تبدأ يوم الاثنين بعد غدٍ زيارة السيد نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه إلى مصر الشقيقة، وهي زيارة كان من المفترض أن تتم قبل أيام إلا أنها تأجلت فيما يبدو بسبب عدم اكتمال تشكيل الحكومة المصرية الجديدة برئاسة الدكتور عصام شرف. قبل يوم ونصف تم إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة التي أدت بعد ذلك القسم أمام رئيس المجلس العسكري المشير محمد حسين طنطاوي الأمر الذي سيقود في تقديرنا إلى تهدئة النفوس الثائرة التي اتخذت من ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية منصة تطلق من خلالها الاحتجاجات وتطالب من خلالها بالتعجيل في التغيير. زيارة السيد نائب الرئيس الآن إلى مصر تكتسب أهمية خاصة، ضاعف من قدرها الإعلان عن الحكومة الجديدة، وتعيين وزير جديد للخارجية هو السيد محمد كامل عمرو بدلاً عن الوزير المستقيل الدكتور من العرابي الذي غادر منصبه بعد أقل من شهر على تعيينه فيه، حيث تصبح لزيارة الأستاذ علي عثمان محمد طه الآن أهمية أكبر في ظل وجود وزير للخارجية يمثل قناة الاتصال الخارجية الرسمية للدولة المصرية يمسك بالملفات ويتابع ما يتم الاتفاق عليه، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الوزارات ذات الصلة المباشرة بالتعامل مع السودان، مثل وزارات الري والزراعة والتجارة وغيرها. بعض الصحف أشارت إلى أن لقاء مرتقباً جرى الترتيب له سيتم بين نائب رئيس جمهورية السودان الأستاذ على عثمان محمد طه وبين عراب نظام الإنقاذ السابق، رئيس حزب المؤتمر الشعبي المعارض وألد خصوم النظام الحاكم الآن الدكتور حسن عبد الله الترابي، الموجود هذه الأيام في القاهرة بعد أن ظل ممنوعاً من دخول مصر منذ نحو ثلاثة وعشرين عاماً.. وتردد أن اللقاء سيتم بناء على مبادرة من جماعة الأخوان المسلمين في مصر. شخصياً أستبعد مثل هذا اللقاء، ولا أحسب أنه سيتم لأن لقاء عجزت أن تضمه الخرطوم بين لاعبين أساسيين في الساحة السياسية السودانية، يصعب على أي عاصمة أخرى أن تضمه حتى وإن كانت «القاهرة» عاصمة الشقيقة مصر. ثم هناك أمر آخر مرتبط بالجهة المنظمة للقاء المزعوم ونقصد جماعة الأخوان المسلمين المصرية، وهو أنها جماعة سياسية منظمة لكنها لم تزل تتعافي من ضربات النظام المصري السابق لها ومحاربتها ومحاولة إخراجها بالتي هي (أحسن) أو (أخشن) من ساحات العمل السياسي، إضافة إلى أنها منشغلة الآن تماماً بالمستجدات التي طرأت على ساحة العمل السياسي المصري بعد نجاح الثورة المصرية التي فاجأت الجميع بمن فيهم الجماعة نفسها. لذلك نستبعد أن تخرج زيارة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه عن دائرة العلاقات المشتركة أو تتجاوز إطار المصالح العليا لشعبي وادي النيل المتمثلة في توفير الأمن الغذائي من خلال مشروعات مشتركة تدعم مشروع النهضة الزراعية، ثم الاتفاق على مواقف متقاربة من قضية مياه النيل، والعمل على التأسيس لمسار جديد في العلاقات بين البلدين، ربما يعيد إلى الحياة من جديد الهيئة المشتركة للتكامل بين السودان ومصر.