المبادرة التي أطلقتها قيادات أجنحة الحزب الاتحادي الديمقراطي بدار الزعيم الأزهري بأم درمان لتوحيد فصائل الحزب المتعددة في جسم سياسي موحد لمواجهة المخاطر التي تواجه البلاد، أثارت جدلاً وردود فعل جماهيرية متباينة حول إمكانية توحيد الحزب واستيعاب التيارات المختلفة التي توجد بينها اختلافات عميقة في الرؤى فبعض فصائل الحزب مشاركة في السلطة بصورة فعلية منذ وقت طويل، كما أن بعض أجنحة الحزب ظلت في صفوف المعارضة منذ سقوط نظام الديمقراطية الذي كان الحزب الاتحادي الديمقراطي حزءاً من مكوناته التشريعية والتنفيذية، حيث حل الحزب في المرتبة الثانية في انتخابات عام 1986، فهل ستنجح مبادرة توحيد الحزب أم أنها ستقضي عليها خلافات الفصائل قبل أن تتحول لواقع عملي. صحيفة آخر لحظة جلست مع الأستاذ عثمان عمر الشريف القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومسؤول التنظيم بالحزب وعضو الهيئة القيادية العليا وأجرت معه الحوار التالي: ما هي فرص تفعيل المبادرة للنشاط السياسي للحزب؟ -قوة الحركة السياسية مرتبطة بالنشاط الفاعل للحزب، فالاتحادي الديمقراطي جسم كبير جداً ولذلك تأثيره مرتبط بفعالية القوى الجماهيرية، فحالياً حزبا الاتحادي والأمة القومي لاعبان أساسيان في حل قضايا البلاد سواء كانت قضية دارفور أو الإصلاح الاقتصادي والسياسي رغم أن البلاد حالياً لاتحكم بدستور أو قانون وإنما تحكمها مجموعة فرضت إرادتها على الناس، فالإعلام عليه رقابة والسلطة والثروة محتكرة لحزب معين، فأصبح المواطن يحصل على معلوماته من المحطات الأجنبية، فلابد من التفكير في حلول جديدة لإصلاح الوضع الحالي بعد أن أصبح السودان دولة جديدة، فبعد انفصال الجنوب أصبح الوضع الحالي هو وضع الانقلاب السائد قبل توقيع اتفاقية نيفاشا. *لماذا بدأت المبادرة من دار الزعيم الأزهري بدلاً عن دار أبوجلابية معقل الحزب الاتحادي الأصل؟ -كل دورالزعماء تمثل رمزية للاتحاديين، فمثلاً إسماعيل الأزهري مؤسس الحركة، وكذلك الشريف حسين الهندي رمز، وكذلك السيد علي الميرغني رمز، فميزة الحركة الاتحادية أنها حركة لكل السودان، ولذلك فشلت الدعوات التي تقول إن الختمية يريدون السيطرة على الحزب لأن الختميين والاتحاديين قوة واحدة، فالحركة الاتحادية فيها كل الطرق الصوفية، والاتحادي الديمقراطي يقوم على مبادئ سياسية كما أن رؤية الحزب متقدمة في المجال السياسي لأنها تربط الإنسان بمصالح أو أجندة عامة، فالاتحاديون لا يناقشون في اجتماعاتهم الذكر أو المولد أو قراءة البراق وإنما يناقشون القضايا التي تهم الجماهير. * أليس إطلاق المبادرة من دار الزعيم الأزهري تشكل انقلاباً على الزعامة التقليدية للحزب بدار أبوجلابية؟ -إطلاق المبادرة من دار الأزهري ليس انقلابا على القيادة التقليدية للحزب الاتحادي الأصل بدار أبوجلابية، فإطلاق المبادرة من دار الزعيم الأزهري صادف الإفطار السنوي لروح القائد محمد إسماعيل الأزهري في الخامس عشر من رمضان، ولكن من أول يوم في رمضان تكون هناك لقاءات للإعداد لهذا الإفطار كمناسبة قومية لكل الاتحاديين يشاركون بدون انقسامات.. ولذلك نعتقد أن الانقسامات التي يتحدث عنها الإعلام موجودة في أذهان أعداء الاتحاديين ولكن على الواقع الاتحاديون بمختلف فصائلهم يتواصلون على الدوام، فقبل لقاءات دار الأزهري عقدت لقاءات بنادي الخريجين الذي يسيطر عليه صديق الهندي حول الوحدة واتفقت فيه الفصائل الرئيسية على برنامج الوحدة قبل عدة أشهر وهناك برنامج مولانا عثمان الميرغني للوحدة الاتحادية بالإضافة إلى اجتماعات عقدت في منزل أحمد علي أبوبكر فكل الاجتماعات أقرت الوحدة الكاملة. * لكن رغم هذه الاجتماعات لازال الطريق طويلاً أمام تحقيق الوحدة الاتحادية الكاملة فما هو شكل الوحدة المتوقع؟ -الوحدة في الحركة الاتحادية قضية فلسفية بالدرجة الأولى، ولذلك تحتاج لحوارات ومشاورات طويلة الأجل. * أليس ذلك يعني أن الحزب يواجه أزمة تنظيم؟ -لو كانت قضية الوحدة أزمة تنظيم لكانت سهلة الحل، لأن كل فصيل من الفصائل الاتحادية ينتدب ممثلين له ويتم حصر العضوية ولكن الاختلاف الاتحادي مزيج بين رؤى فكرية وسياسية ومعالجة قضايا الواقع، فهناك من يرى أن الحركة الاتحادية تعبر عن أهدافها في شكل الدستور والقانون والعلاقات الاجتماعية، وهناك فريق آخر يرى أن الحركة الاتحادية تعبر عن التأثير المباشر لقضايا المواطن اليومية، ولذلك لابد من توحيد الرؤى حول هذه القضايا بصورة شاملة. َ* إذن كيف ستتوحد الفصائل الاتحادية في ظل التناقضات المتعددة التي ذكرتها؟ - هناك ميثاق وحدة مطروح يشكل رؤية موضوعية لتطور الصراع في الحركة الاتحادية من قبل استيلاء الإنقاذ على السلطة، ولذلك كل أشواق وأماني الاتحاديين تتطلع للوحدة الكاملة بين الفصائل، فمبادرة الوحدة الاتحادية رؤية لحل مشاكل الانقسامات منذ انقسام الاتحاديين إلى حزب الشعب والوطني الاتحادي. *هل هناك صيغة محددة لتكوين آلية للوحدة الاتحادية؟ -لم نتفق على آلية محددة لإكمال الوحدة، ولكن هناك تشاور ومقترحات لأكثر من صيغة، فالحركة الاتحادية تمثل حزب الوسط ولذلك قضاياها تتشابك مع كل القوى السياسية الفاعلة في الساحة فكل القوى السياسية لها حضور سواء كانت خارجية أو داخلية مما يجعل الحركة غير خالصة للاتحاديين، ولذلك ستكون التأثيرات على مسيرة الوحدة كبيرة ولكن لدينا ثقة وقدرة على تجاوز هذه المؤثرات، كما أن هناك شخصيات تتمهل في الدخول في الوحدة لاعتقادها أن الوحدة ربما تكون حركة يقودها المؤتمر الوطني أو جهاز الأمن أو مجموعات ذات مصلحة لتثبت كراسيها في السلطة، فيما توجد دعوات محبطة للوحدة تواجهنا في الساحة، ولذلك كل المتحركين في الساحة لدينا لهم قراءة خاصة وكل الأشخاص تعرف مقدراتهم بصورة جيدة، ونتوقع أن يتخلف البعض عن المسيرة في بعض المحطات. * هل يعني حديثك أن الفصائل الاتحادية مخترقة من قبل جهات أخرى تعمل ضد الوحدة؟. -هناك مجموعات حقيقية وأخرى غير حقيقية، ولذلك نتوقع صدور بيانات وهمية باسم الاتحادي الديمقراطي تحاول وقف مسيرة الوحدة، ولكن كل تشويش يمثل الشخص الذي قام به أو أصحاب المصلحة الذين يوهمون الآخرين بأنهم يمثلون الحزب الاتحادي الديمقراطي ظاهرياً بينما في الواقع يسعون إلى بث الفرقة بين الفصائل الاتحادية.