حملت أخبار الأيام الماضية خبراً مؤسفاً مفاده.. إن مدرسة بأم درمان قامت بطرد تلميذ مصاب بالايدز من المدرسة خوفاً على صحة التلاميذ.. أظنكم الآن قد عرفتم لماذا وصفت الخبر بالمؤسف.. فالفاعل مدرسة أو قل إدارة مدرسة، من المفترض أنها تعلم تماماً المرض، وطرق انتقاله التي هي بعيدة كل البعد عن الأطفال، كما أنه من المفترض أن تمارس المدرسة دورها الثاني وهو التربوي، حتى لا تهزم نفسية الطفل وتحوله من مريض بدني لمريض نفسي أيضاً، فيصاب بعقد لا تفارقه، لا هو ولا أسرته التي ابتلاها الله بالمرض.. فيا سادتي لا أحد يتمنى المرض، ولا يختار نوعه إذا اصابه، ولا أظن أن في طرد التلميذ الحل الناجع للمشكلة، والسؤال المطروح.. هل يفصل الطالب الذي تصيبه الأمراض الخطيرة الأخرى! والتي تنتشر لتصبح وبائية في زمن وجيز وعن طريق التنفس مثل السل أو حتى الانفلونزا؟.. هل يفصل التلميذ المصاب بالإسهال المائي؟ أوحتى التايفويد؟ بل هل يفصل التلميذ المصاب بالانفلونزا أياً كان نوعها؟ أسئلة مشروعة أليس كذلك؟. ففعل المدرسة (شين) ومخل بكل القوانين التي تحمي الطفل، بما فيها القوانين الدولية، فليس من حق أية جهة أن تحرم طفلاً من التعليم مهما كان السبب.. هذا بالإضافة للقوانين والأعراف الاجتماعية التي لا تستبيح نفوس الأطفال، ولا تضطهد حقوقهم، فهم أكبادنا وإصابتهم بأي مرض -هذا بالطبع إذا كان المرض معروفاً ومستوعباً- تألمنا، فما بالك بإصابتهم بمثل مرض الايدز الحساس، الذي نحتاج لمعرفة كيفية التعامل مع المصابين به، وإدماجهم في المجتمع أكثر من التصرفات التي تنِّفر منهم.. المجتمع الذي غذي بالمعلومات المغلوطة، وأصبح يعامل مرضى الايدز على أنهم جناة.. لكن سادتي إذا جاء هذا التصرف من الجاهلين فقد يكون مقبولاً، لكن جاء من شريحة منوط بها توصيل الرسائل للمجتمع وارشاده، وتعليمه، ومحو الجهل عنه.. الم أقل لكم إن الفعل شين، ويحتاج منا لوقفة لتدارسه، لكن قبل ذلك علينا أن ندين مسلك إدارة المدرسة التي شوهت نفسية الطفل.. فإن بحثنا معها عن عذر فلن نجده لها، فقد قتلت الطفل وأسرته معنوياً.. المهم سادتي هناك نقطة مهمة جداً، ولابد من وضعها في الاعتبار، وحتى لا يتكرر الحدث مرة أخرى يجب على المهتمين بالايدز عمل دورات تدرييبية وتثقيفية للمعلمين، ولإدارات المدارس، فالجهل المركب أخطر أنواع الجهل.