تتجه مؤسسة الرئاسة إلى إعلان التشكيل الوزاري الجديد في عهد الجمهورية الثانية للسودان بعد انفصال الجنوب في التاسع من يوليو الماضي، وذكرت مصادر موثوقة أن الجلسة القادمة لمجلس الوزراء ستكون الأخيرة له، على أن يتم إعلان الحكومة الجديدة خلال أيام. وشهدت أروقة المؤتمر الوطني- الحزب الحاكم- اجتماعات ولقاءات تشاورية لبلورة شكل الحكومة الجديدة، فيما عقدت لجنة كونها رئيس الجمهورية، اجتماعات لإعادة هيكلة الدولة، حيث توصلت وفقاً لمصادر موثوقة.. إلى تقليص عدد الوزارات إلى «18» وزارة و«9» وزراء دولة وما بين (6-8) مستشارين للرئيس بدلاً عن (16) مستشاراً، ونائبين للرئيس، حيث تم بالفعل إصدار قرارين بتعيين الأستاذ علي عثمان محمد طه نائباً أول للرئيس، ود. الحاج آدم نائباً للرئيس. وتوصل المؤتمر الوطني إلى نتائج مثمرة في اجتماعاته مع الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني. إذ قال رئيس الجمهورية المشير عمر البشير إنهم توصلوا إلى اتفاق مع الاتحادي حول البرنامج العام، غير أن الخلافات التي ظهرت للعلن في صفوف الحزب الاتحادي أكدت بجلاء أن هناك خلافات عميقة حول شكل المشاركة في الحكم، إذ أن البعض وافق على نتائج الاجتماعات، فيما رفض آخرون ذلك. أما بشأن حزب الأمة القومي، فإن نتائج الحوار مع الوطني لم تتبلور بعد حول المشاركة من عدمها. ويرى بعض المراقبين أن الحكومة القادمة ستكون مهمتها إحداث تنمية ووضع خطط لتجاوز العجز في الموازنة الناتج عن فقدان البلاد إيرادات البترول التي ذهبت للجنوب، فضلاً عن تأثر السودان بالأزمة الاقتصادية العالمية، وإيجاد معالجات جذرية لمشكلة الغلاء وخفض الإنفاق وتنفيذ مشروعات تنموية بالبلاد وجذب الاستثمارات الفاعلة. غير أن ثمة مشكلة ستواجه المؤتمر الوطني إذا ما وافق الحزبان الاتحادي الأصل والأمة القومي على المشاركة في السلطة في ظل تقليص عدد الوزارات والمناصب الاستشارية، بجانب إدخال الحلفاء القدامى- أحزاب حكومة الوحدة الوطنية- في التشكيل الجديد. فضلاً عن اتكاء بعض الكيانات على المكون القبلي أو الجهوي، وهي ظاهرة أطلت برأسها منذ أواسط الثمانينيات واستخدمتها بشكل علني آنذاك الحركة الشعبية واستلهمت بعض الحركات المسلحة، بل وبعض القيادات داخل أحزابها هذه الظاهرة من أجل تحقيق المكاسب والمناصب. ويرى د. ربيع عبد العاطي القيادي بالمؤتمر الوطني، أن المرحلة الحالية تستوجب اختيار وزراء وفقاً للكفاءة والخبرة لتنفيذ البرنامج الوطني، مشيراً إلى أن الاختيار بسبب القبيلة أو الجهة يعتبر عنصراً أساسياً في انهيار الدولة، وزاد «يجب أن يسند الأمر لأهله.. وإلا فلننتظر الكثير من المآزق والكوارث.. ويكفي ما خضناه من تجارب نأمل أن نتعلم منها». ويتفق الأستاذ ميرغني مساعد عضو الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل»، مع ما ذهب إليه د. ربيع وقال إن الاختيار للتشكيل الوزاري الجديد يجب أن يتم بعيداً عن الجهوية والقبلية، وأن يتم اختيار من ينفذ سياسات الدولة المتفق عليها، وأن يتميز الوزراء بالكفاءة والقدرة على العمل والابتكار، وأن يكون الوزير سودانياً لا يحمل جنسية مزدوجة مهما كانت كفاءته، وزاد «حواء السودان والدة». واعتبر د. بهاء الدين مكاوي أستاذ العلوم السياسية، اختيار الوزراء على الأساس القبلي والجهوي يفضي إلى تقنين الجهوية والقبلية، ونادى بضرورة تبادل الولايات للوزراء.. بحيث تقوم ولاية شمالية بتعيين وزيرين من الغرب أو الوسط، وكذلك ولاية من الغرب تقوم بتعيين وزيرين من الوسط أو الشرق، وقال إن هذا من شأنه أن يعزز الوحدة، ويؤكد أن الحكومة لا تعترف بالقبلية والجهوية، مشيراً إلى أن الاختيار على أساس القبيلة سيضعف الحكومة ويأتي بوزراء ليسوا أكفاء.. وخالفه في الرأي فضل الله برمة ناصر نائب رئيس حزب الأمة و قال: أنا مؤمن بصفة عامة بأن الكفاءة والخبرة والتجربة هي المقياس الأساسي الذي يجب أن يُبنى عليه الاختيار لهذه المناصب الوزارية إضافة إلى المقدرات الشخصية والتوازن الجهوي والقبلي والعمري والنوعي فهو مهم جداً في هذه التشكيلة. ويجب أن نراعي التنوع الجهوي لخلق نوع من تلاقح الأفكار فليكن التمثيل من الشمالية ومن الشرق وغرب السودان ووسطه، فالتوازن الجهوي مهم حتى تكون هذه «الطبخة» لذيذة ونأكلها جميعاً فنحن نريد مرآة تعكس كل أهل السودان ويروا وجوههم فيها ولا نكون مرآة ترى فيها فئة واحدة. إضافة إلى التنوع العمري يشمل التمثيل الشبابي فهم لديهم الحماس وقوة التحرك والاندفاع لخلق نوع من تواصل الأجيال.. والتوازن النوعي فمن حق المرأة أن تشارك ويكون لديها دور التوازن مهم.