الجوع مصيبة كبرى، ومليار ومئتا مليون شخص في العالم يتضورون جوعاً، ومعلوم أن 65% من سكان السودان في المناطق الريفية يمارسون الزراعة التقليدية، وتمثل النساء أكثر من 65% من العمالة الزراعية. وتحتفل منظمة الأغذية والزراعية للأمم المتحدة منذ 1979 بيوم الغذاء العالمي في السادس عشر من أكتوبر في كل عام.. وارتفاع أسعار الغذاء محل اهتمام المنظمة منذ 2008، ومن أهداف اليوم رفع الوعي بمشكلة الجوع في العالم، وتوجيه أكبر قدر من الاهتمام بالإنتاج الزراعي، وتشجيع مساهمة أهل الريف -أكثر الفئات حرماناً، ولا سيما النساء، في اتخاذ القرارات والأنشطة التي تمس ظروف حياتهم. وفي برنامج منظمة الأغذية العالمي «الشراء من أجل التقدم» يقوم البرنامج بربط صغار المزارعين بالأسواق، والمساعدة على تحسين المنتجات كماً وكيفا.ً. وثبت أن الاستثمار في جهود المرأة يؤتي ثماره أضعافاً، وتشير تقديرات منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» الى انه حينما تتسلح المزارعات بالأدوات اللازمة مثل التعليم، والدعم المطلوب من البذور والأسمدة والتمويل، فإن العوائد تتضاعف، وتمول منظمة «الايفاد» -ضمن برنامج تنمية البطانة في السودان- إنتاج الخضروات في المزارع النسوية. إن مظاهر العام 2011 أشارت الى أنه عام الأزمة الغذائية العالمية الكبرى: فمن جهة ضربت الفيضانات البرازيل واستراليا، فأعاقت إنتاج الغذاء واتلفت القمح.. ومن جهة أخرى فإن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة اتلف محصول القمح في روسيا- أكبر دول العالم انتاجاً- مثلما تواجه الصين جفافاً شديداً، وخاصة في المقاطعات الشرقية التي تنتج ثلثي كمية القمح في الصين.. وتضاعف سعر القمح منذ منتصف 2010. وفي السودان شرعت هيئة المخزون الاستراتيجي في ترتيبات استيراد ثلاثمائة ألف طن من القمح لصالح المناطق الحضرية التي يشكل غذاءها الرئيسي. لكن المدهش إعلان وزير الزراعة عن التنسيق مع ولاية نهر النيل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح (!!) فالسودان استورد في العام 2010 قمحاً بما قيمته سبعمائة مليون دولار أمريكي، وفاتورته في العام 2011 قد تبلغ المليار دولار، وخلال السنوات الخمس الماضية انفقت الحكومة عشرين مليار دولار لتوطين القمح في الجزيرة والشمالية، ولا تزال البلاد تستورد 80% من حاجتها للقمح،، وأشار البنك الدولي لاختلاف اتجاهات أسعار القمح المحلية من بلد الى آخر، وظهور اتجاهات تصاعدية لأسعار القمح في السودان بنسبة 87% واثيوبيا 18%.... الى آخره. ووفق مصادر وزارة الزراعة الأمريكية فإن المخزون الاحتياطي من الذرة في 2011 سيهبط الى مستوى لم يبلغه منذ خمسة عشر سنة.. وتضاعف سعر الذرة خلال الشهور الماضية، وارتفعت الأسعار العالمية للذرة بنسبة 17% في الربع الأول للعام 2011،، مقارنة بالربع الأخير للعام 2010م، ومن أسباب تزايد الطلب للاستخدامات الصناعية. أما هيئة المخزون الاستراتيجي في السودان فقد اشترت خمسة ملايين جوال من الذرة والدخن بقيمة مائة وثمانين مليون جنيه سوداني «جديد»، وأكدت أن مخزونها يكفي البلاد لعامين مقبلين.. وأن المواعين التخزينية بالولايات لم تستوعب الكميات الكبيرة التي قامت بشرائها، مما اضطرها لتصدير الذرة لعدد من الدول، وزادت أسعار الذرة البيضاء بنسبة 27% في كينيا و25% في اوغندا والصومال و20% في الكنغو الديموقراطية و37% في المكسيك و15% في البرازيل.. ومعروف أن أسعار الغذاء في السودان لا تزيد بنسب زيادتها في العالم، بل أكثر وقد تصل الى 60% إن تعثر الإنتاج الزراعي في السودان له أسباب عديدة.. وتتباين في مشروع الجزيرة ومنها أزمة مياه الري، حيث عانت أكثر من الفي فدان في صيف 2011 من عطش المحاصيل خاصة الذرة، بسبب قلة الأمطار وجفاف الترع من المياه، حيث لم تتم معالجة الاشكالات الفنية في قنوات الري. وأفاد بروفيسور محمد أحمد خيري أن مشروع الجزيرة مصمم أساساً على الري التكميلي، وحساب الأمطار في عملية الري.. وفي الماضي عندما كانت تتوافر الأمطار كانت تروي المحاصيل ويتدخل الري بعد توقف الأمطار، ولأن الأمطار قلت فإن الاحتياج للري يبدأ منذ بداية الزراعة، ومعروف أن معظم الأمطار في أغسطس وتحتاج المحاصيل لمياه الري في النصف الثاني من سبتمبر في كل المساحات المزروعة. وهذه المشكلة تتكرر للعام الرابع على التوالي.. وكما شكا المزارعون من العطش شكوا أيضاً من كثرة تدفق المياه بعد فتح خزان سنار، وما قد تتعرض له القنوات، وأصبح المحصول مهدداً بالإتلاف في الحالتين. وجدير بالذكر أن وزارة الزراعة الاتحادية صادقت على شراء ماكينات لطلمبات في مشروع الحرقة بولاية الجزيرة، بعد توقف الزراعة لعطل الطلمبات بتكلفة ثلاثة مليارات.. دور المرأة السودانية الحيوي في محاربة الغلاء، ومن ذلك غلاء اللحوم، وبدائل العدس والأرز والروب واللوبيا.. الى آخره.. كتب عنه الأستاذ علي سلطان بهذه الصحيفة وهو يكفي.. وما أود اضافته: ü إن أكثر من تأثر بحملة مقاطعة اللحوم، الأسر الفقيرة والنساء الفقيرات للاعتماد على مخلفات الذبيح للصادر والقادرين.. وفي حالات استثنائية تشتري الاسرة «ربع الربع». ü نساء السودان في أطراف المدن يدبرن معيشتهن بما لا يخطر على بال، فقد اعتاد معظمهن على استهلاك «الخبز القديم» الذي يجدد في بعض المخابز، ومدة صلاحيته لا تتجاوز نصف اليوم. ü عشرات المئات من النساء يكدحن تحت هجير الشمس، ولا ترضى قيادات من المثقفين بأعمالهن الهامشية، رغم أن ذات القيادات أغلقت المصانع في وجوه النساء والرجال. ü وكثير من النساء العاملات، ومنهن خريجات، يعملن بالمناطق الصناعية لاثنتي عشرة ساعة، ومنهن من يعملن بالوردية الثانية «7-7 ص»، لهزيمة الجوع والمرض، ولا حقوق لهن من المرتبات والأجور، وحتى دور الحضانة والرعاية.. وصحيح ما ذكرته المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي «إن المرأة هي السلاح السري في الكفاح ضد الجوع»!! -نواصل-