مثلما حطت بنا يوماً طائرة (Dove)الأنيقة بمطار حقل (بليلة) الوطني.. نزلت بنا كذلك اليوم الجمعة (28/1/2011م) بعد خفقان في الجو استغرق (ساعة وأربعين دقيقة)، ونحن نتبادل الأنس والحديث الشفيف.. ونحن رفقة وأخوة وأصدقاء.. ذلك لأن جماهير الساحة (بباديتها) و (فرقانها)- ماشية- و- إبلاً- و-أغناماً- سرحت ورعت حول (حقول) بليلة.. فهاتفونا خلال الأثير نحن جميعاً بالعاصمة الخرطوم لنشهد الفرحة والوثبة والميثاق بالميادين الجنوبية خلف المطار.. بقرية (أم قلودة) عند مدرستها الأساس المتحدية.. ولما هبطت الطائرة طائرة الخرطوم.. جاءتنا وفود المقدمة المستقبلين يتقدمهم الأمير (إسماعيل بشارة) والشاب الهميم (أحمد حجر) ولفيف من خريجي الجامعات والزعامات والحكامات،.. وحين خرجت بنا السيارات من باحة الطيران لنعبر منحدر الوادي الجنوبي أصطفت على جانبي الطريق عشرات (المواتر) الزاحفة.. يهتف عليها شباب مترادفون .. كأنهم يقولون لنا: إذا كانت (الخيل) يوماً هي التي تملأ الفضاء بصهيلها وقفزاتها المرتبة المتوازية.. فإنها اليوم انتشرت لحفظ (الكلأ) و (المرعي) و (المياه)، وصون الوطن من العاديات الأخرى.. أما نحن كشباب على (دراجاتنا) النارية هذه فنربط بين الأزيز والصهيل والفريق عبر الوهاد والعتامير والأكمة.. وما إن رحبت بنا الصفوف المتراصة من المواطنين والمواطنات وحلقات الرقص الشبابي المتناسق.. حتى أتانا نبأ آخر أن الوالي (أحمد هرون) هو ووزارؤه تحلق بهم طائرتان على الأفق.. فخففنا نحن عصبة إلى المطار.. ثم جاءنا (مولانا) من (كادقلي) عبر مدينة (لقاوة) وكان المعتمدان حضوراً.. معتمد محلية السلام (ناصر علي عمر) ومعتمد لقاوة ( تيه.. توتو.. توتو) وما شاهدتموه أنتم بالخرطوم وغيركم عبر شاشات التلفزيون من الحشود والجموع.. وضرب (النقارة) والرقص الشعبي القوى مثل (المردوم).. وتشكيلات الهجوم الرباعي بالأرجل على الأرض المنداحة تحتهم.. وهم يؤدون فنون الفرحة والاستقبال والأريحية العربية.. كأننا نرى معهم أخاهم المقتدر الأكبر (عبد القادر سالم) وهو يقول لهم: الجنزير التقيل البقلا ياتو ويا ولد أم درقات المؤصل ماك نفو كان الحارة جات الزول بلقا أخو) كانت هذه هي الساحة حين تمت الوفود وأعتلى المنصة العالمية خطيبهم مرحباً بالحضور، وكل قبائل ووفود القرى.. ما شاهدتموه هذا هو فقط نافذة.. فإن خطيبهم الفقيه (أحمد حجر) ركز على أن هذه الفجاج حول هذه الحقول.. تشهد لنا جميعاً أن السهول والوديان الممتدة.. والنعم الظاهرة والباطنة هي حرز محفوظ ومصون عندنا.. ويدر خيراً وتباريك للوطن الكبير.. وفرحتنا هذه التي أنبرت واحتشدت لها كل ديار المسيرية عبر هذه البوابة (أم قلودة) إنما نحمد الله ونشكره عليها.. وهي نعمة لا يسوقها (تعالى) إلا لحامدين ساهرين.. ونقول لكم جميعاً إن هؤلاء الشباب (الأشبال) والشيوخ والنساء.. إنما هم رهن الإشارة أينما دعا الداعي.. وهؤلاء هم شباب (الأشبال) الذين كان يظن كثير من الناس أنهم سيوجهون سهامهم لعابري الطرق والمسافرين والضيوف.. فهذه هي (رايتهم) البيضاء.. (وهنا علا الهتاف).. وتقدم قادة الشباب هؤلاء يحملون (رايتهم) البيضاء مبايعين (الوالي) على السمع والطاعة في المنشط والمكره.. وأن يصونوا هذه الديار ليلاً ونهاراً.. وهم على الارتكاز جاهزيةَ، واعتلى (الوالي) المنصة واستلم علامة (العهد والميثاق) وهم يهتفون ب(لا إله إلا الله) فهم كما قال الشاعر: شباب لم تحطمه الليالي ولم يسلم إلى الخصم العرينا ولم تشهدهم الأقدام يوماً وقد ملأوا نواديهم مجونا وهتف (الوالي) مع الجميع وحمد الله وأثنى عليه، وشكر ساكني هذه الفجاج وعبر عن إعجابه بمهرجانهم الشعبي هذا.. وكل الوفود والممثلين من هذه الديار العامرة الآمنة.. ووفود الخرطوم التي ما انقطعت عن أهلها أبداً وأرضها.. وهما الاول وسعيها الاستقرار والنماء.. ووعد (الوالي) بأن تقوم (ثلاث) جهات بتنفيذ التنمية (التعليمية) و(الصحية) و(الاجتماعية والارشاد)، ورفع الهمم والطموح، وتلكم الجهات هي (الحكومة) بالولاية، (وصندوق تنمية القطاع الغربي) و(الشركات) العاملة.. على أن يعقد اجتماع عاجل لوضع خارطة الاحتياجات هذه كأولوية.. ثم بعدها التدرجات الأخرى، وركز (الوالي) على (أن يرعى الشباب.. وخاصة الأشبال) أن يرعوا عهدهم.. وينهضوا بهمة عالية على أن يكونوا سواعد للنهضة والبناء والتنمية في المنطقة، وإذا كانت هذه الساحة هي إحدى ساحات اللقاء وفتح الصدور للاستقبال والتعبير، فإن دوراً وساحات أخرى.. هي للرصد والمتابعة والحفاظ على الضرع والزرع والمرعى.. (المؤمن كيس فطن) فإن إخوانكم كذلك في مواقع ومواقف عديدة في أركان هذا الوطن يقفون نابهين- لأنهم يقرأون الأثر الكريم (الجهاد ماض إلى يوم القيامة) و (ماترك قوم الجهاد إلا ذلوا)، وذلك على منطوق الآية الكريمة: ( ...وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً..) ثم أنه إذا كان (ربع القرن) القادم.. هو قرن المصادمات حول (المياه) و(الغذاء) وأنتم أهل ماء وغذاء ومرعى.. ومعادن وبترول.. ولكم كذلك همة ورجال.. وأنتم يا أهل البادية لكم (حس)، قالوا لكم فيه (إذا لقي الرجل منكم الرجل فليسأله عن اسمه من هو وإلى أين).. وتعاونوا مع إخوانكم أهل (الهدهد) حتى ينعم الوطن كله بالسلام.. وبالعيش الكريم.. وتكون لكم الآيات الكريمات.. (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، وأنتِ أنتِ يابليلة الجميلة، والتي كلما جئناك تذكرت أنا قولة قلتها لأخي المرحوم (حسن ساتي) بجريدة الأيام-يومها- قلت له: (بليلة الدخن لو ضقت منها شوية تعرف لذة الدنيا العليك مخفية) فشكراً يابليلة.. وإنه من لم يعتل (DOVE) فهو من الراحة (OFF).