لم استغرب أن يقول شاعرنا الكبير إسحق الحلنقي من خلال برنامج ثلاثين دقيقة، إن تعاونه مع الفنان طه سليمان من باب إيمانه الكبير بموهبة الشاب وبصوته المتفرد، وإن قيام محمد وردي الإمبراطور المتوج على عرش الغناء، بتقديم لحن لطه ينبع من ذات القناعة بأن الشاب صاحب إمكانات عالية ولابد من أن يجد من يساعده على المشي في الطريق الصحيح، لأن طه ما أن يتعلم المشي وأحياناً الجري بثقة في مضمار الغناء، إلا ويعود للحبو مرة أخرى ببعض الأغنيات التي لا أدري لِمَ هو مصر على ترديدها حتى لو أن عدادها عالي أو السوق داير كده. ولعل حديث الشاعر الرقيق الحلنقي يجعلني اتساءل إلى أي درجة شعراؤنا وملحوننا مشتركون في وقوع هؤلاء الشباب في مستنقع الأغنيات الهائفة، لأنه وبالضرورة إن لم يجدوا من يدلهم على الطريق الصحيح، فإن ضباب الرؤية وعدم تقدير المسافة منهم، يرمي بهم في أوحال الغناء الهائف الذي لا يحمل معنى ولا مضموناً. ودعوني أيضاً اسأل فنانينا الكبار.. إلى أي درجة هم قائمون بدورهم القيادي والتوجيهي تجاه هؤلاء الشباب.. وهم من يسبقونهم خبرة وتجربة، ولماذا لا نسمع عن مبادرات من شاكلة أن يمنح فنان كبير أحد الشباب الإذن بأداء أغنية له برع في أدائها، بدلاً من أن يسارع إلى منعه وتحذيره من ترديدها.. ده كان ما غرمه «ملايين» في محكمة الملكية الفكرية!! لذا تغمرني السعادة وأنا استمع لهكذا مبادرات من الحلنقي، أرجو أن تمتد لتشمل آخرين مثل طه سليمان لتكون في روعة وجمال ما غنى محمد وردي وود الأمين وعركي من أغنيات خالدات. على فكرة إسحق الحلنقي منح الواعدة فهيمة أغنيات وطنية اعتقد أنها ستغير تماماً من مسار مشروع الشابة، فيمنحه الجدية والأهمية والموضوعية التي ستشكل ميلاد فنانة لن تكون أقل قامة من الفلاتية ومنى الخير وفاطمة الحاج، وكما فعل الحلنقي إيماناً بتواصل العطاء بين الأجيال، قدمت الشاعرة حكمت ياسين قصيدتين للفنانة حرم النور اعتقد أنهما ستكونان مفاجأة لجمهور حرم الذي تعود منها الأغنيات المسؤولة التي تبشر أيضاً بميلاد فنانة من الوزن الثقيل، بالمناسبة حرم اكتشفت أنها ليست فقط فنانة صاحبة صوت جميل ووجه صبوح.. لكنها أيضاً مثال للفنانة المحترمة وبنت البلد المؤدبة وتجربتها مثال يشجع أي أسرة أن لا تقف في طريق بناتها إن سلكن درب الفن، وحرم مثال للأدب والاحترام والالتزام وجمال الأخلاق. في كل الأحوال أرجو أن تكون تجربة الود الفنان طه سليمان مع العملاقين إسحق الحلنقي ووردي، نقطة فاصلة في تاريخه الغنائي، وليجعلها امتداداً لتجارب راقية قدمها بذكاء أحياناً يخونه بقوة رأس منه بأن يصر على أن يقدم الأغنيات التي لا تحمل مضموناً ولا فكرة وأنا واثقة أن طه سيكون ضلعاً مهماً وراسخاً في مثلث يضمه ووردي والحلنقي!! ٭ كلمة عزيزة إصراري الدائم على أن الشباب هم كل المستقبل، يجعلني أتحيز لأفكارهم وأحاول أن أجد لها ما يبررها إن كان فيها بعض من شطط، وأحاول دائماً أن أتفهم المتغيرات التي تواكب سنين عمرهم الندية وأجد لهم العذر إذا شعروا أحياناً أنهم غرباء في الطرح أو لا أحد يتفهم ما يطرحونه!.. وعمري لم أفقد الثقة في الشباب السوداني وأنا مصرة على أنه في غالبيته شباب ذي الفل، لذلك احتفيت جداً بزاوية الزميلة «الشابة» زينب السعيد التي كتبتها بأحرف تضج أناقة وجمال مفردة، ورشاقة عبارة عن معرض الشابة لينا أحمد بن إدريس، في تحريض واضح منها للشباب على المنافسة في الإبداع والابتكار. على فكرة زينب السعيد صديقة وزميلة لي منذ أيام الدراسة، حيث تزاملنا في مدرسة الخرطوم القديمة الثانوية وإن باعدت بيننا أشرعة الحياة ومجاديفها إلا أننا عدنا والتقينا في «آخر لحظة».. وصحيح يا زينب الحي بلاقي!! ٭ كلمة عز وكأن قناة زول مصرة أن تكون الفضائية «الأسخف» وهي تقدم برنامجاً سخيفاً سبق وأن قدم على إذاعة «مانقو» اسمه «قوم اتسحر»، ويكفي أن تعلموا أن فكرة البرنامج مبنية على اتصال تلفوني الساعة ثلاثة صباحاً لتسمع أحاديث سخيفة وضحكات مجهولة، وبعدها يقول المذيع نحن قناة زول يا فرحتي!!