أمضيت عشرة سنوات من عمرى فى سلطنة عمان مستشاراً إعلامياً وتابعت حركة النهضة الحديثة التى قادها جلالة السلطان قابوس بن سعيد فى كل مجالاة الحياة حتى أصبحت سلطنة عمان فى مصاف الدول المتطورة تنموياً. وخلال وجودى هناك تعرفت على مستشار بريطاني كان يعمل خبيراً فى وزارة النفط والمعادن فحكى لي أن السلطان قابوس كان مولعاً بالموسيقى الكلاسيكية وكان يزوده بالأسطوانات الكلاسيكية قبل أن يتولى مقاليد الأمور بعد وفاة والده السلطان سعيد بن تيمور. ومنذ ذلك الوقت والسلطان قابوس يحلم بإنشاء صرح للموسيقي الكلاسيكية العزيزة على قلبه وتحفة معمارية تربط بين الثقافة الإسلامية والموسيقى العالمية. وتحقق هذا الحلم وتم تشييد دار الأوبرا فى مسقط، وهي الأولى من نوعها فى منطقة الخليج، بتوجيه وبمتابعة شخصية من جلالته المعروف بحبه للموسيقى الكلاسيكية، مع طابع معماري عماني يحاكي نمط القلاع التاريخية والقصور السلطانية الحديثة. دار الأوبرا ترتفع بلونها الأبيض كقلعة تجمع بين الضخامة والرقة في مقابل مبنى وزارة الخارجية العمانية على الشارع الرئيسي في مسقط. وُصممت الدار حسب نمط العمارة العربية والإسلامية، كما أن شكلها الخارجي مستوحى من نمط القلاع العمانية. وتحتل الدر مساحة 80 ألف متر مربع وتشغل الأشجار والمسطحات الخضراء نصف هذه المساحة، مما سيوفر أماكن فسيحة للتنزه والجلوس. ويسعى القيمون على دار الأوبرا السلطانية إلى عدم إقتصار برنامج الصرح على العروض الأوبرالية والموسيقية فقط. فهناك خطط عديدة لعقد ندوات ومحاضرات وورش عمل في مختلف مجالات الثقافة والموسيقى بشكل عام. كما ستستضيف الدار فعاليات مختلفة عالية الجودة. وكلفت شركة ثياتر بروجيكت كونسالتانتس البريطانية بإعداد التصور الأولي للمشروع ثم ُصمم المسرح من قبل شركة ويبمرلي آليسون تونغ آند جوو. وتعتمد دار الأوبرا العمانية أعلى المعايير العالمية في مجال تقنيات الصوت، كما أن مقاعد الجلوس في قاعة المسرح ستكون قابلة للتعديل وفقا لنوعية العرض سواء كان أوبرا أو عرض مسرحي أو حفلاً موسيقياً. كما يمكن تحريك خشبة المسرح وفقاً لعدد أفراد الأوركسترا، وفي حال تقديم عروض موسيقية يتم تعديل المقاعد ليتسع المسرح لنحو 1,100 شخص كحد أقصى. أما بالنسبة إلى عروض الأوبرا التي تتطلب توسيع الخشبة، فبالإمكان تخفيض سعة المقاعد إلى 850 فيزود المسرح بالتالي ببرج علوي بإرتفاع 32 متراً لتسهيل التشكيلات المسرحية. وقد أُفتتح الموسم بحضور جلالة السلطان و500 شخصية مع رائعة جياكومو بوتشيني الأوبرالية توراندو التي تقدم بإخراج جديد وضعه خصيصاً لأوبرا مسقط المخرج الإيطالي الشهير فرانكو زيفيريلي. ثم تتوالى في الموسم فعاليات ضخمة تشمل حفلاً خاصا للتينور العالمي بلاسيدو دومينغو الذي سيقدم عملاً بعنوان دومينغو يغني لعمان، بالإضافة إلى حفلات للسوبرانو رينيه فليمينغ ولفرقة المسرح الأميركي للباليه التي ستقدم دون كيشوت، وللتينور الإيطالي اندريا بوتشيلي، ولعازف التشيلو الصيني الأميركي يويو ما الذي سترافقه أوركسترا لندن الفلهارمونية. وستشارك في الموسم المغنية اللبنانية ماجدة الرومي وأوركسترا لينكولن سنتر التي تقدم موسيقى الجاز. ومن المتوقع أن تكون الأوبرا السلطانية معلم جذب سياحي بارز، إذ يضم المشروع سوقاً لعرض الفنون التشكيلية والمنتجات اليدوية والحرفية التراثية، بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي ومحلات التسوق ومواقف للسيارات والساحات الخضراء.