تابع العالم يوم أمس الأول محاكمة حسني مبارك الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية والتي تمت وسط حراسة مشددة، وظني أنها أول محاكمة في التاريخ تتم لرئيس مخلوع أو حتى المحكوم فيها «يرقد» في السرير الأبيض.. سادتي هي محاكمة تحمل في طياتها نماذج من السوابق، الأولى والثانية ذكرتهما آنفاً، أما الثالثة فهي أن المحاكمة كانت محصورة في العنف الذي واجهت به حكومة مبارك المناهضين لها والتي نتج عنها استشهاد «850» شخصاً وأصيب حوالي «500» آخرون بجروح مختلفة. كما أن السابقة الخطيرة هي انقسام الناس ما بين متعاطف مع الرئيس المريض وبين شامت عليه، وبين من يرى أن ما حدث له شيئاً قليلاً وأن الشعب المصري قد عانى منه كثيراً ورغم أن استشهاد «850» شخصاً ليس بالأمر الهين لكن منظر حسني مبارك داخل القفص وفي السرير الأبيض جعل المشاعر تختلط وتختلف، وظني أن هذا الاختلاط قد حدث لدى الكثيرين. سادتي إن الاهتمام المتعاظم بمحاكمة حسني مبارك ومن قبلها بالثورة المصرية يأتي من أهمية أرض الكنانة فهي أم الدنيا، وهي قبلة الوطني العربي، وهي الدولة التي خاضت الحرب مع إسرائيل وبمشاركة كل العرب.. لذا لن يهدأ لها بال طالما أن إسرائيل تخشاها فستظل تدمر فيها النواحي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. المهم لقد استغرب العالم محاكمة حسني مبارك، لأن معظم رؤسائه لم يقدموا لمحاكمات.. ولأن المحاكمة تمت لترضية أهل الأسر التي راح أبناؤها ضحية لدفاع مبارك ونجليه عن حكمهم.. وقد احتجوا لانهم رأوا أن الحكومة الجديدة تتمهل وتتجاهل طلباتهم في محاكمة الرئيس الذي قتل أبناءهم بكل الوسائل واعتبر أن العنف يمكن أن يبقيه. بالمناسبة وأنا أشاهد مجريات المحاكمة تذكرت كيف يختتم المصريون مسلسلاتهم وأفلامهم حينما يصاب من يعذب «البطل» أو الناس بالشلل ولا يقوى بعدها على الحركة أو الكلام.. فقلت في نفسي نهاية مبارك هل تمثل الحلقة الأخيرة للمعاناة المصرية.