في اللحظة التي كنت اتأهب فيها لكتابة «عز الكلام» كما تعودت في الصباح، وفي اللحظة التي أمسكت فيها بالقلم لأخط أول سطر فيها رن هاتفي فإذا هو الأخ الإعلامي الأستاذ أمير أحمد السيد، وما أن سمعت نبرات صوته المتهدج إلا وانقبض صدري وشعرت أن حزناً أسود يظلل كلماته لكنه يخشى أن يفصح عنه دفعة واحدة، إلى أن قال يا أم وضاح البركة فينا وفيكم!.. فقلت وكأنني ابتلعت قنينة من موية نار.. الله أوعى تقول لي زيدان إبراهيم.. لتندفع دموعي ويختنق صوتي بالعبرة وهو يؤكد لي الخبر الحزين أن زيدان رحل عن دنيانا وعن عيوننا في صباح سبت حزين ذبلت أزهاره واكتست فراشاته باللون الأسود وجف القاش وسالت دموع الناس جداول.. نعم حزننا على زيدان أكبر من أن يتصوره شخص أو يستوعبه عقل.. لأن زيدان مدرسة وزيدان قمة وزيدان قامة وزيدان نسخة لا تتكرر وإحساس لا يستنسخ والرجل غنى- أحلى الكلام- لأحلى عيون- فكان أجمل حبيب اصطفته قلوب كل السودانيين الذين شق عليهم النبأ ولسان حالهم يبكي- داوي ناري- وزيدان يرحل عن- دنيا المحبة- في الليلة ديك- بالمناسبة الإحساس بموت الفنان إحساس صعب.. خاصة إن كان في وزن زيدان.. وزيدان لم يكن فقط فناناً بصوت جميل وأداء أجمل.. لكنه كان فكرة زودت رصيد المشهد الغناني بأجمل الكلمات التي ستظل- كنوز محبة- رغم عتبنا عليه أن اختار الرحيل بعيداً عنا في ديار الغربة- وما هماك عذابنا- لكننا نعده أننا سنحبه العمر كله وبرضو- شاعرين ما كفانا- وما أصلو ريده أصبح حياة كل عشاق فنه ومعجبيه الذين هم غير مصدقين والعندليب يرحل- في رمشة عين- والحسرة والألم تطل من عيون زملائه الذين أحبوه ومقعده في الاتحاد خالي ينوح- يا ما بقيت حيران- اعتقد أن رحيل زيدان في توقيت كانت الأخبار الواردة إلينا فيه تتأرجح ما بين أن زيدان كويس أو في طريقه إلى أن يكون كويس.. جعلت من الصدمة صدمتين.. ومحبوه وعشاقه قرروا الاثنين القادم موعداً لحفل محبة كنا نأمل أن يشاهده زيدان على الهواء مباشرة لعله يرفع من معنوياته والرجل جسده وروحه شفافان وحساسيته عالية وإنسانيته بلا حدود. نعم رحل زيدان في- غربة وشجن- ولم يدرِ ما معنى- لما تبعد عني انت- وعودته وحدها من كانت- داوي ناري- ووحدها من كانت ستجعلنا نبني في أحلامنا أو ربما واقعنا- قصر الشوق- ألا رحم الله الفنان الكبير زيدان إبراهيم وإن كنا قصرنا في حقه فإننا نقول- معذرة- وصوتك ومحياك لن يكون مكانهما فقط- وسط الزهور متصور- بل جوه القلوب متحكر!! ٭ كلمة عزيزة حتى لا يتساقط شجرنا الكبار، أرجو أن تبدأ الدولة جادة في دعم صندوق المبدعين بمبلغ ملياري، لأنني أعلم أن القائمة الآن طويلة من المنتظرين في صف العلاج وبعضهم ليس لديه حق الدواء المسكن.. والناس دي ما شاحدة زول ده حقهم على البلد وعلى أهلها. ٭ كلمة أعز قارنوا بين الأموال التي تدفع في السياسة بمؤتمراتها ومؤامراتها واجتماعاتها ومفاوضاتها.. وما يدفع للثقافة والمبدعين.. ده إذا كان في مقارنة من أصلو!!