حراك جديد بدأ في المنطقة التي لم تهدأ أبداً منذ أن تمّ إدراجها في اتفاقية السلام الشامل وأفرد لها بروتوكول لحل قضاياها ولكن ظلت أبيي بمثابة الصفيح الساخن الذي يحرق كل من يلمسه وما بين الحين والآخر تندلع الاشتباكات وتجدد بعض المعارك الى أن حسمها الجيش السوداني ببسط سيطرته الكاملة على المنطقة ولكن في معادلة الصراع بالمنطقة يظل مواطنوها هم الحلقة الأضعف والتي ليس بيدها قرار لتعقل كلمتها المرهونة ما بين دولتين هما حكومة الشمال والجنوب بعد الانفصال وهم أهل الجلد والرأس وأصحاب الأرض والآن في حالة ترقب وانتظار لمآلات الحلول. بمركز دراسات المستقبل تمت إقامة ورشة حول دور قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك في أحداث سلام عادل وتعايش سلمي بمنطقة أبيي الباحث الأستاذ/ خالد إبراهيم علي الباحث والأكاديمي قدم ورقة كحل وخارطة طريق دون وصاية من الدولة أو الحركة الشعبية الذي رأى فيهم وصيين على المنطقة وسياساتهم هي التي أوصلت المنطقة إلى حالة الأحزاب وواقع السلام المفقود والتربص والعدوان المضاد وضياع حقوق الإنسان والاضطرار الى حياة اللجوء والنزوح وعدم الاستقرار والشعور بالخوف من المستقبل والبحث عن العدالة والأمن والسلام والبحث عن التعويض لما فقد من مال وممتلكات وحماية البيئة التي يعيش فيها وحيواناته ومزارعه وهويته وثقافته وأشار خالد إبراهيم إلى أن الحل يكمن في فهم طبيعة المنطقة ودراسة المنطقة ودراسة المجتمع بتنوعه الديني والطائفي والمذهبي والآيدولوجي والاقتصادي والسياسي والعرقي لتفادي القبلية والصراع السياسي ورتق النسيج الاجتماعي في مقابل سيادة المعتقدات القبلية واعتماد مفهوم التعايش السلمي في ظل التنوع والتمايز واحترام التعددية في التعبير عن نفسها والمشاركة على صعيد تسيير الحياة في مجتمعها الصغير وأكد على أسس هذا الاحترام الذي بحث أن يسود في المجتمع يرتكز على احترام المكونات الأهلية من عشائر وقبائل ومن خلال تعزيز القيم العشائرية الاجتماعية الايجابية ومن خلال احترام العشيرة وروابطها ونبذ العنصرية المنغلقة وكذلك إعادة النظر في الاوضاع الثقافية باعتبارها شاملة ومتداخلة في كل الأزمات التي تواجه المنطقة وتلبية الاحتياجات الثقافية من لغات محلية وعادات وتقاليد وفكلور وكل المكونات الاجتماعية وتوفير مدخلات الإنتاج لها وتقديمها مشيراً إلى أن تلك المبادئ والأسس ليست حديثة من زاوية تحديدها أو المطالبة بها إلا أنها لم تجد حظها من المطلوب في الاستيعاب داخل المنظومة التشريعية بهدف تأخير المجتمع ومؤسساته تجاه تحقيق أهدافه منوهاً إلى أن إدارة التنوع الديني مدخل لمعالجة أي خلاف وذلك بتبني مشروع يعبر عن كافة المواطنين من مسيرية ودينكا ودون أدنى تحيز أو تمييز قائم على أساس الدين!! وفي ذلك يرى الأستاذ/ خالد إبراهيم أن منطقة أبيي عانت من النزاع المسلح وتتطلب تحقيق حلول تشريعية استثنائية ومتميزة تستوعب احتياجات المرحلة التاريخية التي يمر بها السودان دون إغفال للجانب الدولي المطلوب في تطبيقات حقوق الإنسان وباستصحاب خصوصية المنطقة ومجتمعها الذي تحاول الخروج منه من دائرة الحرب لبناء المجتمع السلمي وحتى يتحقق ذلك لابد من تثبيت بعض الحقوق والحريات التي تستوعب احتياجات إدارة التنوع الاجتماعي والسياسي والديني في المنطقة والتي يتطلب وجودها بشكل خاص بعد انفصال جنوب السودان وهي حق العدالة ويتم بإنشاء عدالة مستقلة ونزيهة تصون وترد الاعتبار لضحايا النزاعات المسلحة وتعزز سيادة القانون لتهدئة الرغبة في الانتقام والثأر بالإضافة إلى حق الأطفال والنساء والشيوخ في الحماية وحق المسنين والمعاقين بسبب ظروف الحرب في الرعاية والاهتمام وحق النازحين واللاجئين والمتشردين في العودة والاستقرار!! من جانبهم أكد المعقبون على العريضة على أهمية التعايش السلمي والحل الشعبي للمنطقة للخروج من عنق زجاجة الأزمة وأجمعوا على أن التدخلات الخارجية أيضاً لعبت دوراً في تأجيج الصراع لمصالحها الخاصة ولأهمية المنطقة من حيث توافر الموارد الطبيعية خاصة البترول. الأستاذ/ رمضان مليك من إدارة المجتمع المدني أكد على أن القضية أكبر من أن تحل بالندوات وأنها لابد أن تؤول إلى أصحاب المصلحة وهم قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك وإبعاد تأثير الدولة والحركة الشعبية والاحتكام لرأيهم في العبث بسلام وتقاسم الثروة!! الأستاذ مينانق تحدث عن استحقاقات السلام الاجتماعية في منطقة أبيي وركائزها الديمقراطية والحكم الراشد وسيادة القانون والعدالة والعدالة الانتقالية وحرية التعبير والتنظيم للوصول إلى حل جزري واستقرار وتنمية بالمنطقة!! وتبقى قضية أبيي من القضايا العالقة في ملف السلام رغم انتهاء أجل اتفاقية السلام الشامل في ظل التدخلات الخارجية التي تدير حربها على طريقتها للتأثير على دلالات التوجهات السياسية لمن يلعبون الأوراق لصالحهم ليس خيار أهل المنطقة يظل بعيداً عن الحسابات السياسية في حين أن التاريخ يجد لهم الحق في المطالبة بما يدور ويطلبون وهم أصحاب المصلحة والتاريخ المشترك والتنوع المختلف في ظل وطن واحد وحتى لا يبقوا في حيرة لانتهائهم لأي جزء في السودان شماله أو جنوبه على الحكومة والحركة أن تضعا هؤلاء في الحسبان وفي الاتفاقات التي يمكن أن تحل القضية. وأنه لا أحد يمتلك حقاً في التحكم على الآخرين بل إن قاعدة تأمين حقوق المواطنة لجميع السودانيين هي الأساس والطريق الثالث لخيارات الحلول بقضية أبيي فهل يؤدي الطريق الثالث إلى نهايات وملاذات آمنة!!