انفصل جنوب السودان عن شماله ليكون الدولة رقم (55) أفريقياً، والدولة رقم (193) الأممالمتحدة.. وتبلغ مساحة جنوب السودان أيها الإخوة حوالي (625) ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانه حوالي ثمانية ملايين نسمة، وقد قال وزير المالية في شمال السودان إن دولة جنوب السودان ستسيطر بعد انفصالها على حوالي 75%من احتياطات النفط المعروفة في جميع السودان، مما يحرم حكومة دولة الشمال من ثلث إيراداتها القومية، ولا ننسَ أيها الإخوة فقدان شمال السودان لعدد من الفوائد المالية والمادية الأخرى العديدة التي كان يجلبها، ومن هذه الفوائد الاستثمار في جميع الدول التي أتت إلى سوداننا الحبيب للاستثمار، لم تأتِ إليه إلا بعد أن ضمنت أن هناك نفطاً بالبلاد، وأن مصير السودان بهذا النفط سيصير رائعاً، أليست هذه حقيقة أيها الأخوة؟. لقد أدى النزاع بين شمال وجنوب السودان إلى حرب دامت سنين عددا منذ عام 1955م إلى العام 1972م، ثم كانت هناك هدنة سلمية منذ عام 1972م إلى عام 1983م، أي زمن الرئيسنميري، حيث كنت حينها قائداً لمدرعات مدينة جوبا، ثم نشبت عام 1983م حرب ضروس استمرت إلى عام 2005م، حيث جاءت اتفاقية نيفاشا التي أتت بما أتت به، ولا أريد أن أتحدث عنها لأنها أخذت منا الكثير، ولكني أريد أن أتحدث عن القوة الوطنية والإرادة السياسية بين الجانبين التي قادت إلى ذلك الصلح وأزالت ذلك البؤس والشقاء، وتوافقت في عام 1993م بدخول دول الإيقاد كشريك في هذه المحنة بقيادة الأممالمتحدة ومن والاها، حيث أدت إلى توقيع السلام شامل عام 2005م، والتي كانت من أهم الأركان التي أدت إلى هذا الانفصال، نعم فسنقول انفصال لابد أن الحركة الشعبية لقد لعبت دورها بكل مقدرة واقتدار، وخدعت ونالت بذلك الانفصال. أيها الإخوة أقول لكم وبكل صراحة إن جنوب السودان شماله هما قطبان مكملان لبعضهما البعض، ولابد أن يكون كذلك، فالذي يقوله البعض بضرورة أن يقف شمال السودان بعيداً عن جنوب السودان، هو أمر غير واقعي لا يمت إلى الحقيقة بصلة، بل يجب أن يكون هناك تكامل الآن وليس غداً، بين هذين البلدين، ويجب أن يكون ذلك التكامل هو النواة الحقيقية لخير البلدين، لقد صارت حكومة جنوب السودان واقعاً ملموساً بخيرها وشرها، بل صارت دولة يحكمها السيد سلفاكير ميارديت ووزراؤه وهم نفس الذين كانوا معنا في حكومة السودان، أيها الإخوة لقد كانوا يحكمون كل جنوب السودان وكانوا يحكمون 30% من شمال السودان، والآن يحكمون جنوب السودان وقد نزعنا منهم حكم 30% من شمال السودان، لكن أرجو منكم أيها الإخوة أن توافقوا على الوحدة المتكاملة ين الدولتين، وأن يكون السيد الرئيس عمر حسن أحمد البشير رئيساً لدولة شمال السودان، وأن يكون السيد سلفاكير ميارديت رئيساً لدولة جنوب السودان سياسياً، على أن يكون هناك تكامل اقتصادي واجتماعي وثقافي بين الدولتين. فإن وحدة الأوضاع الاقتصادية والتجارية والزراعية بين بلدين هي أهم ما تصبو إليه الأمم الآن في العالم، ونحن نؤمن بأن اتجاهنا لذلك سيحقق لنا التقدم والازهادر في هذا المجال.. ويجب أن يكون هناك احتضان ملموس بين شمال وجنوب السودان يؤدي إلى قيام دولتين في العالم لهما رئيسان وحدود وسياستان.. ولكن لهما نفس الهدف ولهما اجتماع دوري لمجلس وزراء الدولتين لتخطيط سياستهما الاقتصادية والاستفادة الكاملة منهما، وخاصة فيما يختص بتجارة النفط لأنه وبدون حرج، كل شيء. إن الأشخاص الموجودين في شمال السودان وجنوبه، الذين لا يأبهون بالمصلحة أرجو أن يعيدوا رأيهم في ذلك، لأننا بالمصلحة سوف نتمكن من ضرب الإمبريالية أينما وجدت، وسنتمكن من مواصلة مسيرتنا الاقتصادية إلى الأمام، وسوف نطمئن جميع الدول التي جاءتنا للاستثمار وسوف نقف على خط واحد لنتقدم إلى الأمام، ولا يكون ذلك إلا إذا وقف شمال السودان إلى جانب جنوبه.