سيدي النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه أخاطب سيادتكم في هذا الصباح الطيب القسمات.. هذا الصباح الذي تصر فيه شرطة المرور على أن يكون أي شيء غير تلك القسمات الطيبات، وذلك بهذه الحملات الاستفزازية لمراجعة أوراق ترخيص سيارات الأجرة على اختلافها حافلات- تاكسيات- أمجادات- وأخيراً الدراجات النارية، واحتجاز أكثر من أربعمائة دراجة بتهمة عدم اعتماد سائقيها ل (الخوذة) المخصصة لدرء مخاطر الحوادث . يحدث هذا يا سيدي النائب الأول والناس قبايل عيد، والعجب العجاب إن الإدارة العامة لشرطة المرور بولاية الخرطوم لم تكتف بذلك، وإنما تفضلت بإصدار قانون المرور الجديد ووضعه حيز التنفيذ، والذي تحسب فيه المخالفات بالنقاط، أي أنه يمكن وبكل بساطة أن تتضاعف قيمة المخالفة العادية من الثلاثين جنيهاً المعهودة إلى ثلثمائة جنيه، وذلك بالنقاط تماماً.. تماماً مثل منافسة كرة القدم ونقطة بنقطة والبادئ أظلم، وهذا ما يثر الضحك، وعلى سبيل ذكر الضحك، أقول إنني قبل سنوات كنت في زيارة خاطفة للقاهرة وهناك شاهدت في أحد مسارحها مسرحية (العسكري الأخضر) وكان الكوميديان سيد زيان قد أضحكنا وأبكانا في هذه المسرحية، وهنا في الخرطوم وفي هذه الأيام بالذات تعرض الإدارة العامة لشرطة المرور مسرحية (العسكري الأبيض)، وهذه المسرحية وفي كل يوم أصبحت تبكينا ولا تضحكنا أبداً. سيدي النائب الأول لقد تفضلتم سيادتكم يوماً بإلغاء هذه الحملات، وكنتم سيادتكم نائباً للرئيس، واليوم وسيادتكم في قمة المسؤولية في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، لا أوصيك بنا خيراً فحسب، فالخير كله معقود على ناصيتك، وهي ناصية ليست كاذبة خاطئة، وإنما هي ناصية ساجدة عابدة. سيدي النائب الأول الصباح في حضرتكم طيب القسمات، فلماذا تصر الإدارة العامة لشرطة المرور بولاية الخرطوم على أن يكون الصباح غير ذلك، وتعلمون سيادتكم أن الصباح رباح، وقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق، فكيف تترك هذه الإدارة أن تبدل الصباح لدي أمة (الأمجاد)، ويصبح الصباح غير رباح، وأن يحمل (العسكري الأبيض) سيف الحجاج بن يوسف ويقطع الرؤوس التي أينعت وحان قطافها، أما الأرزاق فلا يستطيع (العسكري الأبيض) اليها سبيلاً فهي بيد الخلاق الذي لا نخشي منه ثمة إملاق. سيدي النائب الأول إننا وإياكم لا نريد أن نفسد بهجة السيد رئيس الجمهورية فخامة المشير عمر حسن أحمد البشير، بإفشال مخطط تحريك الشارع، هذه البهجة التي أعلنها خلال مخاطبته للجلسة الافتتاحية للمؤتمر التنشيطي العام للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، وذكر سيادته تماسك حزبه، وقال إنه تجاوز كل محاولات الاختراق والانهزام، وهو يواجه الجماهير ويعمل على حل كافة مشاكلهم، وأضاف نحن نريد المسؤول المنفتح على الجماهير، والمنفعل بقضاياهم، ويعمل على حل مشاكلهم ميدانياً خارج المكاتب، ونسعي لمجتمع خالٍ من الشوائب مؤكداً حرصه لتحقيق العدالة، ورفع الظلم من خلال إنشاء هيئات المظالم، وقال عندما يخجل المسؤول من مواجهة المواطن ومناقشة مشاكله حينها ستكون الدولة قد ضاعت.. انتهى قول الرئيس. ولكن يا سيدي النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه أن الإدارة العامة لشرطة المرور بدت وكأنها بدأت من حيث انتهى الرئيس عمر البشير، وإعلانه لإفشال مخطط تحريك الشارع، وتحولت مسألة تحريك الشارع بهذه الحملات الاستفزازية لمراجعة أوراق ترخيص المركبات العامة في هذا التوقيت بالذات، الذي تنضج فيه الأزمة السياسية على نار هادئة، بسبب ارتفاع الأسعار وفي هذا يقول خبراء ودهاقنة العلوم الأمنية، إن