الأداء.. فإذن هذه الروح الوطنية تضعفها وتؤدي بها إلى الزوال هذه المواجهات غير الإنسانية، والتي تأذى منها الإنسان وأضطربت حياته وتزعزع استقراره، وأمست أسر كثيرة راحلة متخطية لأراضيها وقراها لتصير بلا مأوى أو مأكل.. كل هذا سببه دعاة الفرقة والشتات وعدم النظرة العقلانية لثوابت الأمور والأشياء.. وقد تواثق الجميع وأقروا بل قرروا أنهم يد واحدة.. وحتى فرقهم الشعبية (الكمبلة) و(الكرنك) و(المردوم) و(النقارة) ورياضات (المغمار) وغيرها، كلها تصب في إناء الوطنية الجامع، وأنهم مع القوة الرادعة التي لا تتوانى في إخماد كل فتنة.. وستكسر شوكة كل متآمر.. لم يجد له أرضاً أو مأوى ولا تنفعه فكرة قد نبذها كل العالم بحكم التجربة وهي (اليسارية) و (الاشتراكية) وفوضى فصل (الديانات) عن حياة الشر.. وهنا تكاتف وتعانق مواطنو الولاية بحكم قبضة الدولة الراشدة.. وبكل مسارات واطلالات التنمية والخدمات التي أحس بها وعايشها المواطن، و(ليس من رأى كمن سمع) كما تقولون- وهذه هي جنوب كردفان.. وشكراً (لمحلية بحري العظمى).