أكتب هذه الكلمات من مكتبي في الصحيفة والوقت متأخر وتفصلني ساعات من رحلة طالما تمناها كل واحد منا!!.. والحمد لله الذي بها أكرمني في هذه الأيام الطيبات المباركات!! أكتب من الخرطوم شرق وبمقاييس (الجغرافية).. تفصلني عن البقاع الطاهرة آلاف الكيلومترات و(بعِبار) - بكسر العين- الشوق والحب والوجدان والتعلق لا شيء!!.. فأنا الآن شديد الالتصاق بالروضة الشريفة وقبر المصطفى صلاة الله وسلامه عليه.. وأمني النفس بالأمل والدعاء أن يكمل الرحلة ونصل لمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم.. والتي عندما جاءها مهاجراً.. بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الإسلام.. وبزغ فجر الدعوة التي انطلقت من طيبة الطيبة لتضيء دياجير الظلام في العالم.. وتهدي البشرية أروع الرسالات السماوية العظيمة. أنا الآن في طريقي لأداء فريضة الحج.. وعندما جاءتني الدعوة الكريمة وأنا ساعتها جلوس في مكتبي وربما لا أملك لحظتها ثمن بطاقة سفر إلى مدني (القريبة).. قلت كعادة السودانيين نادى المنادي.. والآية الكريمة تقول: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق). عندما قلت للزميلة الشيخة كوثر مديرة الحسابات في آخر لحظة أنا في طريقي للحج، أجهشت بالبكاء وقالت كأنها تناجي نفسها يارسول الله ما كنت أتصور انقطاعي من زيارتك!! إنهم أهل السودان أفئدتهم رقيقة وقلوبهم سهلة ولين ومتعلقة بالبيت العتيق ومسجد الرسول صلوات الله وسلامة عليه.. وقبره وروضته الشريفة.. إنها المحبة الصادقة التي لو علمتها الدولة.. لوفرت على المحبين من أهل بلادي كثيراً من العنت والمشقة والرسوم.. وجعلت هذه الفريضة ميسورة لمن استطاع إليها سبيلاً. نسأل الله أن يكمل حجتنا وأن يوفقنا لأداء الفريضة والدعاء لكل الذين حملونا أمانة الدعاء لهم من أحبابنا وأهلنا وأخواننا وأصدقائنا.. سندعو والدعاء مستجاب في تلك المواقيت المكانية والزمانية.. أن يحفظ الله الجميع من كل مكروه.. وأن يحقق الأماني الطيبات بالعفو والعافية والستر.. وأن يحفظ أهلنا وبلادنا من كل مكروه.. وأن يرد عنا وعن أرضنا وأهلنا وأحبابنا كيد الأعداء والخائنين والمتربصين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.