بالتأكيد أنا لا أقصد الكلاب المعروفة التي تعيش مع الإنسان، تلك الكلاب التي تتصف بالوفاء والإلفه.. بل أقصد تلك الإنسانية التي تعيش بيننا... وتختلف عن الأخرى بعدم الوفاء.. والولاء لصاحبها.. خلق الله المخلوقات بطبائعها.. ومن ضمن هذه المخلوقات الكلاب التي تعتبر مخلوقات أليفة تعيش مع الإنسان ... ويشتهر الكلب بالوفاء الشديد لأصحابه.. وهناك قصص كثيرة تشهد للكلاب بهذا الوفاء.. ومنها أن هناك كلاباً فدت أصحابها بنفسها.. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن الكلاب تحفظ المعروف لأصحابها.. وأيضاً أصحاب هذه الكلاب يبادلونها الوفاء بالوفاء.. ويحرصون على كلابهم، والبعض يدلل كلبه أكثر من أولاده.. نعود إلى موضوعنا الأساسي الكلاب البشرية التي أتحدث عنها، والتي كثرت في هذه الآونة الأخيرة.. فهي كلاب بشرية تمشي على قدمين.. من أهم مميزاتها أنها لا تلوي على شيء سوى مصالحها العامة والخاصة.. وأنها ليس لها ولاء ولا وفاء لغير نفسها.. لديها قانون مختلف لا يشبه قانون الكلاب، ولا قانون البشر الذي يحوي بين طياته الرحمة والرأفة.. انها تعيش بيننا ووسطنا وتتعامل مع كل الناس.. ولكن تعاملها محصور مع من تستفيد منه.. لا تتبع أحداً إلا إذا كان لها مصالح معه.. تظهر في ثوب جميل وأنيق .. وفي صورة طيبة .. وكل ذلك حتى تنال ما تشتهي، ومثل هؤلاء قد تجدهم في كل المواقع وفي كل الأنحاء.. ولكن بعضهم لا يُكتشف إلا متأخراً، والبعض الآخر تشتم رائحتهم من بعد آلاف الأميال.. وما يغيظ في هذا الموضوع أنها تعرف بعضها البعض.. وتتجنب بعضها البعض.. ومنها من له علاقات مصلحية مع جهات عليا، وتلك الجهات لها العلم بأن هذا لا يخدمها إلا لمصلحة شخصية.. ورغم ذلك تسهل له (القواسي) وتحميه حتى يقضي غرضه وتنال هي نصيبها من تلك الصفقة.. ألم أقل لكم إن الكلاب أكثر حظاً في زماننا هذا.. ولكن المسكين المواطن الذي لا يلم في دور المواطن المغلوب على أمره، ولا هو قادر على أن يعمل نفسه مع هذه الكلاب ليكون محظوظاً.. وفي النهاية نقولها كلمة عالية.. من أراد أن «يستفيد» عليه أن يكون كلباً ويتبع صاحبه.. وأن يضع مصالحه في أولويات الأشياء.. وأن يتجرد من الوفاء والإخلاص.. وأن يدوس كل ما هو أصغر منه.. بذلك سوف يعيش كلباً محظوظاً محترماً.. أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت اليكم أيها القراء الأعزاء..