الفقر كلمة مقيتة.. مرهقة للإحساس.. نغمتها مخيفة.. ومعناها ثقيل على القلب والعقل.. وفعلها أمر من العلقم.. الحاجة تكره النفس البشرية على الخطأ.. وتجبر الإحساس على التداعي.. وتسيطر على التفكير في الهروب من الواقع.. أو الهروب إلى واقع افتراضي.. معاش.. حيث يحاول الإنسان التحايل.. والالتفاف حول الحقائق.. واللعب على حبال الضمير.. والمرور عبر ثغرات من وحي اللا ضمير.. فهو شبح يخيف أشد قلوب الرجال قساوة.. وتحملاً. الفقر يمحو الملامح.. ويشوه الوجدان.. ويباعد بين الحقيقة والواقع والفكرة.. الفقر يقتل الطموح.. ويذهب العاطفة.. ويشجع الطمع.. والجشع.. ويغير خطوط العقل.. والإحساس.. الفقر يستعاذ منه.. كما يستعاذ من الشيطان.. اللهم إني أعوذ بك من الفقر.. وفي المقولة الشهيرة لعلي بن أبي طالب.. (لو كان الفقر رجلاً لقتلته).. فالفقر سبب رئيسي في تخلف الأمم.. وتدهور الاقتصاد.. وسيادة البطالة والعطالة.. وعامل رئيسي في نمو أمراض النفس البشرية من أحقاد.. وأطماع.. وجريمة وجنون. قديماً.. وليس قديماً جداً.. فلست من القرن الماضي.. (كما في حادثة زيدان إبراهيم... وكلنا أذن تسمع .. وعين تقرأ).. كنا نعتقد أن الفقر.. والمعيشة القاسية تصنع الرجال وتقوي قلوبهم وتشد من عزيمتهم وشكيمتهم.. وأن الإنسان كلما عانى في بداية حياته.. استطاع أن ينجز ويبتكر.. ولكن هذه القناعة اليوم عندي قد انمحت تماماً بواقع الحال المعاش.. فاليوم الفقر لا يصنع سوى الضغينة.. والشخصية الوصولية.. المتطفلة على نجاح الآخرين.. والمتسببة في كل المهالك النفسية للإنسان والذي يليه.. فلم يعد مع الفقر الحكمة.. ولا القناعة.. ولا الإحساس بالذات. فاعينوا يا أصحاب الكراسي المختارة.. والتواقيع النافذة.. والكلمة الجبارة.. يا أصحاب السيادة.. اعينوا شعبكم على مواجهة موجة الفقر التي أصبحت تجتاح دون رحمة.. وتجرف كل مدخر ومحفوظ. من القلب: أعظم كلمة هي.. الله..أعمق كلمة هي النفس.. أطول كلمة هي الأبدية.. أقوى كلمة هي الحق.. أوسع كلمة هي الصدق.. أرق كلمة هي الحب.. أعز كلمة هي الأمل.. أسرع كلمة هي الوقت.. وأقرب كلمة هي الواقع.