مطلب زيناوي بالأمس ومقال سد الألفية والشراكة الذكية قبل ثلاثة أشهر كنت قد نشرت مقالاً عن خزان النهضة الأثيوبي العظيم والمعروف بسد الألفية في صحيفة أخبار اليوم العدد 5990 بتاريخ 2/6/2011 اتبعته بمقال آخر نشر بصحيفة الأيام العدد 10052 بتاريخ 21/6/2011 بعنوان الشراكة الذكية مع الكهرباء الأثيوبية ومقال ثالث في آخر لحظة العدد 1643 بتاريخ 17/6/2011. أرجو أن استميح القاريء الكريم عذراً لإعادة نشر مقال الشراكة الذكية لسببين، الأول المعلومات الدقيقة المهمة جداً فيه والثاني والأهم أن ما ناديت به في المقال قبل ثلاثة أشهر تتطابق تماماً وقع الحافر على الحافر على ما طالب به الرئيس الأثيوبي ملس زيناوي بالأمس من ضرورة مساهمة السودان ومصر في بناء سد الألفية بل حدد مساهمة السودان 30% وحددت أنا في مقالي 25% (صحيفة آخر لحظة العدد 1832 بتاريخ 19/9/11 الصفحة الأولى) أعيد نشره لتأكيد أن المبادرة دائماً خير من المتابعة وأن عنصر الزمن والتوقيت السليم جزء أصيل من نجاح المبادرات. الشراكة الذكية مع الكهرباء الأثيوبية معادلة الشراكة الذكية مع كهرباء سد النهضة (أو الألفية) الأثيوبي من طرفين. الطرف الأول: - إنتاج الكهرباء في السودان الآن بالتقريب في الشبكة القومية 4500 ميقاواط. - نسبة توليد مائي إلى حراري 35% و 65% . - التوليد المائي ينتج كهرباء أقل تكلفة من الحراري. في المتوسط تقريباً فرق سعر الكيلو واط ساعة (المتر كما نسميه في السودان) المائي من الحراري 5 قروش أو كما في دراسة الهيئة القومية للكهرباء لعام 2007 حوالي 02.0 دولار. - استهلاك الكهرباء في الشبكة القومية عام 2010 يساوي 23 بليون (ثلاثة وعشرين بليون) كيلو واط ساعة. الاستهلاك المتوقع حسب الدراسة: العام 2014 يعادل 35 بليون كيلو واط ساعة في العام. عليه يكون العجز المتوقع في 2014 حوالي 12 بليون كيلو واط ساعة في العام. - مقترحات تغطية العجز حسب الخطة طويلة الأمد حتى عام 2030 والتي تم إعدادها في إبريل 2007 هي إنشاء سدود كهرباء في نهر النيل في الشريك، كجبار، عطبرة، السبلوقة وأماكن أخرى لإنتاج حوالي 550 (خمسمائة وخمسين) ميقاواط وحوالي 1000 (ألف) ميقاواط توليد حراري. حتى اليوم لم تبدأ خطوات تنفيذ إنتاج هذه الألف وخمسمائة وخمسين ميقاواط خاصة التوليد المائي وإنشاء السدود التي تسبب آثاراً جانبية اجتماعية تتحول إلى سياسية كما حدث سابقاً علماً بأن تكلفة إنتاج 550 ميقاواط من السدود المقترحة حوالي 850 (ثمانمائة وخمسين) ميلون دولار وفيه إنتاج ألف ميقاواط من التوليد الحراري حوالي 650 (ستمائة وخمسين) مليون دولار أي جملة التكلفة لإنتاج 1550 ميقاواط بحلول عام 2015 تبلغ 5.1 مليار دولار (مليار ونصف مليار دولار). الطرف الثاني - سد النهضة أو الألفية الأثيوبي بدأ تشييده في إبريل 2011 على بعد 40 كيلو متر من حدود السودان الشرقية والشبكة القومية في السودان تبدأ من الدمازين حوالي 60 كيلو متر من الحدود أي أن المسافة بين سد الألفية الأثيوبي والدمازين 100 كيلو متر فقط. سوف ينتج السد بحلول عام 2015 كهرباء تعادل5250 (خمسة آلاف ومائتين وخمسين) ميقاواط بتكلفة 8.4 مليارات دولار منها 8.1 مليار دولار قيمة معدات الكهرباء سوف تمول بواسطة البنوك الصينية والباقي 3 مليارات دولار طرحتها الحكومة الاثيوبية على مواطنيها في الداخل والخارج في شكل سنوات إدخار. - الفائض من توليد كهرباء سد الألفية والاستهلاك المتوقع في أثيوبيا في 