نجحت الحكومة نجاحاً باهراً في عدم التجديد لبعثة اليوناميد بجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي، وقد كان قرار عدم التجديد سريعاً وحاسماً وواضحاً، وقد حاولت حكومة جنوب السودان إقناع جمهورية السودان للتجديد لهذه البعثة، إلا أن الموقف لم يتغير أبداً، ومن هنا أيها الأخ الكريم أخذت الأممالمتحدة على عاتقها بعد أن تلقت تلك الضربة من السودان، بضرورة معاقبة السودان على ما فعله من أجل عدم التجديد لليوناميد، فجمع قواه العقلية والعضلية ونهض بهما لينتقم من السودان ، ولذلك عندما جاء التجديد لولاية بعثة اليوناميد بدارفور أقر مجلس الأمن هذا التجديد بسرعة خيالية، إلا أنه أدخل بعض الممارسات السالبة التي لم تكن في الأصل من بين الإتفاقية الأساسية لهذه البعثة، ومن هنا لم يجد السودان الذي يتعامل دائماً وفقاً للقانون، إلا أن يقول للأمم المتحدة ومن والاها نحن نقول نعم للتجديد، ونرفض أي سلبيات دخلت في هذه الاتفاقية بأي شكل من الأشكال، ربما قد تغير وضع القوات الإفريقية إلى قوات أممية شاملة، لذلك لن نعترف بها، ثم بدأت معركة وزارة الخارجية السودانية عند لقائها برئيس مكتب الاتحاد الإفريقي بالسودان، وسفيري كل من البرازيل، وروسيا، وفرنسا وأوضحت لهم المهمة الحقيقية لبعثة اليوناميد، ثم واصلت عملها بأن اجتمعت مع وزير خارجية الصين الذي يزور السودان حالياً وأوضحت له كل شيء، وبذلك أمنت وزارة الخارجية السودانية الجانب الأممي بمجلس الأمن الذي يقف ضد أي قرار مجحف. لقد نسيت أو تناست السلطات المسؤولة عن هذه الاتفاقية بأن اتفاق البعثة مع حكومة السودان أمر واضح وليس به أية بنود خلفية، ومن أن هذه البعثة تم نشرها باتفاق صريح ، ومهام محددة في السودان، وأن امتناع أي جانب من الشريكين في تطبيق أي بند من بنود هذه الاتفاقية يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون إذا كان ذلك البند موجوداً، أما إذا كان البند غير موجود، فيعتبر ذلك كارثة في المعاملات الأممية التي لا تحمد عقباها، ومحاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى، لقد تمكن مجلس الأمن من تمديد أجل البعثة إلى مدة سنة أخرى، ولكن قرار ذلك التمديد جاء بالكثير من الإشارات السالبة والمغلوطة التي لا تعبر عن الواقع بشيء، ولا تعبر أيضاً عن التعاون الملحوظ والنظيف بين البعثة والآلية المشتركة التي وجدت الإشادة من الجميع خاصة من الذين وقعوا على اتفاقية الدوحة من الحركات والمنظمات الدارفورية ، والتي أوضحت بأن السلام ما هو إلا حقيقة يتمناها الجميع، بل أن بان كي مون نفسه الأمين العام للأمم المتحدة أشاد بتلك الاتفاقية. لقد أظهر تجديد ولاية اليونميد الجديد وحيثياته أنه من النوع الذي يعرف بما يسمي بالوصاية على دولة السودان، والعياذ بالله، ففيه مكر وخداع ودهاء ، فهذه البعثة التي تعمل بدارفور، رتب لها أن تعمل في جميع المواقع السودانية دون حدود، وذلك نكاية في إلغاء بعثة اليوناسيد السابقة التي كانت تعمل في الحدود بين شمال وجنوب السودان. ولكن السودان دعا في أن تظل بعثة اليوناميد بشكلها الإفريقي الحالي ، وواجبها الموضح بالإتفاقية ، وأن تلتزم فقط بالواجبات التي تم الاتفاق عليها من قبل ، مع تعهدها الكامل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، إلا أن ما جاء من مجلس الأمن في محاولة للتعديل، سيعود عليه بالوبال، لأن دولة القانون لا يمكن أن تقهر إلا بالقانون.