أتوقع أن تشهد الساحة الخضراء في مدينة طرابلس الليبية الجميلة في أول أيام عيد الفطر المبارك، أضخم تجمع لأداء صلاة العيد، لأول مرة وليبيا بأكملها قد تحررت من قبضة حكم القذافي الباطش، بعد أن تحرقت أصابعه بنيران الثورة التي اتقدت منذ السابع عشر من فبراير الماضي. أتوقع استسلام النظام قبل ذلك التاريخ وغياب شمسه قبل حلول الذكرى الثانية والأربعين لاستيلاء العقيد معمر القذافي على السلطة في اليوم الأول من سبتمبر عام 1969، وهو شاب صغير لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره، يرفع الشعارات ولا يعرف الطريق إلى تطبيقها. نظام العقيد معمر القذافي سيدخل موسوعة «غينيس» بحسبان أنه أطول الأنظمة العربية والأفريقية التي جاءت عن طريق الانقلابات العسكرية عمراً، إذ ظل العقيد ومن حوله يجثمون على صدر ليبيا وأبنائها الأحرار على مدى اثنين وأربعين عاماً، مارسوا خلالها أبشع أنواع الظلم، ولم يتيحوا للآخر فرصة أن يكون له رأي، وارتكبوا الجرائم التي يتقزز منها حتى عتاة المجرمين، وبدد القذافي ومن حوله أموال الشعب الليبي في كل (فارغة) دون أن يعودوا على ليبيا إلا بالسمعة السيئة والذكرى المشينة في المحافل الدولية.. وكل ذلك باسم الثورة والشعوب الحرة. أتوقع أن ينهار النظام كلياً نهاية هذا الأسبوع وأن تتحرر كل ليبيا وأن تصبح الساحة الخضراء أحدث ميدان تحرير عربي في المنطقة، وأن ينحسر مد الجنون وجزره الذي كان يضرب السواحل في الشواطيء الليبية وغيرها بالمصائب والكوارث والضباب. .. ولا نحسب أن جاراً تضرر من جاره مثلما تضرر السودان من جيرة القذافي، فقد أصبحت بلادنا مرتعاً لأفكاره المريضة ومسرحاً لأحلامه العريضة غير الواقعية، فأخذ يعادي الأنظمة بكل توجهاتها، ويثير الفتن ويدير المؤامرات ويحيكها ضد بلادنا، تارة بتأسيس حركات التمرد المسلحة وصناعة قادتها مثلما في حالة المتمرد جون قرنق، وتارة بدعم وتسليح و(شق) حركات إقليمية أخرى، مثلما في حالة حركات التمرد الدارفورية التي ما أن توقع إحداها على اتفاقية سلام حتى تقوم أخرى على أسنة رماح القذافي، وزبانيته تنفخ في كير الحرب وتزلزل الأرض تحت أقدام المسالمين.. الحكام لا يتعلمون.. و.. دولة الظلم ساعة.