2015 حوالي 2500 إلى 3000 (الفين وخمسمائة إلى ثلاث آلاف) ميقاواط تخطط أثيوبيا لتصديرها إلى دول الجوار. (ونحن أقرب جار كما قال الكابلي). الشراكة الذكية: تجمع طرفي المعادلة كالآتي: فائض في أثيوبيا + عجز في السودان = فائدة مشتركة والشراكة تبدأ بمبادرة من وزارة الكهرباء السودانية مبكراً منذ الآن للدخول مع كهرباء أثيوبيا في اتفاق وعقد شراء كهرباء بحلول عام 2015 ولكن على طريقة الدفع المقدم ذلك بالمساهمة في تمويل السد وشراء سندات بمبلغ 2.1 مليار دولار أي 25% من تكلفة السد على 3 أقساط بواقع 400 مليون دولار عام 2012، وأخرى عام 2013 وأخيرة عام 2014. تقوم وزارة الكهرباء في السودان بموجب الاتفاق بشراء 12 بليون (إثنا عشر بليون) كيلو واط ساعة للعام 2015 هي العجز المتوقع في ذلك الوقت ونفترض أن سعر كيلو واط ساعة الأثيوبي يساوي 7 سنت دولار أو 07.0 دولار أو حوالي 22 قرشاً سودانياً (الوزارة تبيع الكهرباء الآن للمواطن بواقع 26 قرشاً للكيلو واط ساعة) عليه تكون تكلفة شراء كهرباء أثيوبيا 840 (ثمانمائة وأربعين) مليون دولار في العام (هذه ال12 بليون كيلو واط ساعة تعادل إنتاج حوالي 2000 ميقاواط) لإعادة سداد ما ساهمت به وزارة الكهرباء في السودان زائداً أرباح السنوات نفترض 10% أي تكون كهرباء أثيوبيا مطالبة بتصدير كهرباء للسودان مجاناً بما يعادل حوالي 1300 مليون دولار أي 1300/840 تساوي حوالي عام ونصف العام (18 شهراً) من بداية 2015. بمعنى أدق يستهلك السودان كهرباء دون مقابل لمدة 18 شهراً تتحصل في هذه ال 18 شهر وزارة الكهرباء على 1620 (ألف وستمائة وعشرين) مليون دولار من المواطنين طوال 18 شهر محسوبة بسعر اليوم 26 قرشاً أو حوالي 09.0 دولار. (12 بليون كيلو واط ساعة * 09.0 دولار = 1080 مليون دولار في العام) ( في عام ونصف = 1620مليون دولار). بعد انقضاء العام ونصف العام فترة السداد أو الكهرباء المجانية وفي النصف الثاني من العام 2016 تربح وزارة الكهرباء ما يعادل 240 (مائتين وأربعين) مليون دولار سنوياً من كهرباء ليست هي معنية بتكاليف التشغيل والصيانة والمرتبات أو أي مشاكل أخرى بخلاف صيانة خطوط النقل. مزايا الشراكة الذكية 1. توفير مليار ونصف مليار دولار كانت سوف تصرف في توليد 1550 ميقاواط من التوليد الحراري والمائي بكل مشاكله الاجتماعية المفضية إلى أزمات سياسية كما حدث في مروي وما سيحدث في كجبار والشريك لاحقاً هذا إضافة إلى العجز المتوقع في توفر العملة الصعبة في السنوات التي تعقب الانفصال وهي السنوات حتى 2015. 2. تحسين نسبة التوليد المائي الحالي مثل (1575 ميقاواط) والحراري (2925) أي 35% مائي و 65% حراري إلى 55% مائي و 45% حراري ذلك بإضافة 2000 ميقاواط توليد مائي من أثيوبيا وفي هذا التحسين مواكبة للتوجه العالمي في المحافظة على البيئة بخفض نسبة ثاني اكسيد الكربون المنبعثة إلى الأجواء العليا المسببة للاحتباس الحراري التوليد الحراري عدو للبيئة بينما توليد الطاقات المتجددة مثل الماء، الهواء والشمس صديق للبيئة. 3. تعميق العلاقة التاريخية والسياسية والاجتماعية بين السودان وأثيوبيا وزيادتها بشريان حياة آخر غير ماء النيل الأزرق هو شريان الكهرباء عبر شبكة إقليمية أزلية تساعد في تخفيف حدة كل الأزمات العادية بين الدولتين من وقت لآخر ويصبح الذي يجمعنا أكثر وأعمق من الذي يفرقنا وتمتد العلاقة إلى تكامل اقتصادي مطلوب الآن وفي المستقبل. والله الموفق.. مهندس مستشار
