وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في فتاويه (19/34 36):(...والإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه يشتهي ما يضره ويلتذ به، بل يعشق ذلك عشقاً يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله، والشيطان هو نفسه خبيث، فإذا تقرب صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم، فيقضون بعض أغراضه، كمن يعطي غيره مالاً ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة. ولهذا كثير من الأمور يكتبون فيها كلام الله بالنجاسة وقد يقلبون حروف كلام الله عز وجل، إما حروف الفاتحة، وإما حروف (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)(سورة الإخلاص الآية1). وإما غيرهما إما دم وإما غيره...، أو يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان أو يتكلمون بذلك فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم أما تغوير ماء من مياه، وأما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة، وأما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس، كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين، ومن لم يذكر اسم الله عليه وتأتي به، وأما غير ذلك. وقال ابن تيمية (وأعرف في كل نوع من هذه الأنواع من الأمور المعينة ومن وقعت له ممن أعرفه ما يطول حكايته فإنهم كثيرون جداً). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - :(...وأهل العزائم والأقسام يقسمون على بعضهم ليعينهم على بعض، تارة يبرون قسمه وكثيراً لا يفعلون ذلك، بأن يكون ذلك الجنى معظماً عندهم، وليس للمعزم وعزيمته من الحرمة ما يقتضى إعانتهم على ذلك، إذ كان المعزم قد يكون بمنزلة الذي يحلف غيره ويقسم عليه بمن يعظمه وهذا تختلف أحواله. فمن أقسم على الناس ليؤذوا من هو عظيم لم يلتفوا إليه وقد يكون ذاك منيعاً، فأحوالهم شبيهة بأحوال الأنس لكن الأنس أعقل وأصدق وأعدل وأوفى بالعهد، والجن أجهل وأكذب وأظلم وأغدر، والمقصود أن أرباب العزائم مع كون عزائمهم تشتمل على شرك وكفر ولاتجوز العزيمة والقسم به فهم كثيراً ما يعجزون عن دفع الجنى وكثيراً ما تسخر منهم الجن إذا طلبوا منهم قتل الجنى الصارع للأنس أو حبسه، فيخيلوا إليهم أنهم قتلوه أو حبسوه ويكون ذلك تخييلاً وكذباً، هذا إذا كان الذي يرى ما يتخيلونه صادقاً في الرؤية. فإن عامة ما يعرفونه لمن يريدون تعريفه إما بالمكاشفة والمخاطبة، إن كان من جنس عباد المشركين وأهل الكتاب ومبتدعة المسلمين الذين تضلهم الجن والشياطين، وأما ما يظهرونه لأهل العزائم والأقسام أنهم يمثلون ما يريدون تعريفه، فإذا رأى المثال أخبر عن ذلك وقد يعرف أنه مثال، وقد يوهمونه أنه نفس المرئي، وإذا أرادوا سماع كلام من يناديه من مكان بعيد مثل من يستغيث ببعض العباد الضالين من المشركين وأهل الكتاب وأهل الجهل من عباد المسلمين، إذا استغاث به بعض محبيه فقال ياسيدى فلان فإن الجنى يخاطبه بمثل صوت ذلك الأنسى، فإذا رد الشيخ عليه الخطاب أجاب ذلك الأنسى بمثل ذلك الصوت، وهذا وقع لعدد كثير أعرف منهم طائفة. انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. المحاية ظن عدد كبير من المسلمين السلفيين أن مسألة المحاية وهي كتابة شيء للمصاب آيات من كتاب الله بالمداد المباح وغسله وسقيه للمريض مسألة خاصة بشيوخ الصوفية، وأنها لا تجوز بل قد تدل على مفارقة ذلك الشيخ للطريق، وظن جماعة من الصوفية أن مسألة «المحاية» مسألة خاصة بشيوخهم وأن شيوخ السلف لم يتكلموا عن هذه المسائل. وكنت أظن أن شيوخ السلف لم يكتبوا عن هذه المسألة إلى أن وجدت فصلاً في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (19/ 64 65) نشر دار الرحمة للتوزيع والنشر القاهرة عن المحاية. قال شيخ الإسلام ابن تيمية (661 728ه) رحمه الله تعالى - :(ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئاً من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى، كما نص على ذلك أحمد وغيره، قال عبد الله بن أحمد: قرأت على أبي ثنا يعلى بن عبيد، ثنا سفيان، عن محمد بن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا عسر على المرأة ولادتها فليكتب: بسم الله لا إله إلا الله الحكيم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (سورة النازعات الآية46). (...كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) (سورة الأحقاف الآية35). قال أبي ثنا أسود بن عامر بإسناده بمعناه وقال: يكتب في إناء نظيف فيسقى، قال أبي: وزاد فيه وكيع فتسقى وينضح ما دون سرتها، قال عبد الله: رأيت أبي يكتب للمرأة في جام أو شيء نظيف. وقال أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري: أنا الحسن بن سفيان النسوى: حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا عسر على المرأة ولادتها فيكتب: بسم الله لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتعالى رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين. (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (سورة النازعات الآية46). (...كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) (سورة الأحقاف الآية35). قال علي: يكتب في كاغدة فيعلق على عضد المرأة. قال علي: وقد جربناه فلم نر شيئاً أعجب منه. فإذا وضعت تحله سريعاً ثم تجعله في خرقة أو تحرقه. آخر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه-. انتهى بنصه انظر الفتاوى (19/64 65). بروفيسور