أبسط قواعد بسط الأمن في أي دولة يتهددها إرهاص نضوج الأزمة السياسية أن يبتعد النظام الحاكم فيها تماماً.. تماماً عن إثارة حفيظة الجماهير، ونحن هنا في السودان وللأسف الشديد نعيش هذا الإرهاص أو الهدوء الذي يسبق العاصفة الذي يحرك بعض المسؤولين تياراته الساخنة، التي يمكن أن تتجه في أي لحظة الى عين العاصفة، وعندها سوف يشتعل الحريق ويضيع كل شيء.. كل شئ تقريباً.. خاصة وأن الجماهير العريضة قد احتفلت في خواتيم الشهر الماضي بذكرى اكتوبر الأخضر الذي لا أظنه هذه المرة سيكون أخضر وإنما سيكون أحمر بلون البلازما، والملاريا، والجوع، وشظف الحياة، وأناة صراخات المسغبة التي لا تعرف المرحمة. أكتوبر الأخضر لن يكون ياسيدي النائب الأول هذه المرة أخضر، ولن يحمل ثواره أغصان النيم، وإنما سيبعثونها ذميمة.. ذميمة تضرأ اذاماً ضريتموها فتضرم لأنها هذه المرة لن تكون ثورة للحرية والعدل والمساواة والانعتاق من الضياع، وإنما ستكون ثورة للجياع مثل تلك التي تفجرت في الشارع المصري، ووسمها الرئيس الراحل أنور السادات ب (ثورة الحرامية) وما كانوا (حرامية)، وإنما كانوا جياعاً، وبما أن الجوع كافر كاد الثوار أن يكفروا ولكن العناية الالهية قد حفظت أرض الكنانة مصر، وأتمنى أن يحفظ الله السودان أرض كنانة السكر من الجوع والكفر والخطر، وخاصة مافتئ يوماً رئيسه والنائب الأول من وضع المعالجات الدائمة لحل مشاكل الجماهير، ولكن أين لي وبعض جهات الاختصاص في الدولة تحاول جاهدة هدم كل مايبنيه البشير وطه، وذلك بإثارتهم لحفيظة الجماهير، ومن ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر أزمة ارتفاع الأسعار.. ومضاربات العملات الحرة والدولار.. وتحويل المستشفيات من اتحادية الى ولائية، وخاصة ولاية الخرطوم التي لا حول لها ولا قوة، ورغم ذلك تم تحويل المستشفيات اليها، والولاية وكما هو معلوم لم تتوفق في إدارة الشفخانات التابعة لها، فما بالكم بالمستشفيات، وفي ذلك أقول إن واحداً أمروه أن يحمل (عتوداً)، فخرجت منه ريحاً صرصراً وقال: أنا (متعود) على حمل العجول. سيدي النائب الأول أن الحديث يطول ويطول عن المسائل الغريبة التي يقوم بها بعض المسؤولين في الدولة، وقد يكون ذلك عن جهل بأبسط القواعد الأمنية، وإن كانوا لا يعلمون فهذا أفدح من تلك، فهل يا ترى الإدارة العامة لشرطة المرور تعرف بحملاتها هذه أنها تفتح الباب واسعاً أمام إثارة حفيظة الجماهير، واليكم ياسيدي النائب الأول مشهدين متنافرين قلباً وقالباً المشهد الأول.. عبارة عن كمين تنصبه شرطة المرور لتوقيف المركبات العامة وتغريمهم .. (عسكري أبيض) يقف في قلب الشارع بصينية (القندول) بالسوق العربي، ويأمر بغلظة السائقين بالتوقف ودون سؤال عن الأحوال يأمرهم بمقابلة (جنابو)، وهو ضابط في مقتبل العمر برتبة ملازم أول وجنابو هذا لا يسمع ولا يتكلم، وإنما يكتب إيصالات المخالفات فقط لا غير.. شيخ ستيني كان يترجاه بقوة ألاَّ يكتب، ولكن جنابو ظل يكتب ويكتب، فما كان من الشيخ الستيني غير البكاء.. بكى الشيخ الستيني، ياسادتي بينما كان جنابو يكتب ويكتب إيصالاً آخر لضحية أخرى. المشهد الثاني ياسيدي النائب الأول في الصينية الواقعة شمال كبري الحرية.. عربة مدججة بالسلاح عليها ثلة من عساكر مكافحة الشغب تقف جاهزة على ميمنة الشارع، متحفزة لمكافحة اي شغب يمكن أن يحدث فجأة، فكيف سيدي النائب الأول أن تقف ثلة من رجال شرطة المرور وتدفع الشعب لإثارة الشغب، وهناك ثلة من رجال مكافحة الشغب يتحفزون لمكافحة الشغب. مما تقدم أرجو ياسيدي النائب الأول أن تصدروا أوامركم الصارمة بإيقاف عرض مسرحية (العسكري الأبيض) حتى لا يثور الشعب وينتفض.