قال الله تعالى (ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً) الطلاق (2) قال لي شيخي رحمه الله اختصر لك الأمر كله قلت نعم قال أنوي أن تتقي الله ما حييت وعاهد الله على ذلك وعاهدني وأشهد الله والله خير الشاهدين، تعاهدنا وقلت ربّي اعنّي على ذلك واحفظ لما بيني وبينك من عهد واجعل لي به المخرج من كل ورطة لي ولمن أريد بسبب كان أو بغير سبب. المخرج الأول: وقعت في ورطة كبيرة جداً إذ كنت ضابطاً صغيرًا في مباحث مطار الخرطوم وكنت في مناوبة الليل وكان مقرراً وصول الرئيس الأسبق نميري رحمه الله وقد وصل فعلاً في حوالي الساعة الرابعة صباحاً ودخل صالة كبار الزوار ترافقه السيدة حرمه وعدد من المرافقين وكان في طريقه الى أثيوبيا كنت قريبًا جداً منه وللمرة الأولى عندما بدأ القصف الكثيف من قوات المرتزقة لاحتلال مطار الخرطوم عليه غادر النميري بالسيارات على عجل وللأمانة الحقة والله لم يبد عليه أي أثر للخوف أو الاضطراب في هذا الموقف العصيب ولم تمر سوى ثوان معدودات بعد خروجه من المطار إلا واحتل المطار بالكامل ووقعنا في الأسر وكانت قوات المرتزقة عنيفة التعامل مدججة بالأسلحة الفتّاكة بعد ذلك قاموا بفصل المدنيين الذين يلبسون الزي المدني مثل الإطفاء وعمال الأرصاد الجوي والصحة بالمطار وغيرهم وقاموا بحجزهم في صالة المغادرين أما نحن فقد حجزنا لوحدنا في المكاتب الخلفية الداخلية للمطار وكنّا باللباس المدني مجموعة من الضباط والجنود وقررنا إخفاء البطاقات العسكرية ولكن لسوء الحظ وقعت بطاقة أحد الجنود في يد المرتزقة فأركعوه على الأرض وقرروا إعدامه ما لم يعترف ببقية زملائه من الضباط والجنود فأخرجنا جميعًا الواحد تلو الآخر ثلاثة ضباط وأربعة جنود بعدها أخذونا الى مكتب ضيق وانهالوا علينا بالشتائم وقالوا لنا أنتم كفرة ما قررنا احتلال هذا البلد إلا لأجلكم رغم أننا قلنا لهم نحن مجرد شرطة مدنيين لا نحمل سلاحاً ظللنا على هذا الحال وهم يتشاورون في مسألة إعدامنا الى صلاة الظهر عندها استأذنت المسؤول عنهم بأن يسمح لي بالصلاة وبعد إلحاح مني ورفض منه سمح لي بأن أصلي الظهر وكنت أعلم أن أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد وقلت اللهم إني متقيك وإني عاهدتك على ذلك ووعدتني بالمخرج أين المخرج؟ والهمني ربي له الحمد والشكر أن أذكر يا لطيف مع قول يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف فلما حزموا أمرهم على إعدامنا والتخلص منّا وأداروا ظهورنا إلى الحائط تشهدنا جميعاً وعندما بدأوا في تعمير السلاح جاء أحدهم وهو يركض ويصيح أوقفوا الضرب أوقفوا الضرب تقول الأوامر اوقفوا الضرب بعدها تبدل الحال وأحضروا لنا مالذ وطاب من مرطبات المطار ولكن للموقف والورطة الشديدة لم نلتفت لها رغم أنه يسيل لها اللعاب وهكذا نجونا بعد أن جاءت قوات النميري لاسترداد المطار عصرًا ورغم أننا بين نارين من كلتا الجهتين فالحمد لله والشكر لله على ذلك المخرج (ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً).